بشر شبيب: متهم

0

متهمٌ إذا نطقت

ومتهمٌ إذا صمت

ومتهمٌ إذا سطعتْ على

ظلمائهم شمسٌ وطيفُ سنا

ولي من ليسَ يرغبُ أن أكونَ أنا

ولي قمرٌ أعاتبهُ

وجارٌ لا يحبُّ الشعرَ يكرهني

ولي امرأةٌ تموتُ عليّ

تسكنُ في ربوعِ القلبِ

تملأ بالندى دربي

ووالدةٌ تقيمُ الليلَ تدعو لي

وبابٌ موصدٌ في البيتِ أخفي خلفهُ ظلي

ولي عددٌ من القرّاء

أبني عبرهم وطنَ

شديدَ الدفءِ

لا بردٌ .. ولا فقرٌ ..

ولا طفلٌ يعيشُ ضنى

ولي خمسونَ مقبرةً

وراءَ البحرِ لا تستقبلُ السفنَ

ولي نفسي ولي حدسي

ولي أزلٌ يطاردني

وأرواحٌ تحومُ تحومُ لا تنفكُّ تتبعني

وأجري من ظلالِ الموتِ

أجري نحوهم وأنا

كأني متُّ قبلَ اليومِ

أو ما عشتُ قَطُّ هنا

وكم أحتاجُ أن أبكي

بلا شِعرٍ ولا وزنٍ يسيلُ الليلُ من شكِّ

فماذا يستطيعُ الشعرُ يا غرباءُ!

ماذا البحرُ.. ماذا اللفظُ قد يحكي!

لمن عاشوا بلا جدوى

وماتوا دونما جدوى

كأنّ العمرَ مرَّ سُدى

لمن ما استوطنوا في الأرضِ لا أرضاً ولا كفنَ

ومن ذا تستطيعُ يديهِ أن تستوقفَ الزمنَ

بلادٌ منذُ أن طلعتْ

عليها الشمسُ، ما زرعتْ

وما حصدتْ

وما تركتْ على قيدِ الحياةِ منى

وما كتبتْ قصيدةَ حب

ما نجحتْ سوى في الحرب

فمن يعطي لمن لم يُمنحوا بَدَنَ

بلاداً ما بها موتٌ ينامُ على ضفائرها

وأرضاً ما بها خوفٌ يطاردها

يطيرُ الطيرُ في آفاقها طرباً

ويحبو الطفلُ فوق ترابها

ويخطُّ في وديانها مُدنَ

ومن ذا يرفعُ المحنَ

إذا ما ضيّعتْ وطنَ!!