ياسر الأطرش
شاعر وإعلامي سوري
مجلة أوراق العدد 12
الملف
*سؤال الثورة لا ينطفئ ولا يدركه غياب، عند المثقف تحديداً، فالتغيير مهمة ترافق الكاتب والفنان، التغيير في مطلقه، سياسياً واجتماعياً وفنياً… الآن توطدت أكثر مقولة إدوارد سعيد إن مهمة المثقف في الدرجة الأولى هي إزعاج السلطات.. هذا يضمن قدراً كبيراً من الحركية وعدم العودة إلى دائرة الخمول والاستسلام، أو حتى الحياد، وهذا يشمل أيضاً كل السلطات بما فيها تلك التي يفرزها “الحلفاء” أو قوى المعارضة، وبالتالي فإن سؤال الثورة يأخذ منحى أكثر صوابية واستمرارية إذ يشمل كل الأخطاء والمخطئين.
حسابات الربح والخسارة، تختلف من شخص إلى آخر، ناهيك عن الحالة الحزبية والحسابات العرقية والمذهبية والدينية وحسابات التجار.. هذا كله يجعل المنخرطين في هذه الجماعات في حالة شد وجذب، بين رؤيتهم الشخصية التي غالباً تميل إلى الحالة المثالية في التغيير وصولاً إلى الأفضل، وبين الرؤية الجمعية أو الجزئية التي تحرجهم وتقودهم أحياناً بدوافع عاطفية براغماتية..
متى ما توقف المبدع عن الرغبة بالتغيير والعمل من أجله، يستحسن أن يعلن توبته عن الكتابة واعتزالها، فهو هنا ليس مجرد فجوة حيادية وحسب، بل هو قوة معطلة تشد العربة إلى الخلف.. إن امتحان المثقف والمبدع لنفسه ليس فيما ينتجه وجودته وأهميته الفنية فقط، وإنما في انحيازه الدائم والفاعل للإنسان وقضاياه، بلا تحيز ولا انتقائية ولا تناقض، وهذا لا يكون إلا بالاستقلالية الكاملة والتحرر التام من لوثات الانتماءات الضيقة، والاستعداد لدفع الأثمان المترتبة على الموقف، فالمواقف الكبرى لم ولن تكون مجانية أبداً.