في المقهى
الذي قصدتهُ اليوم أربعةُ زبائن
أحدهم، يقرأُ جريدةً محلّية،
بدا لي واضحاً
أن الحرب على الأبواب،
من خلال رأسهِ التي راحت تتدحرج
بين الصفحات
من انفجار إلى انفجار،
وعينيه اللتين
تقتنصان الأخبار بدقة
وتتابعان عن كثبٍ سير العمليات،
وسيجارته التي ترسم
فوق الطاولة سحابةً من الدخان،
وشفاهه التي
بدأت بشرب القهوة بعد أن تلقت من دماغه أمراً بالهجوم،
الآخر، يتحدث على الهاتف
بصوتٍ منخفض،
ربما كانت عشيقتهُ!
لأن يدهُ اليسرى راحت تزيح
الشرشف من
على الطاولة شيئاً
فشيئاً،
لتداعب اليمنى بحركةٍ
شبه دائرية خاصرة الفنجان، علّها
تنجبُ طالعاً جميلاً
يشبهُ وجه أبيه الذي كان قد
تعرّى تماماً من ثياب الرعشة بعد أن انقطع الاتصال!!
الثالث، أظنهُ قاضٍ في وزارة العدل
فهو طاعنٌ حتى في السنّ!!
يبدو لي
أن ضميرهُ كان
غائباً عن الدعوى القضائية
التي رفعها الله ضده،
لذا، لم يستطع عزرائيل
أن يقبض روحهُ ويزجَّ بها في جهنم حتى الآن!!
أما الرابع، فأظنهُ أنا، لأني
وعلى الورقة التي
كتبتُ فيها هذا النص الأعمى،
نسيتُ مفتاح بيتنا ونظارتي السوداء