قصائد

0

بشير البكر

شاعر وكاتب سوري، رئيس تحرير تلفزيون سوريا

أوراق 11

أوراق الشعر

  1. Bell and Crown

سريعا،

 يأتي ويذهب التايمز

كما القلب في أيار

حين يطوحّ به الورد

مثل ناقوس،

ذهابا وإيابا

ويرميه من وجع لآخر.

ورد الصباح

الذي يتعذر

 يشبه حسرة لا تبرح.

ذلك الورد

لم يرسله أحد لأحد

ظل هناك فوق الطاولة الخالية

شأن صاحب النزهة وحيدا

خارج لندن

في نهار أحد خريفي

ينقضي بخطى بطيئة

نزولا من ريتشموند نحو برنتفورد.

***

ذلك المساء

بعد نهار طويل،

كما جرت العادة

في تلك الأيام الرمادية،

جلست قريبا من النهر

أمامي مراكب صغيرة.

نزل مطر ناعم

جاء مثل وقت متأخر

ببطء أيقظ رائحة الأرض

كأن المدينة مطر

وتلك الغيوم نساء

 لا تشبه بعضها

وهي تترجل نحو البحر.

ذلك المساء

مثل أغنية طويلة

وحيدة جدا

لا يسمعها أحد

تشعل ما بقي من الليل.

آهة طويلة

 كصفارة قطار في نهاية النفق.

***

يجلس الليل قربي

عيناه مفتوحتان

يظل مثل سؤال بلا جواب،

حين يحضر في غيابك

يأتي أطول مما يكون

كما لو في مثل هذا المساء

في مكان آخر.

كان الوقت رائعا

زجاجة بوردو

وسجاير.

رياح لندن بيننا

لا تهدأ

وكان قمر أيلول الناعس

يضيء السرير

طوال الليل.

  • الحجلة

خلفك منذ درج الريتس

ذات مساء

 كانت قدمك تقيس المسافة

وعينك ترصد الضوء

كأنما أنت الحجلة

التي تنزل نحو الفرات

وأنا العطشان

الذي ظل ينتظر دائما

و لا يرتوي

***

كأنك جارتي

كما كان الأمر عليه هناك

في المدينة البعيدة

وكأني بجوارك

لا أرى سواك

في المسرات

ولا يأخذني المنام لغيرك

كلما رجعت

ليس سواك

في الدرب إلى حانة النهر

الجرس والتاج.

***

وأنا الذي

لم يدلني أحد عليك

كل صباح

اتبع رفوف الطير

إلى جهات القلب

أمشي كأني نازل

من الشامية إلى الفرات

 وفي خاطري شوق العائد إلى بلاد الربيع.

***

أحب من الاسماء

ما يشبه غيمة

تطل على البحر

وقد لوحتها الشمس

لكنها على نحو ما

تبقى واقفة قربي

حتى حلول الظلام.

3-هبرية من الجزيرة

من تلك القرى البعيدة

في بلاد الخابور القديم

تمشي كأنها الحجل

يسرح في براري بدايات الخريف.

وكأننا لم نرجع

إلى أهلنا في البراري

في نهاية الصيف.

ها هو الليل

هادئ وقديم

كما لو أنه يعود من سفر

يفتش عن منام في الغفلة.

في هذه الساعة

قبل منتصف الليل

ما بين القيظ

وما يأتي من نسيم البحر

ونحن نستنفد رطوبة الأيام الباقية من شهر آب

ثمة أصوات غناء بعيد

كأنها تأتي من القرى التي بقيت هناك

في بلادنا العصية على النسيان.

موسيقى ليالي الفلاحين بعد الحصاد

وأغاني الزواج الذي يستعد لاستقبال المطر.

ثمة ما يأخذ السمع

ويفطر القلب،

يشعل النيران في هشيم قديم

من تلك البراري البعيدة،

بلاد الجزيرة بين دجلة والفرات

حاضنة الخصب

وأرض الأساطير.

-4 كان ما سوف يكون

فجأة

هكذا

كأن طائرا جاء من حلم قديم

يحمل نبأ لا يحتمل الانتظار

هكذا

اذن

ما كان سوف يكون

وما سيأتي.

كأنه جرح من وهم

سيبقى هنا

أو حب لم يحصل

مر كميعاد

 لم يسعفه الوقت.

5-حجر منزلي

إلهي

نحن هنا

بخير

يمضي الوقت في الحجر المنزلي.

شكرا

لم يأت الزلزال بعد.

نعقم البطاطا بالديتول

ونغسل البصل بالصابون

ونسترجع فهد بلان.

نشاهد الأفلام العتيقة،

نعيد قراءة القيامة الآن

وننتظر مركبات فضائية

تأخذنا إلى الزمن المستحيل.

لن أشرح أكثر

نحن في عين الردى

لكنه يقظ

يا إلهي..

6-قصيدة أول النهار

مثل حال سيدة بعيدة

وحدها تجلس في حديقة البيت

في نهار مشمس

من أيام منع التجول.

سنمكث طويلا

على هذا المنوال الذي لا أوان له.

هنا سنقرأ الكتب

ونشاهد الأفلام

ونقبل بعضنا عن بعد.

لن نلتقي

وربما توقفنا عن الثرثرة

حين نعاين الألم

يسيل من أرواحنا

قطرة..قطرة

كما لو اننا في إقامة

في هواء شنغهاي الحامض

في لحظة الحلاقة صفر

والأنا معلقة من الأعلى

إلى برميل من الهواء الفارغ.

ربما تركنا

شمس أول النهار

تتمشى وحيدة

وتجمدنا أمام نشرات الأخبار

التي تحصى الموتى

بانتظار كأس من البيرة الهولندية

و طائرة تحلق عاليا

بعيدا عن منع التجول

ورعب الحبس المنزلي.

7- نقود مسافرة

حين أعود إلى ألبستي العتيقة

أجد قطع نقود صغيرة

سافرت معي من بلدان أخرى.

وعندما أتصفح هذه الكائنات اللطيفة

يخطر لي

أنها كان يجب أن تكون

من نصيب نادل في مقهى هناك

سقانا شرابا لطيفا ذات مساء دافئ

ونسينا أن نرد له الجميل

وسط صخب الزبائن

في نهاية أسبوع طويل وبارد..

اسطنبول 2020

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here