مجلة أوراق- العدد 16
“الانهيار السوري… الصراع على السلطة والدولة والهوية”
في ثاني كتاب للإعلامية السورية سميرة المسالمة بعد روايتها “نفق الذل”، حمل عنوان “الانهيار السوري… الصراع على السلطة والدولة والهوية”، والذي تسعى من خلاله لتسجيل تجربتها الغنية بخصوص الثورة السورية، وتحديدا في ظرف انطلاقتها بدايات الربيع العربي، حيث كانت رئيسة تحرير صحفة تشرين السورية، وفشلت كل محاولاتها في خلق استجابة لدى النظام لفكرة الإصلاح التي يجب ان تبدأ من الاعلام لتستمر في قانون الأحزاب وصيغة الحكم في سوريا، فيما سار النظام باتجاه الحل الأمني وقتل المتظاهرين، مع تحميل المسؤولية لمندسين في الحراك، مما يُتيح له تسويق نظريته في المؤامرة التي تستهدف صمود النظام وممانعته في وجه الصهيونية والإمبريالية العالمية.
بين اندلاع الاحتجاجات في مدينة درعا 18 آذار، وبين استقالتها في 8 نيسان، ثلاثة أسابيع غنية لفضح سياسات النظام ومواقفه، الذي لم يوفر أي وسيلة من الضغط عليها وعلى أسرتها وترهيبهم، حين أعلنت على “قناة الجزيرة” بأن الأمن والشرطة هم المسؤولين عن قتل المتظاهرين، حتى لو وجد مندسين، فواجب الحكومة حماية المدنيين لا قتلهم، وحين رفضت تكذيب ذلك أخبرها رئيس جهاز أمن الدولة علي مملوك “أنت على الضفة الثانية”، إذ قسم السوريين إلى ضفتين: الشعب، والقتلة، وقد اختارت أن تكون مع الشعب.
في شهادتها الشخصية تفاصيل جارحة حقاً حين يطفئ عنصر الأمن عقب سيجارته في وجهها، أو حين يجرون تدريب لإعدام ابنها البالغ من العمر 17 عاما، بحضور والده وشقيه الأصغر، تفاصيل تبدو أقرب للخيال منها إلى الواقع. لكن شهادتها الأقسى تناولت بُنى المعارضة وتحديداً الائتلاف، الذي انتقلت إليه وأصبحت فيه نائب رئيس، مما منحها فرصة النقد عن يقين فيما تعرف من عجز هذه البنى عن تمثيل مصالح السوريين وثورتهم، والدفاع عنها في مواجهة عمليات التدخل الإقليمي والدولي التي أخذت الثورة بعيدا عن طبيعتها السلمية والمدنية وشعاراتها الأولى التي طالبت بالحرية والكرامة ودولة المواطنية المتساوية في ظل دستور يحمي حقوق جميع الأفراد بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والإثنية والمناطقية.
جاء كتاب “الانهيار السوري..” في مقمة وشهادة شخصية وأربع أقسام جملت العناوين التالية: الأول: من الصراع في سوريا إلى الصراع عليها، والثاني: عن واقع المعارضة ونقدها، والثالث: بين الثورة والمفاوضة، والرابع: إلينا وإلى مواطنينا السوريين الكرد. مع خاتمة بعنوان: سوريا التي نريد أو سوريا الممكنة.
أوضحت المسالمة أنها حاولت جعل هذا الكتاب رسالة اعتذار للسوريين، ومحاولة تهدف إلى “وضعَ شعبنا بصورة ما جرى، ووضع نفسي تحت طائلة المحاسبة” وحاولت إثارة مجموعة من الأسئلة عن أسباب عجز المعارضة وارتهانها لإرادة الدول الداعمة، مع تأكيد على افتقادها لخطاب وطني مستقل وجامع يمثل الثورة، إذ اكتفت بتسجيل ردود أفعال على خطاب النظام، حتى أنه لم يدافع عن خطاب الثورة في مواجهة فصائل عسكرية كهيئة تحرير الشام “النصرة” سابقاً، التي لا تعترف بالثورة وأهدافها ولا تتعترف بسوريا كوطن.
يتسم كتاب المسالمة بالجرأة في مستوى شهادتها الشخصية، وفي مستوى انتقاد بنى المعارضة، وآلية معالجتها لمسائل حساسة كقضية كُرد سوريا إذ تؤكد أنه لايكفي لحل الموضوع أن يجري الحديث الآن عن حقوق المواطنة المتساوية، فهم شعب له خصوصيته الثقافية والتاريخية ويتوزع على أربع دول متجاورة بينها سوريا، وبالتالي يجب منحه كامل الحقوق الفردية والقومية في إطار دولة ديمقراطية تعتمد صيغة الفدرالية الجغرافية، وليس القومية، مع التأكيد على “تداول السلطة عبر الانتخابات وحرية الأحزاب واحترام حقوق الإنسان ومساواة المرأة بالرجل”.
كتاب غني بالتفاصيل الكثيرة والاقتراحات المفيدة، باتجاه رؤية وطنية لسوريا المستقبل، بعدما تحول “الصراع في سوريا إلى صراع على سوريا” وخرج النظام والمعارضة معا من دائرة التأثير في تقرير مصير سوريا والسوريين، نتيجة تخبطهما وارتهاناتهما للخارج.
كتاب: “الانهيار السوري، الصراع على السلطة والدولة والهوية”، تأليف: سميرة المسالمة، صدر عن منشورات ضفاف – الاختلاف – الجزائر العاصمة، طبعة أولى 2022، في 332 صفحة.
مريم القحطاني تكتبُ “عن الحب والعزلة”
في أول مجموعة قصصية للكاتبة اليمنية، المُقيمة في أمريكا، مريم القحطاني، حملت عنوان “عن الحب والعزلة”. اختارت الكاتبة أن تكونَ جلُّ عناوينِ قصصها بأسماء نساء يمنيات “عرفتهُنَّ شموسٌ وعرفنَ الظلمَة”، كما جاء في إهداء الكتاب. وهوَ من تلك الكتب التي حينَ نقرأها نتذكَّرُ أسئلتنا العالقة دائماً؛ حول حالِ المرأة في زمن الحرب، عن الحب الضائع، والعزلة مترامية الأطراف.
لا عمَل للمسافة في هذا الكتاب، فمريم القحطاني التي تُقيمُ بعيداً عن وطنها، تكتبُ بذاتٍ لم تُغادر يمَنَها، ويَمَنَ الكثيرات ممَّن جاءت أسماؤهنَّ كعتباتٍ لقصص المجموعة الإحدى عشرة، من هديَّة التي تعيشُ في ذاكرةِ حاملِ رسالةٍ تخبرُ بموتِ ابنها، وهي الميِّتة منذ أيام. إلى نورِّية التي ضيَّعت بوصلة الحبِّ واكتفت بمسايرة قدرها المحتوم، مروراً بخديجة التي رمتها عزلتها لتكون شاهدة على تزويج فتاة صغيرة، وصولاً إلى جميلة التي ربَّت حقداً دفيناً تجاه ظُلم الرجال، وليس انتهاءً بمارلين إعصارُ الشقاوة والبراءة.
تكتبُ القحطاني قصصها بعدسةٍ خاصَّةٍ ترصدُ تلك التفاصيل التي كثيراً ما يُخفيها الزَّمن، وتتكدَّس فوقَها طبقاتٌ من الغبار، في وطنٍ يشي بجبروته وقسوةِ الحياةِ بين جنباته، حينَ تكونُ المرأة في قلب الأحداثِ العاصفة، مقاومةً لتصاريف القدر، مرتبكةً، تائهةً، وصاحبة موقف في آن واحد.
في خضم التحوُّلات التي تمرُّ بها البلاد، تنبتُ الحكاياتُ في ترابٍ حارٍّ وتجدُ بطلاتُ القصص وأبطالُها، أنفسهنّ/م في مواجهةٍ ضارية مع قسوة الأيام التي لم تعد أقلَّ فتكاً بالناس. “إنَّها الحرب والمجاعةُ وأولاد الحرام الذين اجتمعوا على هذا المكان”، وما يلي ذلك من عواقب جسدية ومعنوية ونفسية دائمة. إنَّنا هنا بصددِ أدبٍ يبتعدُ عن التمثيلات الفنيَّة ورقَّةِ الخيال، إنَّما يحتكمُ إلى جرأةٍ في تحليل الواقع دون الوقوع في فخاخه، ودون مهادنةٍ تُضعفُ من قوَّة المشاعر، أو تُخفي مرونةَ الروح البشرية.
في مجموعتها القصصية هذهِ، تستعينُ مريم القحطاني بلغةٍ تمكِّن قارئها من تفادي الاستسلام للحقائق الصادمة، لهجة عامية وجُمل قصيرة لاذعة وسخرية تتجاوزُ الحزن، لتكتبَ الهامشَ والظلَّ والموت والحب والعزلة والبقاء. مزيجٌ أدبيٌّ واقعيٌّ سيظلُّ ماثلاً عبر صفحات الكتاب كتذكيرٍ صارخ بآثار الحرب المدمِّرة، وغياب الحرِّية، وما يجعلُ الإنسان يعيشُ بالحد الأدنى لمتطلبات الحياة.
بسردٍ مرئيٍّ وذاكرةٍ تحفرُ طريقها إلى صنعاء وإلى كلِّ شبرٍ من اليمن السعيد، بآلامه ولعناتهِ، كما بأحلامهِ وأفراحه الصغيرة، تخبرنا مريم أنَّ العالم لم يتخلَّ يوماً عن أذاه، ومع ذلك “ترى الناس يبتسمون. ابتسامات منزوعة من أعماق الوجع”.
نقرأ من الكتاب: “إنَّ الأسى لا يعني إلَّا أنكَ توقَّفتَ عن الانشغال بنفسكَ، ووقفت موقف المتفرِّج تُراقب حظوظ الآخرين. السعيد يصيبُكَ بالتعاسة لأنه أسعد منكَ، والتعيس يصيبكَ بالتعاسة لأنه أتعس منكَ. معرفة الفارق أصل المأساة. هذا ما تعلَّمتُهُ وأنا أشاهد نُوْرِيَّة. عندما تزوَّجتْ وهي ابنة أربعة عشر ربيعاً بقايد ابن القاضي الذي يتربَّع على نصف أملاك الناس وأعناقهم، تعدَّدت أسباب حسدنا وغَيْرَتنا منها، ولم يعد وجهها المضيء ولا شَعْرها الكستنائي الطويل وقامتها الفتية كلّ ما نحسدها عليه. لا. لقد أصبحت زوجة رجل تُحبُّه النساء لحُسْنه ودَمَاثته، ويحبُّ نُوْرِيَّة بلا سبب. بل إنه لم يكن يحبُّ أحداً أكثر منها، حتَّى أُمّه التي ظننَّا أنها قد عقدتْهُ وعَقَرَتْهُ بحُبِّها له، استطاعت نُوْرِيَّة بنظرة منها في إحدى الجِرب، في يوم من أيَّام الحصاد، أن تُخلِّصه من سطوة أُمِّه وتصطاده وتأسره وتجعل من نفسها شمساً يدور في فَلَكِهَا كما لو أنه خُلِقَ هكذا.”
“عن الحب والعزلة”: مجموعة قصصية، الكاتبة اليمينة مريم القحطاني، صدرت في 80 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة “براءات”، التي تصدرها دار المتوسط، احتفاء بالشعر، والقصة القصيرة، والنصوص الأدبية.
“وقال لي جسدي”
مجموعة شعرية جديدة للشاعر والمترجم السوري أسامة إسبر
صدر مؤخراً عن “دار خطوط وظلال” في الأردن ديوان “وقال لي جسدي” للشاعر والمترجم والمصور الفوتوغرافي أسامة إسبر، وهو العمل الشعري الثالث للشاعر عن هذه الدار، بعد: على طرقي البحرية (2020)، وعلى ضفة نهر الأشياء (2021).
جاء الكتاب في 219 صفحة من القطع المتوسط، ويتضح من العنوان الإشارة إلى محاولة الاشتغال على لغة تستلهم اللغة الصوفية ولكن في سياق مختلف. فالشاعر يستخدم العبارة النفرية المشهورة “وقال لي”، غير أنه يربطها بالجسد ببعده الأرضي وانفتاحه على التفاصيل اليومية وما يمليه الواقع، وهي محاولة للانفتاح على اللغة الصوفية ومن ثم إدخالها في واقع مختلف، هو الواقع الذي تحيل إليه القصائد، أي أن المرجعية هي مرجعية في الآن وهنا، حيث الذات في كل تقلباتها وطبقاتها التي تشكل ما يسمى الجسد كبينة ثقافية وشعورية ومادية، أي الجسد كأفق لوجودنا البشري.
في القسم الثاني من الديوان، نقل للقول من الجسد إلى الآخرين، وهو نوع من الإصغاء لما يقوله الدرويش والمهاجر والسجين والمنفي والهامشي، في محاولة للخروج من أنا الشاعر نحو أنوات منفصلة، وبالتالي إعادة خلق صوتها، وفي القسم الثالث تغدو القصائد إصغاء للأشياء، إصغاء لما قالته شمعة أو نافذة، أو صدفة أو ضفة نهر جف. إنها نوع من العودة إلى الأشياء المرئية وبالتالي محاولة لقراءة بصريتها عبر ربطها بسياق أوسع، بسفر الإنسان المتواصل لتحقيق نفسه وإغناء إنسانيته والحفاظ على جوهره كإنسان حر في عالم مليء بالقيود والإكراهات والطغيان.
“وقال لي جسدي”؛ محاولة لبناء قصيدة واحدة، بقصائد وأصوات مختلفة، يجمعها هذا الإصغاء، وبالتالي تدوين المُصغى إليه، وهو يتحدث عبر القصائد التي تحاول التقاط جوهره العرضي.
يذكر أن لإسبر عشرات الأعمال في مجال الترجمة، منها “قصائد شيكاغو” للشاعر الأمريكي كارل ساندبرغ، وأنطولوجيا من ٤٠٠ صفحة بعنوان “على شاطئ النار”، ستصدر قريباً، وتضم منتخبات من أعمال شعراء ينحدرون من السكان الأصليين للولايات المتحدة الأمريكية، وهي أنطولوجيا شاملة للتعريف بشعرهم في مختلف تياراته وتوجهاته.
مقاطع من الديوان
-1-
وقال لي:
المسْ كلماتها
كما تلمس بشرتَها،
قَبِّلْ كلماتها
كما تُقَبِّل شفتيها،
ضمّ كلماتها
كما تضمّ جسدها،
ألا تسمع هَمْس اللامرئيّ
من فم العاشقة؟
-2-
وقال لي:
كنْ شيئاً،
كن وجهاً،
أمامَ ممحاة الملامح،
عشْ لحظة تحدٍّ.
في هـذا الشرر تنهض حياتك،
وتعبرُ،
لا كشهابٍ،
بل كثمرةٍ.
كن شيئاً
كن وجهاً
أمام ممحاة الملامح.
هَيّئ نفسك
كي تولد دوماً
في قلمٍ مبريٍّ
في دواةٍ
في وردةٍ
في نسمةٍ
في لهب شمعةٍ
في قبلةٍ
في عناقٍ
في لحنٍ
في قصيدةٍ
في نفحة عطرٍ
في ضوء ثملٍ بنفسه
في موجة متكسّرةٍ
على شاطئ البدايات.
كن شيئاً
كن وجهاً
كن نفسك،
مُتحولِّاً،
ضمن نفسك،
ثقْ بأنك ستولد في مكانٍ ما
حتى وأنت تُطْبقُ جفنيكَ على ظلامٍ.
-3-
وقال لي:
افتح ذراعيكَ كالأفق
واجعل صدرك برحابة المحيط.
وقال لي:
لا تسْقِ حديقةَ كلماتك
بماء الكراهية.
وقال لي:
لا تصنع صورةً للآخر.
وقال لي:
أصْغ للآخر وانظر إليه
كأنه زهرة تتفتّح أمام عينيك.
وقال لي:
لا تكترث إلا بهذا التفتّح.
-4-
لا كما نريد
بل كما تُملي شفتاك نعيشُ
أيتها الجثة الإسمنتية
التي نتنقّل فيها كالأرقام.
نصطفّ أمام مطاعمك الرخيصة بالعشرات
نتلقّف البيتزا والهوت الدوغ والهمبرغر
مسافرين نحو سمنة نغرق في مستنقعاتها.
وفي لياليك العنيفة التي لا تُسمع فيها
إلا أصوات سيارات الإسعاف والإطفاء
وصرخات السكّيرين،
نلجأ إلى أسرّتنا باكراً،
نحلم بيوم ما
نعود فيه إلى بلداننا المتخيّلة،
نسافر على أجنحة الفراشات
أو في طائرات ورقيّة،
أو حفاة على دروب من الياسمين
وحين لا نصل،
نبصق على أحلامنا،
ولكننا سرعان ما نغسلها
ذلك أنها وطننا
الذي نعيش فيه.
عبر “أكثر بكثير” بسام كوسا يدخل عالم الرواية
عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، صدرت رواية -هي الأولى- للممثل السوري بسام كوسا، جاءت بعنوان “أكثر بكثير”، وتقع في 140 صفحة من القطع المتوسط.
وفي حفل توقيع الكتاب، الذي أقيم في جاليري جورج كامل في دمشق، قال كوسا لوسائل الإعلام أنه استغرق عامين ونصف في إنجاز هذا العمل، ليقدم عبره وجهة نظره في العديد من المواضيع الحياتية والهموم المجتمعية، ولأن الرواية جنس أدبي إبداعي طالما استهواه وشكّل حلماً له، فقرر أخيراً خوض التجربة فيه.
وأشار كوسا إلى أنه كتب الرواية بالكثير من المسؤولية تجاه الجمهور بكل فئاته، وأنه كما ينتظر رأي النقاد والمختصين في المجال الروائي، فإنه ينتظر رأي الجمهور العادي، ويرى بأنه الأساس في أي عمل إبداعي، ولولاه لا وجود لتلك الأعمال ولا قيمة لها. ولا يرفع كوسا سقف توقعاته من الرواية، منوهاً بأنه هاوٍ في هذا المجال وليس محترفاً.
يمتلك الفنان بسام كوسا مسيرة فنية لافتة، ويشهد كبار الفنانين بمهاراته التمثيلية المميّزة، التي جعلت منه أحد أبرز الفنانين في الدراما السورية والعربية. كانتْ بدايته في المسرح، وشارك في أفلام عدة، أهمها دوره في فيلم “المتبقي” عام 1995. أعماله التلفزيونية كثيرة جداً ومتنوعة، إذ لعب أدواراً مختلفة في عشرات الأعمال الاجتماعية والكوميدية، وشارك أيضاً في مسلسلات البيئة الشامية. ومن أبرز أعماله: أيام شامية، هجرة القلوب إلى القلوب، الفراري، الخوالي، الفصول الأربعة، أحلام كبيرة، ع المكشوف، أبناء القهر، عصر الجنون، قانون ولكن، الانتظار، زمن العار. وشارك كوسا في العديد من لجان التحكيم في المهرجاناتِ السينمائية، وحصل على العديد من الجوائز تقديراً لأعماله الناجحة.
واستبعد كوسا إمكانية تحول الرواية لعمل درامي، ولكنه يرى بأنه من الممكن أخذ أجزاء منها لعمل درامي وليس كلها، منوهاً بأن تجربته الدرامية الكبيرة ومخزونه المعرفي المتراكم في هذا المجال، ربما انعكس بجزء منه في الرواية، إذ سيلاحظ القارئ وجود مقاطع كتبت وكأنها مصورة أمامه، واسترسل بأنه كتب روايته بطريقته الخاصة وفق تعبيره، كاسراً فيها بعض القواعد في بناء العمل الروائي التي يعرفها جيداً بوصفه قارئاً مهتماً بهذا المجال.
يذكر أن رواية “أكثر بكثير”، ليست العمل الأدبي الأول للفنان بسام كوسا، إذ نشر سابقاً مجموعة قصص قصيرة حملت اسم “نص لص” عام 1998، وله أيضاً سلسلة مقالات نقدية سياسية واجتماعية وفنية في صحف سورية وعربية. يرى كوسا بأن روايته هذه قد تكون الأخيرة، وقد تشكل له حافزاً للاستمرار، فلا خطة محددة له في هذا المجال حالياً.
قرنفل أبيض لموسى عباس باللغة الإنكليزية
صدر للشاعر والروائي والقاص السوري الدكتور موسى رحوم عباس مائة حكاية وحكاية لدار نشر أمريكية بالولايات المتحدة، ومن ترجمة موسى حالول وسناء ظاهر، وهو أستاذ الفلسفة في علم النفس العيادي وحامل إجازة بالأدب العربي من جامعة حلب.
في White Carnations أو قرنفل أبيض، بدأ الكاتب الروائي السوري موسى رحوم عباس، الذي يحظى بالاحترام في العالم العربي، ظهوره باللغة الإنجليزية لأول مرة من خلال 101 حكاية ترسم الحياة داخل سوريا وخارجها خلال الثورة التي بدأت في عام 2011.
يستذكر الروائي موسى عباس الخرافات الغريبة من أراض أجنبية بعيدة. القصص القصيرة والحكايات اللذيذة تليها أكثر العناوين سخافة ورعباً في الثورة السورية. فيما توثق حكايات أخرى الجهود الشاقة التي يبذلها السوريون غير الفقراء الذين فروا لبضعة أسابيع أو إلى الأبد. وهم يختبئون في حياة طبيعية سطحية في العالم الحديث. ومع ذلك، فإن حياتهم ليست طبيعية ويعيشون حالة مابعد الصدمة، لأنهم غير قادرين تماماً على إطلاق ذكريات الألم والقسوة التي يحملونها معهم، مثل جواز السفر العاطفي. كما يذكر التعريف بالكتاب على موقع أمازون بالإنكليزية.
تقدم Cune Press القرنفل الأبيض كرفيق لزائر الغسق. الباحث والمترجم والكاتب الإبداعي موسى الحلول هو المترجم المشارك للقرنفل الأبيض إلى جانب الأكاديمية المبهجة سناء ظاهر. علماً بأن موسى الحلول هو مؤلف كتاب “زائر الغسق”.
كلا الكتابين “قراءة خفيفة” حول موضوع جاد. إنهم يستكشفون من خلال أداة الخيال القصير الأسلوب الفاشي الذي يمكن أن يتفوق ببطء وحزم على الحكومات الديمقراطية. (نعم، ظهرت الديمقراطية السورية عندما رحل الفرنسيون عام 1946. وبعد عدة سنوات من الانتخابات الحرة، سادت حقبة الانقلابات والانقلابات المضادة والممزوجة بالمناورات الديمقراطية مع ازدياد سطوة حزب البعث. وانقساماته.
بينما ينطبق تعليق The Dusk Visitor على العديد من حكومات الدول الأمنية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تركز مجموعة قرنفل أبيض White Carnations على اندلاع العنف والنزوح داخل بلد واحد، هو سوريا، وتتابع القصص حياة المغتربين أثناء كفاحهم في المنافي. مع العلم فإن مؤلف قرنفل أبيض يعيض في منفاه في السويد.
جماليات قصص الدكتور موسى رحوم عباس في أصالتها وعمقها وجودة حبكتها، فهو ابن الرقة وصوت آخر من البادية السورية مثل عبد السلام العجيلي ومها هويان الحسن وخليل صويلح. أدب البادية هذا لا يكتفي بالرقة بل يتنقل في خمارة أكوب بحلب والمعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق ويكشف حجم المأساة السورية والرحيل الكبير بعد سد الفرات وتحولات المجتمع السوري القاسية في ظل أنظمة قمعية متعاقبة.
يعيد الدكتور موسى قراءة التاريخ كما هو دون بطولات خنفشارية ولغة خشبية، بل متحولة ورمزية والكثير منها مؤلم لكنه حقيقي، فهو يعري الجميع هكذا ببساطة، فصياغة التاريخ لديه ليست صياغة الأحزاب العقائدية والأدب المخصي، بل تاريخ الإنسان ذاته.
أعتقد وبكل بساطة أن الدكتور موسى رحوم عباس هو عمود آخر ولن أقول هرم هنا، من أعمدة معبد بل في تدمر، ومدرسة متفوقة في عالم الأدب السوري ما بعد الثورة فرصده لتحولات سوريا دقيق وعميق بذات الوقت على يد جراح ماهر.
يحتوي كلا الكتابين على دروس للقراء الذين يقدرون المجتمع المدني المنفتح، وسيادة القانون، والقضاء المستقل، والانتخابات الديمقراطية كوسيلة لنقل السلطة داخل المؤسسات الديمقراطية.