أبرز 10 كتّاب ومفكرين عرب رحلوا عن عالمنا في 2021

0

للعام الثاني على التوالي، تبدو كلمة “الفقد” قادرة على اختزال معظم ما جرى خلال هذا العام الذي يشارف على نهايته، وتلخيص حصيلة اثني عشر شهرًا فقد فيها العالم مئات آلاف الضحايا الذين سقطوا أما بسبب تسبب تفشي وباء كوفيد-19 ومتحوراته الجديدة، أو بفعل الكوارث الطبيعية، والحروب، وغيرها.

في المقابل، لم يكن هذا العام جيدًا بالنسبة إلى المشهد الأدبي في ظل الأزمة التي ضربت قطاع النشر، وتأجيل معارض الكتاب في أكثر من دولة عربية، بالإضافة إلى فقد شخصيات أدبية وفكرية لها حضورها وتأثيرها في هذا المشهد. نستعرض معكم في هذه المقالة أبرز 10 كتّاب ومفكرين عرب رحلوا خلال 2021.

1. جورج زيناتي

وزّع جورج زيناتي (1935-2021) نشاطه في مجالي الفلسفة والتفكير على التأليف والترجمة. فبالإضافة إلى أعماله الفلسفية التي بحثت في مواضيع مختلفة مثل الحرية والعنف، ساهم الباحث الفلسطيني الراحل في إمداد المكتبة العربية بترجماتٍ مميزة، لعل أهمها أعمال المفكر والفيلسوف الفرنسي بول ريكور.

في مجال التأليف، سعى زيناتي الذي غادر عالمنا في 22 كانون الثاني/ يناير الفائت، إلى التوفيق بين الفلسفة والدين، وتسليط الضوء على الأيديولوجيا وتفرعاتها السياسية منذ نشأتها في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وحتى نهاية عصر النهضة وبدايات العصر الكلاسيكي، وذلك عدا عن بحثه الدؤوب في مسألة الصراع الدائم داخل المدارس الفلسفية على اختلاف توجهات الفكرية.

2. مريد البرغوثي

يُعيد الكاتب والشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي (1944-2021) أسباب كتابته للشعر دون غيره من الأجناس الأدبية الأخرى، إلى كونه الوسيلة الوحيدة التي بدت قادرة، بالنسبة إليه، على التعبير عن هواجسه في ضوء تحولاتٍ هائلة ومخيفة تمثلت في هزيمة حزيران/ يونيو 1967، التي يقول إنها: “خلخلت عالمي الشخصي، وقسمت عائلتي وبلادي أنصافًا لا تتلاقي ولا تلتئم”.

حملت قصائد الشاعر الفلسطيني الذي رحل عن عالمنا في 14 شباط/ فبراير الفائت، إلى جانب هواجسه ومشاعره، نزعة نقدية تشير إلى شكٍ متأصل داخله تجاه ما يبدو يقينًا راسخًا، وهي نزعة يقول إنها رافقته منذ الصبا، وحضرت في جميع أعماله الشعرية، ذلك أن الشعر بالنسبة إليه لا يلتقي مع الأشياء والمواضيع والمفاهيم الراسخة والمكرسة، بل يقف على النقيض منها تمامًا.

3. نوال السعداوي

أمضت الكاتبة والناشطة النسوية المصرية نوال السعداوي (1931 – 2021)، سنوات حياتها في صراعٍ مستمر مع السلطتين الدينية والسياسية، إلى جانب الانشغال بإشكاليات حقوق الإنسان، وتغييب الحريات، ومصادرة حق الفرد في التعبير عن رأيه، والدفاع عن حقوق المرأة العربية الإنسانية والسياسية، الأمر الذي جعلها واحدة من أكثر الكاتبات النسويات إثارةً للجدل في العالم العربي.

وبالإضافة إلى انشغالها بهذه القضايا، قدّمت السعداوي التي غيّبها الموت في 21 آذار/ مارس الفائت، مجموعة من المؤلفات التي توزعت على الأدب والسيرة الذاتية والكتابات النسوية، وأثارت جدلًا واسعًا بسبب نقدها للمجتمع، ومهاجمتها للسلطتين الدينية والسياسية، وتناولها لمواضيع تُعتبر، وبحسب تعبيرها، محرمة وإشكالية في المجتمعات العربية، مثل العذرية وختان الإناث والطلاق الشفوي، وغيره. كما أثارت سجالاتٍ ساخنة بسبب مواقفها السياسية التي تتبنى خطابات الأنظمة الديكتاتورية وتؤيدها، إلى جانب مواقفها من الدين التي يراها البعض شاذة وغير منطقية.

4. عز الدين المناصرة

إلى جانب نشاطه الأدبي والنقدي، يُعرف عن الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة (1946-2021) انخراطه في العمل العسكري المقاوم، حيث شارك في منتصف سبعينيات القرن الفائت في القتال جنوب لبنان ضمن صفوف المقاومة الفلسطينية، وتولى قيادة عدة محاور عسكرية في منطقة جنوب بيروت، بالإضافة إلى قيادته “معركة المطاحن” التي كان هدفها تخفيف الحصار عن مخيم تل الزعتر.

من هنا ارتبط شعر المناصرة الذي غادرنا في 4 نيسان/أبريل الفائت، بالثورة والمقاومة الفلسطينية التي كرّس مجمل منجزه الشعري لتمجيدها والتغني بها عبر لغةٍ وصفت بالمتقدة. في المقابل، سعى الشاعر الفلسطيني الراحل إلى تقديم قصائد تحفر في جذور التراث وتستمثر في رموزه من أجل وصف البؤس والخراب والقلق واليأس الذي يعنون اللحظة العربية الراهنة.

5. هشام جعيط

البحث في إشكاليات التاريخ الإسلامي، والحفر في جذور الحضارة العربية والإسلامية، لا سيما في الإسلام المبكر والسيرة النبوية التي قدّم عبر البحث فيها قراءة أكاديمية علمية مميزة للإسلام، بالإضافة إلى نقد واقع الثقافة العربية والإضاءة على إشكالياتها، وتصويب نطرة العالم إلى الإسلام وتبديد الصورة النمطية عنه، هي العناوين العريضة لمشروع المفكر والمؤرخ التونسي هشام جعيط (1935-2021)، الذي غادر عالمنا في الأول من حزيران/ يونيو الفائت عن عمرٍ ناهز 86 عامًا.

قدّم جعيط في مشروعه هذا، مجموعة من الأعمال التي عُرفت برصانتها العلمية والأكاديمية، ونبرتها النقدية، ومنها: “الكوفة: نشأة المدينة العربية الإسلامية“، و”الفتنة: جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر“، و”في السيرة النبوية” الذي صدر في ثلاثة أجزاء، و”الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي“، و”تأسيس الغرب الإسلامي“، وغيره.

6. سعدي يوسف

يُعتبر سعدي يوسف (1934 -2021) أحد أبرز الشعراء العراقيين الذين برزوا في مرحلة ما بعد ظهور جيل الرواد الأوائل، بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي، وأسسوا لما يُعرف بـ “لحظة الحداثة الشعرية الثانية” في العراق، التي برز فيها يوسف بوصفه شاعرًا مجددًا، وصاحب تجربة متفردة تُعنى بالكتابة عن تفاصيل الحياة اليومية الصغيرة والهامشية.

يحظى سعدي يوسف الذي رحل عن عالمنا في 13 حزيران/ يونيو الفائت، بأهمية كبيرة في فضاء الشعر العربي، غير أن مكانته هذه أخدت بالتراجع خلال السنوات العشر الأخيرة لأسبابٍ عديدة، أبرزها مواقفه الإشكالية والشاذة حيال قضايا ثقافية وسياسية مختلفة، منها ثورات الربيع العربي التي رأى أنها انطلقت بأوامر أمريكية، واعتبر المشاركين فيها عملاء للدول الغربية، وذلك بالإضافة إلى تمجيده وتأييده للأنظمة الدكتاتورية العربية، ورثائه الشهير للرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي، وغيرها من المواقف الأخرى التي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية والسياسية العربية.

7. لميعة عباس عمارة

تنتمي الشاعرة العراقية لميعة عباس عمارة (1929-2021)، إلى حركة الحداثة الشعرية التي ظهرت في العراق بين بداية خمسينيات القرن الفائت ونهاية ستينياته، وضمّت كلًا من بدر شاكر السياب، ونازك الملائكة، وعبد الوهاب البياتي، وغيره. مع ذلك، لم تحظى الراحلة بالشهرة التي نالها زملاؤها، حتى أن الكثير من القراء العرب لم يسمعوا بها قبل وفاتها في 18 حزيران/يونيو الفائت.

يقول الناقد العراقي علي حسن الفواز إن عمارة: “جزء من ذاكرة القصيدة الجديدة ومن هواجسها بالمغامرة والانفتاح على عوالم نزعت عنها الرتابة والمألوف الشعري، وكانت القصيدة المسكونة بالأنوثة تمثّل وعيًا جديدًا مثلما تمثل انفتاحًا كسرت معه الكثير من تقاليد الألفة والنمطية”.

8. جبور الدويهي

يُنظر إلى الروائي اللبناني جبور الدويهي (1949-2021) على أنه راوي الحياة اللبنانية ومؤرخ تحولاتها السياسية والاجتماعية والثقافية أيضًا، حيث تناول في مجمل أعماله الروائية عددًا من الأحداث الفارقة في تاريخ لبنان، مثل مجزرة كنيسة مزيارة التي وقعت في عام 1957، والحرب الأهلية اللبنانية، وتحولات ما بعد انتهاء الحرب، وغيرها.

قدّم جبور الدويهي الذي غيّبه الموت في 23 تموز/ يوليو الفائت، روايات تبدو أقرب إلى نوعٍ من أنواع المساءلة التي تبدأ بالإضاءة على ما هو بسيط، وتنتهي بمحاكمة أشياء وتفاصيل معقدة، مثل المعتقدات الدينية والسياسية، وعلاقتها ببعضها البعض، وموقعها في الحروب والنزاعات الأهلية التي دارت في لبنان خلال مراحل زمنية مختلفة.

9. حسن حنفي

يوصف الكاتب والمفكر المصري الراحل حسن حنفي (1935-2021)، بأنه أحد أبرز المفكرين العرب الذين انشغلوا في دراسة الفكر الفلسفي العربي والإسلامي، والبحث في واقع الثقافة الإسلامية ومراحل تطورها، إلى جانب اهتمامه بمسألة التراث والتجديد، التي تمحور حولها مشروعه الفكري المتميز الذي حمل الاسم نفسه، “التراث والتجديد”، وتوزع على ثلاثة أقسام، هي: “موقفنا من التراث القديم“، و”موقفنا من التراث الغربي“، و”نطرية التفسير”.

وإلى جانب اشتغاله على هذا المشروع الذي ينهض على المواءمة بين التراث القديم والمذاهب الفلسفية الحديثة، برز حسن حنفي الذي رحل عن عالمنا في 21 تشرين الأول/ أكتوبر، بوصفه أحد أبرز مؤسسي ما يُعرف بـ “اليسار الإسلامي”، الذي يرى أنه جزء من: “الخطاب الجماهيري الذي يمس أفكار التراث القديم، ولكن ليس بلغته ودقته وتحليلاته. إنها تحويل لمشروع التراث والتجديد لمشروع سياسي، فالثقافة سياسة، والسياسة ثقافة”.

10. إيتيل عدنان

بَنَت الكاتبة والشاعرة والرسامة اللبنانية – السورية إيتيل عدنان (1925-2021)، إرثًا ثقافيًا مميزًا وزعته على الرسم والنقد وكتابة الشعر والنثر والرواية. واستطاعت، عبر محاولاتها المستمرة لإيجاد روابط بين هذه الحقول والجمع بينها، إلى جانب التزامها المطلق بقضايا الحرية والعدالة والمساواة، تقديم نفسها بوصفها مثقفة موسوعية، تنهض تجربتها الإبداعية على المواءمة بين ثقافات محلية وعالمية مختلفة.

كتبت عدنان التي غيّبها الموت في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، قصائد وضعت فيها خلاصة تأملاتها وتجاربها الشخصية، وعبّرت من خلالها عن مواقفها تجاه مختلف قضايا عصرها، خاصةً قضايا التحرر الوطني والنضال ضد الاستعمار والاستبداد. يقول الكاتب والمفكر اللبناني فواز طرابلسي في وصف الراحلة: “إيتيل كاتب ملتزم، لا تخجل من الكلمة ولا من النعت. هي البرهان الحي على أن التزام قضايا الحرية والعدالة والمساواة يغني الأدب ولا يفقره”.

*الترا صوت