عن دار النشر الأردنية «خطوط وظلال»، صدر للصحافي علام رمضاني كتاب «أنوار في ليل (كورونا)… من دفتر محجور ثقافي». لماذا هذا العنوان؟ يقول رمضاني: «باريس عند العام والخاص هي بلد الأنوار؛ شاء عدوها أم أبى… وفيروس (كورونا) أدخلنا في ليل لا نعرف حتى لحظة كتابة هذه السطور متي سينجلي. الصحافي الثقافي الذي يفترض أن يقرأ أكثر من أي صحافي ـ إذا كان يؤمن أن الثقافة ترفض كل التعريفات الضيقة لمفهومها المتداخل والعميق والعريض والطويل ـ لا يمكن أن يترك سياق (كورونا) يمر دون أن يكتب عنها… لقد جدت في سياق الجائحة فرصة من ذهب وماس ولؤلؤ لكي أرصد معظم مظاهر التفاعل الثقافي الذي عرفته باريس طيلة شهرين ونصف أثبتت أن الثقافة بكافة تجلياتها ضرورة لا تنقذ الإنسان من الموت مثل المأكل والمشرب، لكنها تساهم في تأخيره بتمكينها الإنسان؛ فقيراً كان أم غنياً، من مواجهة العزلة الاجتماعية التي تقتله ببطء وبطريقة بشعة وبطيئة» .
ويذكر المؤلف أنه راح «يطارد (كوروناً) ثقافياً»، من خلال تسجيل كل جديد يطرأ في الساحة الثقافية بمختلف أوجهها منذ اليوم الأول للحجر، من خلال الدور الذي أصبحت تلعبه القراءة أكثر من أي وقت مضى في مواجهة العزلة الاجتماعية، وفي «معالجة» مرضى القلق والملل القابعين في بيوت مخملية توجد في الأحياء الراقية أو في البيوت الشعبية الواقعة في الضواحي المحيطة بباريس العاصمة. بدأت بحكاية الناشرة بولين فوييه التي هزت فرنسا بالفيديو الذي يظهرها تبكي بحرقة، داعية السلطات المعنية والفرنسيين إلى ضرورة التضامن لإنقاذ مكتبتها من الإفلاس جراء غلق اضطراري لعدم تردد الناس على شراء الكتب بسبب الحجر الصحي. غلق المكتبات تسبب في ضجة إعلامية نتجت عن انقسام الفرنسيين حول أمر غلقها تفادياً لانتشار الوباء؛ وفتحها تكريساً لعادة القراءة في مجتمع يحتاج إلى الكتاب كما يحتاج إلى الخبز. ولأن الصحة تسبق الكتاب والخبز؛ لأنها الضامنة للحياة، انتصر أنصار غلق المكتبات دون أن يعني ذلك استغناء عدد كبير من الفرنسيين عن القراءة. استجابت الدولة لنداء بولين ولغيرها من أصحاب المكتبات المستقلة الصغيرة، وضخت مالاً لمساعدتهم على الصمود رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، وكذلك من خلال محاورته هاتفياً من أمكن من الكتاب، مثل رفاييل ليوجييه وجاك لانغ. وإن لم يستطع المؤلف الحوار، قرأ مؤلفات بعض الكتاب وقدم عروضاً لها، بدأت بالفيلسوف والعالم الاجتماعي إدغار موران (99 عاماً) «الذي اخترق ليل (كورونا) بإضاءة فكرية عمقت مسار فكره المنير الذي تجاوز بقوة مداه حدود فرنسا وأوروبا».
وتوقف المؤلف عند كتابه «تغيير الطريق… دروس فيروس (كورونا)»، كما كتب عن المفكر الاقتصادي والسياسي جاك عطالي المستشار السابق لفرنسوا ميتران، والروائي «المشاكس» ميشال ولبيك، وبرنار هنري ليفي الذي أصدر كتاباً عن الجائحة بعنوان: «هذا الفيروس الذي يصيبنا بالجنون».
*الشرق الأوسط