السيميائيات بين الأصول التقعيديّة والبنية المصطلحيّة

0

ياسين الخلطي، باحث من المغرب العربي، ماستر في اللسانيات وسنة ثالثة دكتوراه بكلية التربية في الرباط.

أوراق 19-20

دراسات

 إذا ما نظرنا إلى العالم الكوني الذي يحيط بنا، وجدنا أن هناك مجموعة من الإشارات والرموز، تحيل على دلالات كثيرة. لكن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى تلك المعاني والدلالات، كونه يكتفي بالمعطى المباشر؛ الذي يبقى متقوقعا داخل التجربة المادية والعادية؛ التي لا تتجاوز حدود النظرة البيولوجية للعين المجردة.

ولأن هذا الإنسان يسعى إلى التطور والرقي المعرفي والعلمي، قام بتأسيس علم يعينه على فضوله المعرفي، لِكُنه مكنونات الأشياء المحيطة به هو علم السيميائيات؛ الذي يُؤول كل معطيات التجربة الإنسانية؛ عبر إدخالها في عوالم مجردة  تتقابل مع عالمها المباشر.  يقول سعيد بنكراد بهذا الصدد” وليست الإحالات الدلالية المتنوعة، وطرق إنتاجها وسبل تداولها واستهلاكها؛ سوى حصيلة حركة (ترميزية)، دفعت الإنسان إلى التخلص من عبء الأشياء والتجارب المباشرة اللصيقة بالزمان والفضاء، وقادته أيضا إلى بناء عوالم متحررة من قيود الواقع وتأليفاته المحدودة”(1)؛ وهنا يظهر جليا أن السيميائيات، تحول الواقع إلى مجموعة من الرموز، تعلق من قيمة المعرفة، كون الأشياء عندما تصل إلى درجة اعتبارها رمزا، تصبح أكثر تعبيرا، وتساهم في تقويم التجربة الإنسانية، لأنها تتبنى العديدة من الدلالات والمعاني؛ التي لا تبقى ثابتة على تأليفات الواقع النسبية. يضيف امبرتو إيكو إلى هذا الكلام ” وجود المجتمع ذاته رهين بوجود تجارة للعلامات، فبفضل العلامات استطاع الإنسان أن يتخلص من الإدراك الخام، وأن يتخلص من التجربة الصافية”(2). هذا ويمكن القول، إن العلامة تتقاطع مع الرمز في فقه كينونة الأشياء المعزولة عن الواقع الحسي، إلا أن العلامة تتميز باعتبارها قطب الرحى لعلم السيميائيات، لأننا لا نستطيع أن نخوض في غمار هذا العلم في معزل عنها، كما سنعرض  بكل تفصيل في محاور هذا المقال.

     وإذا ما أردنا التعرف أكثر على علم السيميائيات، وجب علينا أن نتعرف على الأسس الفلسفية التي ساهمت في بناء صرح هذا العلم، حيث يضيف سعيد بنغراد في السيميائيات “أنها علم يستمد أصوله ومبادئه من مجموعة كبيرة من الحقول المعرفية كاللسانيات والفلسفة والمنطق والتحليل النفسي والأنثروبولوجي، ومن هذه الحقول استمدت السيميائيات أغلب مفاهيمها وطرق تحليلها”(3)، وهذا يوضح سعة  مرجعيات السيميائيات، كونها تهتم بكل ما يمكن أن يعينها على فهم التجربة الإنسانية. فاللسانيات والمنطق بخاصة، سيكونان من أبرز المرجعيات التي استندت إليها، كما سنرى مع كل من فردناند دو سوسور، وشارل ساندرس بورس.

   – سيميائيات فيرديناند دو سوسور:  

     قد يبدو من الغريب أن نتحدث عن العالم السويسري فرديناند دو سوسور(1957م- م1913) داخل علم السيميائيات، لأننا اعتدنا سماع هذا الاسم داخل حقل اللسانيات، بفضل محاضراته التي نشرها تلامذته. ولكننا سنكون مخطئين إذا ما اعتبرناها مجرد دراسات لعلم اللسان، لأنها تحمل في طياتها مبادئ تبشر بظهور علم السيميولوجيا (كما سماه هو)، إلى درجة أن هذه المبادئ لعبت دورا هاما، في جعل سوسور رائدا لعلم السيميولوجيا في أوروبا.  لكن ما يميز سوسور عن العالم الأمريكي شارل ساندرس بورس، هو اعتماده على معطيات لسانية، ليبلور لنا علم السيميائيات.  حيث يقول” نحن نناقش إذا ما كانت اللسانيات تنتمي إلى نظام العلوم الطبيعية أم إلى العلوم التاريخية،  ولكن هي لا تنتمي إلى أي من الاثنين، إنما تدخل إلى حجيرة علوم، لم توجد بعد، ويجب أن توجد تحت اسم السيميولوجيا، بمعنى علم العلامات”(4). بهذا الكلام أوضح سوسور أن السيميائيات مرتبطة أشد الارتباط باللسانيات، مما يجعلنا  ننظر إليه كعلم للسيميائيات، وذلك لتقاطعه مع هذا العلم، فقد ذكر في النص أعلاه أن السيميولوجيا علم لم يوجد بعد في زمانه، إنما بشر به، وما يؤكد هذا هو تعريفه للسان بقوله:” إن اللسان نسق من العلامات المعبرة عن أفكار، وهو بذلك شبيه بأبجدية الصم والبكم وبالطقوس الرمزية ، وبأشكال الآداب والإشارات العسكرية، إنه يعد أرقى هذه الأنساق، ومنه تأتي إمكانية البحث عن علم يقوم بدراسة هذه العلامات داخل الحياة الاجتماعية(…). ويمكن أن نطلق على هذا العلم السيميولوجيا، وستكون مهمته التعرف على عمق العلامات، وعلى القوانين التي تحكمها. وبما أن هذا العلم لم يوجد بعد، فإننا لا نستطيع التنبؤ لا بجوهره ولا بالشكل الذي سيتخذه”(5)، وهذا اعتراف صريح من سوسور، بأن علم السيميولوجيا لم تظهر قواعده بشكل جلي في عصره.

    وإذا ما أمعنا النظر في النص الأخير لسوسور، وجدناه يتطرق إلى موضوع آخر، يدخل في صلب ما سنتحدث عنه في علم سيميولوجيا ، ألا وهو موضوع اللسان. فهذا الأخير باعتباره مفهوما لسانيا، لا يعدو أن يكون نتاجا اجتماعيا، يشتغل خارج دائرة الفرد، إذا ما ربطناه بالمنطلقات السيميائية  عند سوسور ، لأنه وظفه في هذا العلم بمنظور جديد، رغم أنه احتفظ بالأسس الرئيسة للسان؛ التي تجعله يتوافق مع مفهوم العلامة، التي ذكرها في معرض تعريفه للسان. حيث اعتبره نسقا من العلامات المعبرة عن أفكار، وأرقى الأنساق الموجودة في الكون، لأنه الأداة التي تجعل العالم يحضر بمعطياته المادية وغير المادية، في أذهاننا على شاكلة ما نسميه بالفكر، واللسان وحده الذي يتميز بهذه الخاصية؛ عكس الأنساق الأخرى، لأن قوانينه وقواعده قابلة للعزل والتصنيف، كونه نسق من العلامات. كما يقول سعيد بنغراد:” فاللسان باعتباره نسقا مستقلا يتميز بالانسجام والوحدة، فهو أكثر الأنساق قابلية للوصف، وأكثرها قابلية لأن تشتق منه قوانين وقواعد سهلة التعميم والتداول. إنه ليس جوهرا، فهو نسق شكلي يتكون من علامات من طبيعة خاصة”(6)، ومعنى هذا الكلام أن قوانين اللسان نستطيع أن نخرجها، لنجعل منها معايير قابلة للتطبيق على معطيات التجربة الإنسانية، لفهم مضامينها الخفية.

    ومن خلال ذلك فاللسان يشتمل على تمفصلين، يعينانه على كشف مكونات وخبايا العالم الخارجي، فهو حصيلة تواضع الجماعة اللغوية فقط، وليس هناك أي قانون منطقي يحكمه. فالدال هو الصورة السمعية والنطقية التي يمفصلها جهاز النطق، وهو يختلف حسب المنظومة اللغوية التي ينتمي إليها، أي إن الذات المتكلمة حرة في انتقاء الدوال، مادام أن اللسان يشتغل خارج الرمزية الصوتية. والدال لا يكتفي فقط بالعناصر الصوتية، بل هو مرتبط بالضرورة بالجانب النفسي، يقول سعيد بنغراد ” الدال هو البصمة الصوتية التي تلتقطها الأذن، والجانب المادي الذي أحدثه”(7)، أي إنه خاضع للدواخل النفسية للباث. إن الدال من جهة أخرى، هو تمثل للواقع المادي المحسوس، في شكل تمفصلات صوتية، فبفضله نستطيع أن نعبر بكل أريحية عن أشياء العالم الخارجي”.

   بالإضافة إلى الدال، هناك تمفصل آخر هو المدلول، يستند على الصورة الذهنية التي ترسم في ذهن الشخص، والتي تشمل الأبعاد الواقعية أو المتخيلة للمحيط الخارجي، وذلك بتحويل هذه الأبعاد من جانبها الملموس، إلى جانبها التصويري المجرد، لأن الأشياء لا تحضر في الذهن إلا مادة؛ أي إن المدلول يصوغ الوقائع الموضوعية صياغة تجريدية، تجعل الأشياء تحضر وفق سياقات متعددة.

      إن الرابط بين الدال والمدلول هو مبدأ الاعتباطية، الذي يعني حسب بنغراد: “الطابع الثقافي الذي يحكم الظواهر المكونة للتجربة الإنسانية في كليتها”(8)، فهي تتعارض مع الطبيعة التي تتميز بالثبات والإطلاقية، لأن الاعتباطية ليس لها ما يبرر وجودها في العقل والمنطق؛ إنما هي تلك التواضعات التي أجمعت عليها الجماعة اللسانية، إذا ما ربطناها بحقل اللسانيات، والتي تقابلها الأعراف والتقاليد في المحيط الإنساني ككل، فهي مجرد ثقافة أضيفت للأصل الذي هو الطبيعة. فالاعتباطية تحكم جميع الأشكال التعبيرية التي يعتمدها الإنسان، في إيصال تجربته، والإخبار عنها.

     تلك إذا هي المبادئ التي اعتمدها سوسور، للكشف عن علم السيميولوجيا، والذي تعتبر الاعتباطية الركيزة الأساس فيه، إذ يجعلها الميدان المحوري لهذا العلم، وفي هذا السياق يقول بنغراد: ” موضوع السيميولوجيا هو الأنساق ذات الطبيعة الاعتباطية”(9)، ورغم هذا الرأي فإن العديد من السيميائيين لا يتفقون مع العالم السويسري، لأنهم يقولون بضرورة الأنساق غير اللسانية؛ كما هو الشأن بالنسبة للصورة، بالتالي لا يمكن أن نعتبر الاعتباطية موضوعا للسيميائيات، كما سنرى في الشق المهتم بمفاهيم هذا العلم.

    إن ما يميز سوسور في مجال السيميولوجيا، هو تطبيقه لقواعد المفاهيم اللسانية؛ كاللسان والدل والمدلول…، على حقول غير لسانية، تعتبر علامات دالة حبلى بصيرورة تعبيرية كبيرة، ستظهر لنا بشكل واضح مع بورس. فاللسان مثلا؛ قادر على أن يؤول كل الأنساق بفضل قوانينه التي تحدثنا عنها، والتي توظف لفهم الصورة ودلالات الإيماءات، وغيرها من الأنساق التي تقع خارج دائرة اللسانيات. لأن هناك لغات بخلاف اللسان، تتميز بمنطقها وتركيبها وطرقها في إنتاج الدلالات.

    هذا ويمكن القول، إننا حاولنا استيفاء الخصائص التي تميز سيميولوجيا سوسور؛ والتي كانت البداية لظهور علم السيميائيات، الذي سيشتغل عليها بورس في أمريكا بمنطلقات فكرية جديدة.

سيميائيات شارل ساندرس بورس:

   كان “شارل ساندرس بورس” (1839-1914) بدوره من أبرز رواد علم السيميائيات، هذا العلم الذي يتميز بازدواجية نشأته؛ حيث كانت النشأة الأولى مع سوسور كما ذكرنا سابقا، وسنرصد في هذا المحور نشأته الثانية مع هذا العالم والفيلسوف الأمريكي، الذي استند على منطلقات سيميائية محضة، تستمد أصولها من مجموعة من العلوم، كما سنوضح في محطات المقال بكل تفصيل.

   قبل أن نلج إلى الأفكار السيميائية لهذا العالم، وجب علينا أن نسلط الضوء على مراحل حياته؛ لكي نتعرف البنية المعرفية التي ساعدته على استنباط قواعده السيميائية. فبورس كان موسوعيا في معرفته، حيث قال في نص شهير له ” لم يكن في وسعي أن أدرس أي شيء سواء تعلق الأمر بالرياضيات أو الأخلاق أو الميتافيزيقا أو الجاذبية أو الديناميكية الحرارية أو علم البصريات أو الكيمياء أو علم التشريح المقارن أو علم الفلك أو علم النفس أو علم الأصوات أو الاقتصاد أو تاريخ العلوم، وكذا الويست (لعبة الورق) والرجال والنساء والميثولوجيا، إلا من زاوية  نظر سميائية”(10)،وهذا النص يوضح تماما الكم المعرفي الهائل عند بورس، وهو لم يأتي من فراغ، كونه ابن العالم الكبير وأستاذ الرياضيات “بنجمان بورس”. زيادة على هذا فقد  حفظ بورس عن ظهر قلب كتاب “كانط” “نقد العقل الخالص”، ففلسفة هذا الأخير تشكل ركيزة أساسا في تصورات بورس السيميائية. أما بشأن المسيرة الدراسية لبورس، فقد تابع دراسته الجامعية، بجامعة “هارفرد” في التخصصات الرياضية

والفيزيائية والكيميائية، حيث حصل على الشهادة العليا سنة 1860.

   ومن أشهر ما خلفه بورس قبل وفاته “أوراق متفرقة”، وهو عبارة عن مجموعة من الرسائل التي ضمنها كتاباته السيميائية، حيث كان يرسلها إلى السيدة “ليدي ولبي”، التي كانت تهتم بقضايا المعنى والتأويل وإنتاج الدلالات، فهي بدورها حاولت تأسيس علم للدلالة يكون دقيقا. ولكن الغريب في سيرة بورس، أنه لم ينشر له عمل وهو على قيد الحياة؛ فكل كتاباته نشرت بعد وفاته.

    بعد هذه اللمحة الطفيفة حول حياة بورس، سنعكف على تبيين الأصول المعرفية والعلمية، التي استند عليها لخدمة رؤيته السيميائية، والتي سنركز فيها أولا على علم المنطق، الذي يعتبره بورس تسمية أخرى للسيميائيات. فالمنطق يعتمد على الدراسات العلمية الرصينة، التي لا تقبل الشك على الإطلاق؛ فقواعد هذا العلم قابلة لأن تشمل التجربة الإنسانية، كونها تستطيع الوصول للدلالات المتعددة في هذه التجربة. وما يؤكد تأثره بعلوم المنطق؛ تخصيصه مقالات يتحدث فيها عن المنطق عند العالم المنطقي والرياضي “جورج بول”؛ الشيء الذي يبين مدى توافق هذا العلم مع منطلقاته السيميائية، فالعلمين معا يشملان جميع الرموز، يضيف طائع الحداوي  إلى هذا الرأي” فإن الذي يسترعي النظر هو أن قواعد المنطق بالنسبة لبورس، تنطبق على الرموز الخارجية”(11)، فقواعد المنطق قابلة للوصف والتعميم، لأننا يمكن أن نصنفها مع شبيهاتها؛ كمبادئ اللسان التي تحدثنا عنها سابقا. فالسيميائيات كما يقول أحمد يوسف “لغة واصفة أو قول شارح  بلغة القدماء فهي تتطابق مع المنطق في هذه الصفة لكونها أرغانونا حسب أرسطو أو علما حسب الدعوى الرواقية فيمكن تطبيقها على كل أنماط العلامات، ولهذا نعتقد أن المنطق الواصف هو الذي يرادف الجبر السيميائي”(12)؛ وهذا يبين العلاقة الحميمية بين العلمين، فهما أرغانونان (أداتان) قابلتان للتطبيق على مختلف العلامات للكشف عن خباياها، فقد تأثر بورس بشكل كبير بالمنطق عند أرسطو، الذي كتب عنه (المنطق) هذا الأخير في كتابه “الأرغانون”. فالمنطق أصبح أداة لمعالجة الدلالة وإشكالية المعنى، عكس ما كان يعتقده المناطقة العرب ، الذين اعتبروه آلة تعصم العقل من الزلل أثناء نشاطه الفكري، زيادة على هذا كان يسعى بورس من خلال المنطق إلى البحث عن تفسير للظواهر وعللها، لاستكشاف الحقيقة استكشافا منهجيا، بعيدا عن التأملات التي تتعارض وظواهر الواقع المعقول. فالتفكير المنطقي لا يتولد من التعريفات والقضايا فقط، كما كان متعارفا في المنطق التقليدي، ولكن يعتمد على السيرورات التي تساهم في بناء المقدمات ووضع النتائج الدلالية، بمعنى آخر إنه يعتمد على السميوزيس؛ أي السيرورة الدلالية اللامتناهية، والتي تعتبر صلب موضوع السيميائيات كما سنرى لاحقا. وإذا ما أردنا الغوص أكثر في غمار علم المنطق؛ فرض علينا أن نتحدث عن علم الرياضيات، فهما مرتبطان أشد الارتباط؛ في علاقة تتأسس على التبعية، يكون المنطق فيها هو المتبوع. لكن ما يميز سيميائيات بورس في استيفائها من علم الرياضيات؛ هو توجهها نحو العناصر الأساسية للجبر، دون إعارة الاهتمام لحل المسائل وجعل الاستدلالات الحسابية عمليات ثانوية، حيث شيد بورس جبرا للعلامات؛ يتأسس على التعامل مع تلك الأخيرة، على أنها تمثيلات ومعان وقوانين وأفكار.

     وهناك مرجعيات أخرى لعلم السيميائيات، لا تقل أهمية عن سابقاتها، إذ تشكل أسا قويا في تصورات هذا العلم، ألا وهي المقولات الفانوروسكوبية أو الظاهراتية، فبورس عندما أراد أن يعرف العلامة، ذكر أنها وجه مرئي لقاعدة فلسفية ترى في التجربة الإنسانية كلها، كيانا منظما من خلال مقولات ثلاث هي الركيزة الرئيسة التي تستند عليها الفانوروسكوبية وهي: الأولانية والثانيانية والثالثانية، وأما بخصوص مجال اشتغالها فيقول طائع الحداوي ” فموضوع هذه المقولات هو، إذن، كلية التجربة البشرية بتشعباتها ومنعرجاتها ومستويات مجاريها و هيكلتها الفردية والجماعية، بتأثيرها الآني والتطوري، بضروب الأسئلة التي تستفهم بها معطيات هذه التجربة مساقاتها المختلفة وباختصار، فكل الظواهر، وكل ما هو معطى في التجربة يمكن أن يدرك انطلاقا من هذه المقولات الأساسية”(13)، فانطلاقا من هذه المقولات الثلاثة، يكون السبيل إلى كشف مجمل مكنونات التجربة الإنسانية، لأنها الأساس الذي يشكل عمق السيرورة  المنتجة للإدراك والفهم الإنساني، لكن كل واحدة من هذه المقولات تنفرد بمعنى خاص بها.

     فالأولانية تعني الوجود الذي يكمن في وجود الشيء في ذاته خارج أي سياق أو تحقق، وهي تحيل على سلسلة من الأحاسيس والنوعيات، المنظور إليها في ذاتها، أي أننا عندما نتحدث عن الحزن واليأس مثلا، لا نستطيع أن نصف هذه الأحاسيس بمعزل عن شخص حزين أو يائس، فهي تحتاج إلى ما يجسدها ،وبالتالي فإن هذه المقولة تتسم بطابع الغموض والإبهام، لأن جميع الأمور المؤسسة  لها تبقى منحصرة داخل الاحتمال والافتراض في غياب تجسيد فعلي لها، فالأولانية هي الأول والبداية التي تتميز بالحرية واللامحدود.       

        أما الثانيانية  فيعرفها بورس بقوله “نمط وجود الشيء كما هو في علاقته بثان دونما اعتبار لثالث، إنها تعين وجود الواقعة الفردية”(14)، فهي عنصر ثان ينقل الأحاسيس من وضعها الأصلي إلى عنصر داخل علاقة مع شيء آخر، أي إنها تجسد عنصر الأولانية، كقولنا في الأحاسيس مثلا، رجل حزين أو يائس، يقول طائع الحداوي ” بما أن الأول ليس أولا بإطلاق إذا فكر فيه ثان، كذلك لكي نفكر في ثان وكماله ينبغي أن نبعد كل ثالث”(15)، وبالتالي فهي تقليص للاحتمال والإمكان، وإدخال للوجود في الفضاء والزمان، بحيث يكون فعليا وبعيدا عن الغموض.

      لكن هاتين المقولتين لا تشكلان الأساس لفهم التجربة الإنسانية، فهما تحتاجان إلى ثالثة تكون الوسيط بينهما، هي الثالثانية، لأنها تشكل القانون والقاعدة اللذين يحيا داخلهما الإنسان، فعندما نقول أن الرجل حزين أو بائس، فإننا نعلل سبب هذا الحزن أو اليأس، بوضع قانون يؤدي بالضرورة إليهما، :أن نقول كل من يفقد أمه يكون حزينا، بمعنى أن الثالثانية هي العادة التي تسمح بتأويل سلوك معين.

 المبحث الثالث: العلامة والمعنى

     بعدما تتبعنا المراحل التاريخية التي قطعها علم اللسانيات ليستوي على عوده، أصبح من الضروري الحديث عن موضوعه، وذلك لإرساء علميته، ولكي نخرج من دائرة الغموض، وذلك بتحديد البؤرة التي تركز عليها السيميائيات، رغم ما يظهر من صعوبة في هذه المهمة، لأن هذا العلم لم يقتصر على مجال بعينه ؛ فهو يمسك بكل مجالات الفعل الإنساني، ابتداء من الحواس، ومرورا بالطقوس والتقاليد الاجتماعية، ثم انتهاء بالسلوكات الفردية، وغيرها  من الوقائع التي لا تنفصل عن التجربة الإنسانية ككل، والتي تشكل العلاقة التوسطية بين الإنسان وعالمه، أو ما يسميه “كايسر” بالأشكال الرمزية.

   ولكن هذا التعدد في المواضيع، قد يشكل إبهاما في فهم الموضوع الأساسي للسميائيات؛ وبالتالي أضحى من الضروري أن يكون هناك حصر دقيق لهذا الأمر، بالقول إن التجربة الإنسانية التي تشمل جميع العلوم؛ سواء كانت علميو أو إنسانية، يجب أن تكون جزءا من السيميوزيس، التي تعني تلك السيرورة الدلالية المؤدية إلى إنتاج المعنى، الذي يعتبر الموضوع الأساس للسيميائيات، فهو ضالتها التي تسعى أليها من خلال السيميوزيس، وهو لا يظهر من خلال المعطى المباشر للأشياء، لأنه يكون حصيلة سيرورة تدليلية، تثمن مواضيع السيميائيات، والتي تأخذها إلى نواة الفهم الصحيح للذات الإنسانية، وقد أشار سعيد بنغراد إلى ذلك،حيث قال ” فليس بمقدورنا أن نتحدث عن سلوك سيميائي إلا إذا نظرنا إلى الفعل خارج تجليه المباشر، فما يصدر عن  الإنسان لا ينظر إليه في حرفيته، بل يدرك باعتباره حالة إنسانية مندرجة ضمن تسنين ثقافي هو حصيلة لوجود مجتمع”(16)، لكن هذا المجتمع الذي حدده بن غراد، ينظر إليه طبقا للسيميائيات، على أنه كتلة من العلامات التي تتجاوز حدود التجربة الصافية ، لتلج إلى عوالم هي في الأصل والاشتغال علامات؛ كون هذه الأخيرة قد تشكل المنتوج الرئيس للإنسان، فهو الذي يصنعها ويستهلكها، باعتبارها النقطة التي تبدأ منها سلسلة الدلالات؛ التي لا تنتهي عند نقطة محددة، فهي كما يقول الزواوي بغورة :” تساؤل حول المعنى وتساؤل حول شروط إنتاجه وأشكال تمظهره”(17)، ومن هذا يمكننا القول أن مجال اشتغال العلامة، يمثل موضوعا للسيميائيات، لأنعا (العلامة) تتكون من بناء ثلاثي؛ هو السيميوزيس، هذا البناء الذي سنفصل فيه في الفقرات التالية. والسيميائيات لا تقف عند هذه المواضيع، بل تتجاوزها إلى مجالات أخرى، تريد من خلالها توسيع مجال اشتغالها.حيث تهتم بالأنساق التواصلية؛ كالنسق البصري؛ وكذا الإيمائي، لأنها ترتبط أشد الارتباط بالإدراك والمعرفة؛ التي تأتي نتيجة السيرورة الدلالية التي ذكرناها سالفا.

     بعد هذا الرصد لموضوع السيميائيات، يظهر لنا أن هذا العلم يهتم بدراسة جملة من العلوم والمواضيع؛ التي لا نستطيع أن نركز عليها أبحاثنا السيميائية، على واحدة دون الأخريات، لأننا سنكون من المقصرين، فنقلص حقل اشتغال هذا العلم. من هنا وجب علينا التحدث عن المعنى، لنقول إنه البؤرة التي يرتكز عليها علم السيميائيات، فهو القاسم المشترك بين كل المجالات والمواضيع سابقة الذكر.

      وإلى جانب الموضوع الذي قمنا بتحديده، تأتي المفاهيم لتفرض نفسها علينا، فنحن لا نستطيع أن نلج إلى أي علم، دون أن نتعرف على بنيتة المصطلحية، لأنها تشكل الأداة التي تمكننا من استيعاب خباياه وإشكالاته. بهذا أضحى من الضروري أن تهتم بالمصطلحات المؤسسة لعلم السيميائيات؛ والتي تعتبر العلامة signe  المصطلح الأساس فيها، لأننا لا يمكن أن نعقل أي موضوع داخل هذا العلم؛ دون النظر إليه باعتباره علامة؛أي إنها تحيل على عدة مواضيع خارج سياقها المباشر. فهي تثمن عناصر التجربة الإنسانية، فتجعلها باعثة على التفكير والتأمل. بالإضافة إلى كونها شكل من أشكال التواصل الحاصل بين الباث والمتلقي، بفضل فاعليتها التعبيرية.

     والعلامة مقسمة إلى أنواع؛ علامات لسانية؛ تتميز بانتمائها إلى اللسانيات، أو السيميولوجيا اللسانية. وهي تتفرع بدورها إلى صنفين كبيرين: أولها علامات الكلام، التي تشتمل على وحدات صوتية دنيا؛ تسمى الفونيمات phonémes، زيادة على مفهومين أساسيين هما الدال والمدلول، كما أشرنا في سيميولوجيا سوسور. وثانيها علامات الكتابة؛ التي تركز على القاعدة المعجمية الألفبائية، التي تشكل المحددات الصغرى للكتابة، وهذه الكتابة لا تقف عند  هذا الحد، بل تتجاوزه إلى تسنين صوت اللغة، بما يسمى النظام الفونولوجي.

      بعد هذا الرصد الطفيف للعلامة اللسانية، أمكننا التحدث عن تصميم علم السيميائيات؛ الذي يتجلى في العلامة غير اللسانية، التي تمتاز بخصوصيتها التعبيرية، إذ تستمد كينونتها الدلالية من تكوينات الواقع الثقافية، هذه العلامة التي نستطيع أن نقسمها إلى قسمين حسب درجة الاهتمام. فالقسم الأول يشمل ثلاثة أنواع رائدة في السيميائيات، كل واحدة تتميز بتعريفها وخصائصها، وهي الأيقونة icone والرمز symbole و الإشارة indice.

     والأيقونة تعني حسب بورس؛ العلامة التي تحمل علاقة مشابهة مع الشيء الذي تحيل إليه؛ فهي تحمل بعض خصائص الشيء الممثل، ومثال ذلك الصورة الفوتوغرافية التي تتميز بالضرورة، عكس الاعتباطية. لأنها مرتبطة بصاحب الصورة فقط، والأيقونة هي كل أنظمة التمثيل القياسي المتميز عن الأنظمة اللسانية. وهذا ما أشار إليه أمبيرتو إيكو حيث يقول” إن العلامة الأيقونة لا يمكن أن تحمل خصائص الشيء الممثل نفسها، ولكنها تعيد إنتاج بعض شروط الإدراك الحسي، تحت قاعدة التسنين الإدراكي الذي يحيلنا إلى التجربة الواقعية. يقول مورس، إن صورة  الملكة إيليزايث للرسام أنيكوني (Anigoni)، تحمل خصائص الملكة إيليزابيث نفسها، أي أن لها العينين ذاتها والأنف ولون الشعر… نقول إن لها الشكل ذاته للأنف، الأنف في الواقع ثلاثة أبعاد (dimentions)في حين أن الأنف في الصورة لا يتكون إلا من بعدين اثنين فقط، ويمكن القول هنا، أن ما يحمل خصائص الملكة إليزابيث ليس إلا الملكة نفسها”(18). ومعنى هذا الرأي، أن الأيقونة لا تستطيع أن تحمل كل خصائص الشيء أو الشخص الممثل، أي إننا نتحدث عن الأصل والنسخة، فهذه الأخيرة، لايمكن أن تصل إلى مستوى الأصل، كونها تظل حبيسة التقليد والمحاكاة. كما هو الشأن في جمهورية أفلاطون، التي تمثل عالم المثل (الأصل)، الذي يقابل العالم المادي (النسخة). ورغم هذا الإشكال؛ تظل الأيقونة الممثل الوحيد للشيء الممثَل.

     كذلك الرمز يعد من العلامات التي تستعمل كثيرا، ويعرفه “جون ليون” بأنه الجانب الاصطلاحي أو الاعتباطي؛ الرابط بين العلامة ودلالتها”(19). فالدلالة التي تعطى للرمز لا تكون ضرورية كما هو الشأن في الأيقونة، إذ هي نتيجة تواضع بين الجماعة الثقافية، لأنه لا يكون هناك مبرر عقلي لها، كاعتبار الحمامة رمزا للسلام؛ فالذي جعل هذه الأخير مرتبطا بالحمامة، هو ثقافة الشعوب المكتسبة، وليس لأن الحمام هو السلام؛ لأننا يمكن أن نضع لها تفسيرا آخر كالحرية…، وبالتالي فالرمز خاضع لمبدإ الاعتباطية.

    أما الإشارة فهي علامة لا تقل شأنا عن سابقتيها؛ فهي تحتل مكانة مهمة داخل حقل السيميائيات،وقد عرفها جون ليون بأنها ” العلامة التي تفقد فورا الخصائص التي تعمل العلامة، إذا لم يكن موضوعها موجودا، ولكن هي التي لا تفقد هذه الخصائص حتى وإن لم يكن لها مؤول”(20)؛ والمقصود من هذا الكلام أن الإشارة تفقد خصائص ومميزات العلامة، إذا ما غاب عنها الموضوع الذي تحيل إليه تلك العلامة، لكن لا تكون كذلك في غياب المؤول. ومثال الإشارة أو الإيماءة Kineme، تعويض اللغة الكلامية باللغة الإشارية؛ التي تتعلق ببعض الإشارات الناجمة عن عدم إتقان لغة أجنبية، كالإشارة إلى شيء إذا لم نعرف اسمه في لغة غير لغتنا. وهي بدورها خاضعة لمبدإ الاعتباطية؛ كونها تتلون والثقافة، ودليل ذلك هو تغيير معنى علامة الطلب؛ الذي يختلف بين الكاثوليكية الرومانية، والعقيدة الأرثدوكسية.

     وما يميز الإشارة هو اكتساؤها أهمية مقننة Cidée في ممارسة بعض الإشارات داخل جماعات معينة، كالجماعات العسكرية، في استعمالها القلم الأسود للكتابة، وإمساكها الأشياء المقدمة إليها باليد اليسرى عوض اليمنى، إضافة إلى تحية  اليد، وعلامات مختلفة للإغاثة…، فهذه الإشارات تأخذ طابعها منظما ومقننا، يرقى بها إلى درجة اللسان، كما هو الشأن بالنسبة للصم والبكم.

     وهناك التصنيف الثاني  للعلامات، الذي يشمل واحدة أقل استعمالا، كالعلامة الشمية singe olfactifs، التي تتجلى كثيرا في التواصل الإنساني. وتحققاتها تكون بكثرة في إشارات العطور؛ فلكي يظهر  الإشهاري جودة العطر المعروض، يأتي بامرأة  و رجل ، يجسدان هذه العلامة العلامة الشمية؛ التي قد تحيل إلى دلالات جنسية. وكذلك يظهر لنا النسق الشمي في التمييز بين الجيد والرديء، والمُصنَّع والأصلي؛ إلى غير ذلك.

    وكذا العلامة اللمسية تتميز بقدرتها التعبيرية، رغم نذرة استعمالها في العلاقات الإنسانية؛ فهي تستعمل كبديل للبصر، مثل قراءة  برايل الخاصة بالمكفوفين، فهم يعقلون الكون الكون بواسطة اللمس، ويتجلى ذلك في المراحل الأولى التواصلية للطفل، مع الأشياء المحيطة به كالإحساس بالحرارة والبرودة، والصلابة…، فقد مررنا بتجارب مؤلمة أحيانا، عن طريق اللمس.

     وإلى جانب العلامة الشمية واللمسية، نجد العلامة الذوقية gustatif، التي يحددها فرويد في الغريزة الفموية labidol oral.وهي جد مهمة في التواصل الإنساني، حيث يقول محمد نظيف “ذلك أنه بمجرد أن يأكل الإنسان المثقف؛ يعقلن الانطباعات العادية، ويتقن ويمحص أساليب تحويل الأطعمة(الطبخ)، ويعقلن طريقة الأكل (الذواقة)”(21)؛ فالانتقال من اللحم النيء الذي كان مع الإنسان البدائي، إلى اللحم المطبوخ في العصر الحديث، يرسم  طريق الإنسان نحو التقدم التكنولوجي، أي تقدم من الطبيعة التي تظهر في الطعام المستهلك كما هو، نحو الثقافة التي تتجلى في طعام مستهلك مطبوخ بواسطة النار، أو استعمال آلة كهربائية، عكس آلة بدائية كالحجارة الحادة، التي كانت تستعمل كسكين.

     بعدما رصدنا أنواع العلامة، سنمر إلى عرض الطريقة التي تكتسب بها دلالاتها، وهي تكون بإخضاعها  لسيرورة السيميوزيس، التي تعني السيرورة التدليلية المشتملة في داخلها شيئا ما باعتباره علامة. وهي مقسمة إلى ثلاثة عناصر؛ أولها الماثول الذي يعرفه بورس بقوله” إن العلامة (أو الماثول) يعوض بالنسبة لشخص ما، شيئا ما بأية طريقة. إنها تخلق عنده علامة موازية أو علامة أكثر تطورا، إن العلامة التي  يخلقها أطلق عليها مؤولا للعلامة الأولى، وهذه العلامة تحل محل شيء هو موضوعها”(22). وهذا الماثول لا يقوم إلا بالتمثيل لشيء آخر، حيث يقوم بتعريفنا فقط على الشيء، فهو لا يوجد إلا من خلال تحيينه  داخل موضوع ما. بالتالي هو يحيل على الموضوع؛ عبر مؤول يمنح العلامة صحتها.

      أما العنصر الثاني من السيميوزس فهو الموضوع؛ الذي يقوم الماثول بتمثيله، وهو يمكن أن يكون واقعيا أو متخيلا أو غير قابل للتخييل، كما لا يمكن أن يشتغل ألا كعلامة، كونه مرتبط أشد الارتباط بنسيج السيميوزس ، بمعنى إنه بعيد كل البعد عم المواضيع العادية، ولا يستطيع الانفصال عن العملية الإيلاغية نفسها؛ لأنه يجب على الباث أو المتلقي أن يمتلك معرفة مسبقة عن موضوع ما، لكي يكون هناك حوار.

   وفيما يتعلق  بالعنصر الثالث من السيميوزس فهو المؤول؛ الذي يحدد نسيج هذه السيرورة، إذ يشكل التوسط الإلزامي الذي يسمح للماثول، بالإحالة على موضوعه؛ وفق شروط معينة. وهو ما يجعل الانتقال بينهما ممكنا ، لأنه يعطي للعلامة صحتها، ويضعها للتداول؛ كواقعة إبلاغية.

     وفي نهاية هذا المقال، نكون قد استوفينا أهم المواضيع التي تتصل بعلم السيميائيات. ابتداء من تعريفه، ومرورا بأصوله الفلسفية والعلمية، وكذا الموضوع الرئيس له؛ و انتهاء  بنيته المفاهيمية. وهذا يعتبر شيئا ضروريا، كونه يفتح لنا المجال لولوج السيميائيات بخاصة، وكل العلوم بعامة. 

الإحالات

  1. سعيد بنغراد، السيميائيات النشأة والموضوع، عالم الفكر، العدد 3 المجلد 35 ، يناير_ مارس 2007، ص 8.
  2. Umberto eco, le signe, edlabor, 1984, p151
  3. سعيد بنغراد، السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، منشورات الزمن، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2003، ص 16.
  4. Ferdinaned de soussure, cours de linguistique generale,ed pogfotheque, p33
  5. سعيد بنغراد، السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، مرجع سابق ص 44.
  6. سعيد بنغراد، السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، مرجع سابق، ص 21.
  7. سعيد بنغراد، السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، مرجع سابق، ص 44.
  8. Ferdinaned de soussure, cours de linguistique generale, p 100
  9. سعيد بنغراد، السيميائيات النشأة والموضوع، مرجع سابق، ص 30.
  10. 10)      Montaigne, 1984, P2(2)Peirce, Textes Anticartesiens, presentation et traduction de joseph chenu, ED Aubier  
  11. 11)     طائع الحداوي، سيميائيات التأويل، الإنتاج ومنطق الدلائل، المركز الثقافي العربي، 2006، ص184.
  12. 12)     يوسف أحمد،  السيميائيات الواصفة، منشورات الاختلاف، 2005-1426، ص10-11.
  13. طائع الحداوي، مرجع سابق، ص 255.
  14. Carontini, Enrico, Action du signe, ED houvain-hameuve, 1984, p170
  15. طائع الحداوي، مرجع سابق، ص 258.
  16. سعيد بنغراد، السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، مرجع سابق، ص 18.
  17. 17)     الزواوي بغورة، العلامة والرمز في الفلسفة المعاصرة، مجلة عالم الفكر، العدد العاشر، 101.
  18. 18)     Eco Umberto, la structure absente, introduction a la recherché semantique, paris, 1972, p176.
  19. 19)        John lyon, elements de semantique, librairie larousse, 1978, p86, op-cit.
  20. 20)     John lyon, elements de semantique, librairie larousse, 1978, p90,op-cit
  21. 21)     محمد نظيف ما هي السيميولوجيا، دار الباحث العربي، 1995، ص 26.
  22. CS Peirce, ecrits sur le signe, ED Seuil, 1978, p 121.