الثورة والمتغيرات

0

محاسن سبع العرب

كاتبة سورية

مجلة أوراق العدد 12

الملف

إن الثورة فكر ولا يمكن للفكر أن يتغير أو يتحول أمام العقبات والطوارئ التي تحصل أو تعيق عمل الثورة وتقدمها لأنها مطلب جماهيري وضرورة فرضها الواقع المؤلم والحالة المزرية التي وصلت إليها الأمة نتيجة أفعال الحكام الذين لا يملكون الأهلية لقيادة الشعوب.

والثورة لم تنطلق إلا بعد أن اختمرت الأفكار في عقول الجماهير وترسخت على مدى أعوام طويلة من القهر والاستبداد.

صحيح أن الانكسارات التي حصلت قد ولدت الكثير من الألم لأنها أظهرت تآمر العالم الوقح وانهيار الشعارات البراقة كالديمقراطية وحقوق الإنسان إلا أنها زادت مفهوم الثورة رسوخا وتجذرا في أعماق النفس المكلومة وعمقت الإيمان بضرورة التغيير والخلاص من رموز الاستبداد العفنة الخائنة لشعوبها الفارغة من أي مضمون.

إن مسارات الثورة لم تتغير لكنها أصبحت أكثر وعورة وصعوبة وهنا يكمن الامتحان الصعب لقدرة الشعوب على الاستمرار والمثابرة لكن شعبنا لا يملك غير السير في هذا الطريق لأن خياراته محدودة جدا إن لم تكن معدومة أصلا.

والثورة مكلفة جدا فدونها آلاف الشهداء والمعتقلين والمعوقين وأنهار من الدماء إلا أنها لا تدخل ضمن حسابات الربح والخسارة لأنها فكر ومبدأ روته دماء الشهداء وصراخ المعذبين والمكلومين وهي قدر أرسله الله ليعيد صياغة الأمة ويعدها من جديد لدورها التاريخي وتألقها المعهود فالثورة هي سراج الأمل وعجلة التغيير القادم وما علينا إلا الثبات وتطوير الأداء بعد أن كسرنا حاجز الخوف والصمت لنكون أكثر تميزا وإبداعا بعد أن امتلكنا زمام الحرية وحلقنا في فضاءات وعوالم لا تعرف الاستبداد ولا العبودية.