اِصْعَدي يا فَرائِسَ نَيرونَ
مَحْفوفَةً
بِغُلْمَةِ شُطّارِ جَمْرِ الواقِدَةِ
لِنَشْهَدَنَّ نَحْرَ ثَوركِ البَهيمِ
نازِفاً
على رُخامِ الخُلودِ
آلامَ “فارتر”
الموغِلِ الموغِلِ في القَصيّ
حَيثُ نُعاسُ النُمورِ
المَخفورَةِ بِظُنونِ
الضالينَ في تيهِ المقْتَلةِ
أكُلَّما
اسْتدارَ عَبادُ شَمسٍ
نحْوَ نارِ السَماواتِ
أهْرَقْنا دَمَ الغِيابِ
حَنيناً بَاكياً على نَيزَكِ السُفوحِ البَعيدَةِ
ها نَيرونُ..
مَديحُكَ العَليلُ نَخْبُ الموتِ على الشُرُفاتِ
مَشْمولاً
بأقْفالِ لُجَةِ اليَمِّ
وحُراسِ بَنادِقِكَ الحَريفةِ
ها نيرونُ
ذَبَحْتَ الهواءَ في لُهاثِ الحوتِ
وأودَعْتَنا فَسيحَ الصَبرِ
مِرآةً ليونُسَ الضَارعِ
في عَينِ الخلاءِ غَريقَ الهاويَةِ
هاتِهِ ..
مثلَ غُلامٍ ثَمِلٍ
أنشَدَ الغِوايةَ بِلسانِ الصَّدى المَصْكوكِ
بنَقشِ الغَياهِبِ
وزُقاءِ ديكَةِ السُهوبِ المقارِعةِ
يا أنتَ..
نَشيدُكَ الحافي مِنْ نِعالِ داعِراتِ الكَمالِ
ولُجَّةِ شُرّاحِ بَداوَةِ خَواتيمِ الصِحَافِ المِقصَلةِ
نَيرونُ يا أنتَ..
هاتِها
أمَةُ اللهِ في الوجدِ الحَصيفِ
بِمَطارِقِ الرَعدِ على الحافّاتِ
سَنُهَشِمُ
مَرايا البَرقِ بِدَمِ العابِرينَ وحُبورِ الأجَمَةِ
نَيرونُ يا أنتَ..
هاتِها
جِيادُكَ الواهِناتُ
تُقايضْنَّ الرَعدَ بالبَرقِ
لا أرضَ فَوقَها
ولا
سَماءَ من تَحتِ سَنابِكِها
مُعَلَقاتُ الصَهيلِ
على مَضائِقِ شُباكِ الوليمَةِ
بجَناحَيكَ الخَفوقَيْنِ
نَثَّرْتَ
شَظَايَا كُؤُوسِ الرّعْبِ الحَصِينِ
عَلَى مَاجِنَاتِ الوَيْلِ
مَرْثِيَتَانِ
هما
مَباسِقُ الخَدِيعَةِ فِي كَهْرَمَانٍ
ولِسَانِ قَطيعِ الجَمْهَراتِ
حَيْثُ بَابُ الحَيْرَةِ
يا نيرونُ
عَلَى رَصِيفِ الصَّرْخَةِ المَرْجُوَّةِ
تَمُدُّ العَنْقَاءُ
جَنَاحَيْهَا البَليلَينِ بِخَمرَةِ يَقِينِ الأزَلِ
وأنت ضليلُ الشكوكِ
كَمَا
سَقْسَقَةِ الحَصَى فِي خَرائِنِ دَمِنا المهْدورِ
يُها الرَّشِيقُ
كَرُمْحٍ مَسْمُومٍ
مَواقيتُكَ الباذِخاتُ
ثَرثَراتٌ للنُّهُرِ
وَسائِدُ ريشٍ
وأرائِكُ مِحنَةٍ
وَيْحَها
قُلوبنا يا طائِرَ النارِ
كَقُبَلٍ تَفِرُّ
مِثْلَ فراشاتِ مَعْصِيَةِ النّورِ
خَطْونا
تَدابيرُ المِحْنَةِ وغُبارُ الطَّلْعِ على الشَجَرِ الأليفِ
عَقيقُ اللذَةِ الفَيحاءِ
فيما تَيَسَرَ مِنْ نَشيدِ الرَملِ
وقِصارِ صوَرِ غافِيَةِ الينابيعِ
نَيرونُ هاتِها..
هُمو
غُلمانُكَ الجَسورونَ مُتَكئونَ على أرائِكَ مَحْشوةٍ بدمِنا
مُنْصِتونَ
كَتماثيلَ من البازِلتِ
إلى كائِنِ الكمائِنِ
وآهِ
غُضارِ الطينِ
تحتَ شجرةِ البَرْقوقِ
آنَ
للحَجِرِ أنْ يَفُكَّ قَيْدَ إرْثِهُ الغُبارُ
وا عَنْقاءُ
وا طائِر النارِ
مُدْيَةُ القاتلِ
طَعْنَةٌ
لَا تُرى في خاصِرَةِ البِلادِ
نِصْفُ الحُلمِ المُسَجَّى
على الطرُقاتِ
غَيْرَ أَنَّنا
عَلَى مَضائِقِ الحاقّاتِ
نَزْرَعُ الدَّلبوثَ بِخَطونا
فَوْقَ سُرَّةِ العِصْيَانِ المُنْشِدِ
خُذوا مَزَامِيرَنَا
وَطُبُولَ الرَّعْدِ مِنْ صُدُورِنَا
وَانْثُروا البَرْقَ
صَرْخَةً عَلَى الطُّرُقَاتِ
انْحَدِرْ
يا نَيرونُ
كما نجمٍ هَوى
يُها الصاعِدُ فوقَ بَريقِنا
وافْرِدْ
جَناحَيكِ البَليلينِ بدَمنا
واهْطلْ
مَطَرَ المُسْتَغيثِ مِنَ الهُبوبِ
ها..
أبواقُنا للنَفيرِ
يا لَهَولِها
بوابةُ الشُروْعِ المكتَظَةِ بالمُمْكِنِ
مِنْ خِيانَةِ الجُرْحِ
بِمِلحِ المحنَةِ
ورِياءِ الرَمادِ في مَواقِدِ الجمَرِ الغَيورِ
مِنْ غَسَقِ
الحقيقةِ البَلهاءِ
إلى كَهْرَمانِ الخَديعَةِ
كانَ
النَشيدُ على أتمِّهِ
افْتِراراً مِنْ فَمِ ذِئبَةِ السُهوبِ
بُزوغُكَ الداعِرُ
يا نَيرون
مِحنَةُ الفَّيافي
وثَأثَأةٌ تَلثُمُ أثْداءَ الهاويَةِ
هو ذا الدَهرُ
يا نيرونُ المُدَّثِرُ بِرِداءِ النارِ
مَخْفوراً
بِأباريقِ الدَّمِ
مَنْ نَحَرَ
الفَجرَ مِنْ لُهاثِهِ
سِواكَ
مَنْ أوْلَمَ
الإصْباحَ على عَتَباتِ المَغيبِ
سِواكَ
مَنْ رَجَمَ الغيبَ بِعُلومِ التَوْرِياتِ
سِواكَ
مَنْ نَهَبَ الفِردَوسَ مِنْ أيكَةِ جُلَنارِ صُدورِنا
سِواكَ
مَن طَعَنَ الرَّعدَ بمُديَةِ البَرِقِ
سِواَكَ
مَصَابِيحُكَ الشَحيباتُ
رُؤُوسُ سَنَاجِبَ
خَطوهُنَّ
عَلَى السَّوَارِي
نَوّارَةٌ بِعثرَتْها الرِّيحُ
تيهَاً
خَواتيمُكَ الغافياتِ
هُدْهُدُ الكلماتِ
وأسِرَةُ اللُهاثِ
يَنْشُدْنَ
مَدِيحَكَ بِأَبْوَاقِ الرَّعْدِ
وَيُنَضِّدْنَ الغافِيَةَ كما مِحْنَةٍ
بِعِطْرِ الصُّوَرِ وَأَبْوَاقِهِ الآجُرِ
كَرُواةٍ
نُشَاغِلُ الصَّدَى بِأُمِّهِ الصَّوْتِ
وَنُرَقِقُ أَرْغِفَةَ النُّعَاسِ
عَلَى حَجَرِ المَيْمُونَةِ
سَنُلَقِنَنَّ
الصُّبْحَ بلسانِ طائِرَ البَرْقِ
بَكَارَةَ السِّحْرِ ونَفيرِ الأَزَلِ
بِعُرْجونِنا الصَّلْدِ
يا نيرونُ
سَتَتَوَارَى الأَرْضُ عَلَى نَشِيدِ الخَافِياتِ
وَقْتَما نَجُزَّنَّكَ
مِنْ كَبِدِ السَّمَاءِ
ونُمَسِدُ
بِمَنْي الوعولِ جُنْحَ الغَرانيقِ
عَلَّ
المُستَلقي على الأرائِكِ الزُرقِ
يَنْقُرُ بِسبّابَتِهِ
طُبولَ
الوَعيدِ.