أثار التقرير الطويل الذي نشرته بريطانيا، المعروف باسم تقرير لجنة تشيلكوت، والذي أقرت فيه عن عدم صواب حربها في العراق، حيث كان نتيجة خطأ في التقدير.
ليس غريباً استهتار الغرب بما حدث للشعب العراقي من هلاك، وما يحدث للشعب السوري من مجازر وكوارث، وأن غلطة في تصوره قد تؤدي الى ابادة شعب بكامله، وكل ما في الأمر لا يحتاج لمغفرة خطيئته سوى الى اعتراف بالغلط، وكان الله يحب المحسنين.
مايلفت الإنتباه، هو أن هذا التقرير قد اثار لغطاً في أوساط المثقفين العرب، وأكثرهم تساءل: كيف، وماذا يعني، أن يعترف الغرب بكل برودة ولا مبالاة بخطأ يمكن أن يقضي، أو قضى على تاريخ حضارة.
السؤال هنا طبعاً يتضمن اتهاماً يطال إنسانية الغرب، ويوجه اليه إدانة ارتكابه الجرائم.
المثقفون العرب مازالوا شتامين لغيرهم ونواحين على حال أمتهم، ولم يدروا بعد أنهم مشاركون أساساً وبقوة في ذات الجرائم، وذلك عندما افتقدوا ويفتقدون لوعيٍ قادر ٍ امتلاك لغة مجتمعهم، والبحث عن مفتاح بابه الموصد دائما بوجههم، وذلك بقصد فهم طريقة تفكيره، وكيف بيمكن أن يصغي لنا، وهو دونما خوف منا ومن تمنطقنا الغريب عنه، وأحيانا يكون عدوه، حيث كان وما زال شغله السياسي والفكري عدواة الناس بحجة أنها متخلفة، وأنها متدينة، وأنهم لايفهمون علينا، فبقينا خارج ابواب مجتمعاتنا، نلعب وحدنا ونعود راضين الى أنفسنا المنغلقة اكثر بكثير من انغلاق مندين ٍمن اهلنا، لم نفهم أسباب أوجاعهم ومصائبهم كي نهتدي للعلاج. لم ندرك أن عجزنا شبه المطلق عن أي فعل يعطي الناس امكانية تسوير نفسهم، ودفعهم أن يعتمدوا على إتسانية عقولهم القائمة بمواجهة الحاضربذهنية واقعية تناسب لحظة الآن متفلتة من مغالطة فهم الماضي على انه قال كل شيء ولكل زمان ومكان، وأن يعوا بأن سواعدهم وتفكيرهم العاقل هم فقط من يجعلهم أن يتجنبوا مذابح الآخرين لهم، وأن نفهم جميعاً أن نظافة وعقلنة فكرنا ومعتقداتنا هي الوضوء الأمثل من أجل طهارة وجودنا وسلامته وكرامته.
مثقفونا ومفكرونا وسياسيونا، سلاطيننا وأعداؤنا وأصدقاؤنا اتفقوا علينا، أننا نحن لسنا من البشر، وأننا نحن أبناء الشوارع والبيوت الجائعة والباكية، والذين لم يُترك لهم أحدٌ يساعدهم سوى الله، لأننا لا نفهم، حيوانات وبهائم، تعيش بقوة الغرائز، ولا يمكن، أن يكون لنا فعلٌ ما، أوليس خرجنا من المساجد؟!
العجيب أنهم يؤكدون لنا أننا منخلفون ومتدينون ويطالبوننا ألا نعتبر دور عباداتنا نشحننا بالهمة ضد ديكتاتورنا المجرم.
لكن، هل كان سلطان باشا الأطرش علمانياً، أو مثقفاً، أوديمقراطياً؟ وهل ندينه لأنه لا يتكلم الشعارات الفارغة التي نغلّف خواءنا بها؟ ونسخّف ثورته على الإستعمار الفرنسي ؟
وهل كان الشيخ صالح العلي ماركسياً ؟ لماذا لم نرفض ثورتهم لأنهم ليسوا كذلك؟ وهل كانت الثورة السورية الكبرى مضمنونة الإنتصار؟ كي نتهم الثورة السورية والشعب السوري العظيم بالمغامرة والتهوّر؟
ألا تعتقدون أن ديكتاتورية الأسد، لا يمكن أن تزول إلا بهؤلاء البسطاء؟ أولا تعتقدون أن المثقفين بمجملهم جبناء؟ ثم ألم تلاحظوا، أن من يقاتل الشعب السوري هو عقيدة مدججة دينياً، وأن مقاتليه يحملون جوازات سفر للجنة ؟
فتشوا جيوب جلاوزة حزب الله، وعصائب اهل الحق، والحرس الثوري الإيراني والأفغانيين والباكستانيين، وفصائل السيدة زينب، وعلي، وأبو جعفر المنصور، وباقي المليشيات المخدرة حتى النخاع بالآيديولوجيا العقيدية الدينية، سوف تجدون تأشيرات دخول الى الجنة، هل ستقاتلون هؤلاء بالإقناع والنشاط الثقافي والسياسي، أم بنعومة لطفكم زورتئحة عطوركم ووترفعكم عن المساجد؟
وإذا كانت الثورة، تفتقد الى القيادة العلمانية والديمقراطية والليبيرالية والحديثة ووووكل التسميات التي تحفظونها، أفلا يكون السبب موتكم، وجيفكم المكلسة بكلمات الخديعة التي تربيتم عليها حتى الخيانة …
عــاشـــت الــثـــورة …
وعـــاش بـســطــاؤها وفـقــــراؤهــا .. وعـــاش اللـــه
*خاص بالموقع