يونس عطاري: كتاب ” الدولة المرفوضة” يكشف دور اليسار في انتاج الدولة الطائفية

0

ما يميز هذا الكتاب الصادر حديثا عن دار جدار للثقافة والنشر للكاتب خلف علي الخلف عدة أمور، أولها العنوان الأساس و العنوان الفرعي اللذان يعبران بجلاء عم يريد الخلف ان يقول،  وثانيهما توضيح ارتباط الاقليات العرقية و الدينية بالفكر والتنظيمات اليسارية، ثالثهما أن في اليسار السوري اقلية سورية من منبت سني عريض يرنو الى الخلاص من الاقطاعية و البرجوازية السنية التي استخدمت كل الوسائل الممكنة لتبقى وتحافظ على مكتسباتها خلال الحكم العثماني واستمرت تحت الاستعمار الفرنسي، هذه السنية اليسارية كانت حجر أساس في تشكيل اليسار الذي يمكن تسميته اليسار الاخر المتخوف من استمرار السنية في السيطرة على الجيش و الاقتصاد.

أراد خلف على الخلف ان يدق المسمار في نعش المسكوت عنه حول الدور الطائفي في قيام الدول الصغيرة و تعرية المقولات و شعارات اليسار حول الوحدة الوطنية، خاصة ان اليسار مثل التمساح، اليسار في سوريا لديه مشكلات عميقة تجعل وصوله الى الحكم مستحيلا دون العسكر لانه غير قادر على القيام بثورة سلمية فهو اقلية منبوذة و لا يمكنه القيام بثورة مسلحة لاسباب منها انه يسار مفلس ماديا و ليس لديه الجمهور المستعد لحمل السلاح لخوض معرك ثورية، بالتالي كما يقول خلف ركب اليسار السوري على ظهر العسكر في الجيش واستخدم العسكر هذا اليسار كواجهة فكرية فهما متداخلان.

بعد ان قدم لنا خلف في كتابه الضعف الجوهري في قيام الدولة السورية من خلال مسار نشأتها الذي يعرفه الجميع، فهي دولة تم رسم حدودها ليخدم الاستعمار و قيام دولة العدوان الإسرائيلي فاطلق عليها “الدولة المرفوضة” من كل السكان على أراضيها لانها دولة وليدة و صغيرة و لا تمثل طموحات سكانها في السيطرة على الموارد و الأراضي و قيادة الحكم و السلطة مما جعلها عرض لكل الاهتزتزات.

لنعود للكتاب و الى دور اليسار في انشاء الحكم العلوي الحقيقي و الفعلي و المخفي رسميا و غير العلني رغم ان كل سوري ما عدا اليسار كان يعرف و يعيش هذه الحقيقة. ان الكتاب مثل كتب كثيرة يورد تحالف اليسار مع حزب البعث للتخلص من الاخوان المسلمين الذي رأوه ضرورة حيث الخوف من سيطرة الاخوان. تلك السيطرة التي يشكل اليسار عائقا فكريا أمامها، لكنه ليس عائق حقيقي فالعسكر هم من أعاقها و “سحقها”، وبالتالي يرى خلف ان هذا الخوف عند اليسار جعله رهيين حزب البعث و مخالب العسكر و كان عجينة لينة تدهن وجه الحكم العسكري القبيح لنراه كرغيف خبز طازج. هذا الحكم الانقلابي الشكل العنفي المظهر احتاج لليسار و ليس الى الاقطاعية و البرجوازية السنية فلم يتحالف الا مع اليسار بل استخدم العسكر الذي سيطرت على قيادته العليا الطائفية الخفية التي كان اليسار يرسم لها أي للعسكر اجمل صورة ثورية مبشرة بالمساواة.

في بعض ما ذكره خلف في كتابه تفاصيل صغيرة لكنها لافته، فمثلا السني اليساري علية نبذ الطائفية و الدين علنا ليحصل على شهادة حسن سير و سلوك و لكن هذا غير مطلوب من أي يساري اخر من أي اقلية او طائفة، يشارك السني اليسار في هذه المصيبة اليساري الكردي الذي كان مطلوبا منه نبذ كرديته.

أخيرا كما جاء في الكتاب كل الأحزاب و السكان يرفضون هذه الدولة لاسباب كثيرة الأممية الإسلامية العروبية الطائفية بالتالي هي دولة قسرية مثل باقي دول العالم العربي بشكلها الحالي الذي كان منتج استعماري تخدم مصالحه و استمرارها في العيش بضعف شديد يهتك كينونتها للابد.

*خاص بالموقع