علاء كريم
صحفي سوري وناشط من الجولان مقيم في برلين
مجلة أوراق- العدد 17-18
أوراق الملف
كانت اتفاقية الهدنة السورية الاسرائيلية الأولى في التاريخ بينهما، وتكمن أهمية عرضها هنا لتبيان قضية النزاع السوري الإسرائيلي على حدود الجولان بعد حرب 1948 ونشوء قضية المناطق المنزوعة السلاح وصراع المياه العربي الإسرائيلي، وإن لم يكن الأول إلا أنه رفع سوية التوتر الحدودي وهو ثمن كبير آخر سيدفعه أبناء الجولان تباعاً حتى هزيمة 1967.
التطور الديبلوماسي:
أعلن رئيس الحكومة السورية مساء 20 آذار مارس 1949 وبعد لقائه السفير البريطاني موافقة الحكومة السورية على قرار مجلس الأمن والشروع بإجراء مفاوضات مع الإسرائيليين بشأن الهدنة، لكنه لم يحدد موعد ومكان المفاوضات مع تأكيده لرفض إجرائها في رودوس معللاً السبب ببعد المسافة وعائق الاتصال بالوفد المفاوض.
بدأت المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية في 12 أيار مايو، وأعلنت الحكومة السورية في تقرير مفصل عن نجاح سير المفاوضات الجارية، وفي ظل استمرار سيطرة القوات السورية على بعض المناطق التي خلال الحرب السابقة ورفضها العودة إلى حدود ما قبل 15 تموز (يوليو) 1948، على اعتبار أنها أراض تابعة للدولة العربية وليست للدولة اليهودية، استمرت المطالبة الإسرائيلية بانسحاب القوات السورية من الأراضي التي سيطرت عليها، كما اقترحت الحكومة السورية ضرورة استمرار المفاوضات للوصول إلى اتفاق هدنة وعدم وضع احتمال قطع هذه المفاوضات، آخذة بعين الاعتبار قرار مجلس الأمن الدولي بضرورة التوصل إلى اتفاق ما.
تحفظت الولايات المتحدة الأمريكية على الطلب المقدم من الإسرائيليين بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1948 للحصول على الأطراف الغربية من الجولان وضمها إلى الدولة اليهودية، كما رفضت إسرائيل أي مطلب لتعديل حدودها على اعتبار أنها ذات صفة قانونية خاصة بعد أن رفض العرب قرارات مجلس الأمن الدولي حول تقسيم فلسطين، وشنوا حرباً عدوانية ضدها، وبنهاية الحرب كانت الدولة التي نشأت، وهكذا تم الاستنتاج مما ورد أن إسرائيل لن ترجع إلى حدود عام 1947، وإلا فإن ذلك سيعتبر مكافأة للعرب ويشجعهم لتكرار اعتداءاتهم ثانية وثالثة ضد دولة إسرائيل.
نص الاتفاقية:
استجابة لقرار مجلس الأمن الصادر بتاريخ 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1948 الذي دعا الطرفين السوري والإسرائيلي إلى التفاوض للوصول إلى هدنة دائمة، وبعدما دخلا في مفاوضات اتفق الطرفان على النصوص التالية:
المادة الأولى:
يتعهد الجانبان من الآن وصاعداً بالتقيد بشكل تام بالأمر الصادر عن مجلس الأمن بعدم اللجوء إلى القوة العسكرية لتسوية قضية فلسطين . . . . يقر الجانبان بأن العمل بغير هدنة دائمة بين القوات المسلحة للجانبين أمر غير مرغوب فيه لحل النزاع حول قضية فلسطين.
المادة الثانية:
يعترف الجانبان بأنه يجب أن لا يمس أي شرط من شروط هذا الاتفاق بحقوق ومطالب ومواقف أي من الفريقين في التسوية السلمية النهائية لمشكلة فلسطين، وإنما شروط هذا الاتفاق قد أمليت لاعتبارات عسكرية وليست سياسية.
المادة الثالثة:
بناء لما ورد سابقاً وعلى قرار مجلس الأمن الصادر بتاريخ 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1948 تم التوقيع على هدنة عامة بين قوات الطرفين البرية والجوية والبحرية . . . كما يمنع عبور خط الهدنة المحدد في المادة الخامسة من هذا الاتفاق أو اجتيازه لأي غاية. كما يمنع دخول أجواء الفريق الأخر أو المرور في المياه ضمن مسافة ثلاثة أميال من ساحل الفريق الأخر . . .
المادة الرابعة:
يعرف الخط المحدد في المادة الخامسة من هذا الاتفاق بخط الهدنة . . . والغاية من خط الهدنة هو تحديد الخط الذي لا يجوز أن تتجاوزه قوات الطرفين . . .
المادة الخامسة:
يكون خط الهدنة هو ذلك المبين في الخريطة المرفقة بهذا الاتفاق. ويتبع خط الهدنة خطاً يسير بالوسط بين خطي المهادنة، كما حددتها هيئة الرقابة الدولية على الهدنة للقوات السورية والإسرائيلية، ويتبع خط الهدنة في أماكن أخرى الخط الدولي للحدود القائمة فلسطين وسوريا . . . وحين لا يتفق خط الهدنة مع الحد الدولي تعتبر هذه المنطقة منزوعة من السلاح لحين الوصول إلى تسوية نهائية للقضية ولا يسمح فيها بأي وجود عسكري أو شبه عسكري للطرفين . . .
يتم انسحاب القوات المسلحة من المنطقة المنزوعة السلاح وفقاً لجدول رقم (2) المرفق بهذا الاتفاق . . .
جرى التوقيع في التل رقم 232 بالقرب من كيبوتس بالجليل الأعلى “محانايم”* بتاريخ 20 تموز/ يوليو 1949، بحضور النائب الشخصي للوسيط الدولي في فلسطين ورئيس لجنة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة.
التوقيع (عن الحكومة السورية):
العقيد فوزي سلو
المقدم محمد ناصر
النقيب عفيف البزري
التوقيع (عن الحكومة الإسرائيلية):
المقدم موردخاي مكليف
المقدم يهوشوا بيلمان
المقدم شبطاي روزين
الملحق: خط الهدنة السوري – الإسرائيلي
–يبدأ الخط من النقطة 208.7-294.2 حيث تلتقي الحدود اللبنانية – السورية – الفلسطينية ويتجه شرقاً إلى النقطة 212.8-294.7.
– من النقطة 212.8-294.7 باتجاه الجنوب باتباع وادي العسل إلى مقام الشيخ المخفي.
– خط من مقام الشيخ المخفي إلى مقام النبي هدى.
– خط من مقام النبي هدى إلى النقطة 212.7-290.4. النقطة 212.7-290.4 إلى النقطة 212.4- 290.2 ثم يتجه الخط الحدودي – من جنوباً إلى النقطة 211.0-.276.8
– من النقطة 211.0-276.8 إلى وادي الصمادي عند النقطة 210.9-276.7.
– من النقطة 210.9-276.7 يتجه الخط غرباً مع وادي الصمادي إلى منطقة تقاطع الطريق عند النقطة 210.3-276.5.
– باتجاه الجنوب باتباع الطريق إلى النقطة 209.9-272.6 متجنبا الدردارة من جهة الشرق.
– نحو الغرب إلى النقطة 209.7-272.6 الواقعة على ساحل بحيرة الحولة. يتجه نحو الجنوب حتى مصب نهر الأردن عند النقطة 209.2-271.7. يتجه نحو الشمال الغربي متبعاً خط الساحل الغربي للبحيرة (الحولة) إلى النقطة 272.9-208.5.
– من النقطة 208.5-272.7 إلى النقطة 205.2-269.1. يتجه بخط من النقطة 205.2- 269.1إلى النقطة 208.8- 265.0على نهر الأردن. يتجه الخط جنوباً باتباع نهر الأردن حتى النقطة 208.7-260.0.
– من النقطة 208.7-260.0 إلى النقطة 208.5-258.2. خط يتجه من النقطة 208.5-258.2 إلى النقطة 207.0-257.0. خط يتجه من النقطة 207.0-257.0 إلى النقطة 207.4-256.0. – من النقطة 207.4-256.0 باتجاه الجنوب متبعا الحدود السورية الفلسطينية إلى العلامة 61 عند النقطة 210.6-246.3.
– من العلامة الحدودية 61 باتباع الحدود السورية الفلسطينية إلى العلامة 62. العلامة الحدودية 62 باتباع خط الحدود السورية الفلسطينية حتى العلامة 66، عند النقطة 211.7-240.1.
– من العلامة الحدودية 66 خطا إلى نقطة على الساحل الشرقي لبحيرة طبريا عند النقطة 239.0-209.6 يتجه الخط جنوباً باتباع ساحل بحيرة طبريا من النقطة 209.6- 239.0إلى النقطة 206.3-234.8 من النقطة 206.3-234.8 ويتجه جنوباً إلى منعطف الطريق عند النقطة -206.3 233.4، ثم يتجه إلى الجنوب الشرقي باتباع الطرف الغربي لسكة الحديد والجهة الغربية للطريق إلى المعقل عند النقطة 207.7-233.4.
– من المعقل عند النقطة 207.7- 233.4يتجه خطاً باتباع الطريق إلى نهر اليرموك على الحدود عند النقطة 209.5-.232.2
في رسالة من المفوضية البريطانية في تل أبيب إلى الخارجية البريطانية، يرسل المفوض نسخة عن اتفاق الهدنة السوري ـ الإسرائيلي كما يخبرهم أن هذا الاتفاق مشابه في العديد من نقاطه وبنوده للاتفاق الأردني – الإسرائيلي، وأضاف أنه ورد في المادة الخامسة والملحقين الأول والثاني انسحاب القوات السورية من بعض المناطق وجعلها منزوعة السلاح وتدمير التحصينات وذلك تحديداً شرق بحيرة (Meron) الحولة في مهلة 12 أسبوعاً، وكانت تهدف إسرائيل من هذه الاتفاقية إلى بسط سيادتها على هذه المناطق من فلسطين حالما تخليها القوات السورية، كما أرادت إرجاع القوات السورية إلى خارج الحدود الدولية لفلسطين.
من جهتها حافظت القوات السورية على الأراضي الواقعة في الغرب من الحدود الدولية لعام 1923 وطالبت أن يكون خط الحدود هو خط الهدنة لعام 1949، بينما أصر الإسرائيليون أن يكون خط الهدنة مطابقاً لخط الحدود لعام 1923 وفي نهاية الأمر تم التوصل إلى حل وسط يقضي بجعل المناطق الواقعة بين خطي الهدنة 1949 والحدود 1923 مناطق منزوعة السلاح مع إبقائها تحت السلطة السياسية السورية ولكن هذا الحل لم يكن حلاً جذرياً للمشكلة مما يهدد بحصول العديد الاشتباكات والصراعات العسكرية في وقت لاحق، وحولت اتفاقية الهدنة هذه المناطق إلى مناطق منزوعة السلاح لا يسمح فيها بأي نشاط عسكري أو شبه عسكري قبل التسوية النهائية.
*- كتاب “ترسيم الحدود اللبنانية السورية الفلسطينية وأبعادها السياسية والعسكرية والاقتصادية 1920- 2000”. تأليف: مصطفى الجوني، دار المحجة البيضاء، ط1 عام 2007، بيروت لبنان، ص 472- 481 قسم الملاحق الوثائقية.