يعد تحرير سجن الباستيل في 14 يوليو تموز 1789 رمز انتصار الثورة الفرنسية، فليس تحرير فيرساي ولا السيطرة على مراكز السلطة وإنما السجن ذاته الذي كان يعني الحرية بمعناها المطلق ومركز السلطة ورمز سطوتها، لذلك كان لتحريره المعنى الأعمق والانتصار الأكبر للشعب الفرنسي، وهذا الحدث بالذات حفر في الذاكرة الفرنسية والإنسانية لأكثر من ثلاثة قرون وأصبح جزء من الوجدان البشري وضوء في آخر النفق، فقد تم سلب حرية الفرنسيين لقرون وعندما استعادوا زمام المبادرة فكانت من بوابة تحريرهم للباستيل، ولهذا الحدث الأهم ربما ليس على مستوى فرنسا وإنما على مستوى تحول بشري هائل احتفى الشعراء الفرنسيون به وصفقوا له سواء بالقصائد المنشدة أو بأنواع التغني والتمجيد والتخليد لهذا المنعطف التاريخي، فقد كُسرت رمزية السجن وبالتالي هيبة الملك لويس السادس عشر، والطريق نحو تغيير الخارطة الأوروبية والفكر الإنساني بالكامل لما تحمله الثورة الفرنسية من قيم الحرية والإخاء والمساواة، وهنا أعرض ترجمتي لعدد من القصائد التي تغنت بتحرير الباستيل.
وأشهر من تم زجهم بالباستيل فولتير والذي كتب قصيدة الباستيل الشهيرة ورغم أن فكر فولتير وكتاباته الفكرية أعلى من مستواه الشعري إلا أنه كتب عن سجنه قصيدة نثرية وساخرة هامة عام 1725 أي قبل الثورة الفرنسية ولكن لقصيدته دلالة هامة في ترسيخ الظلم لدى الفرنسيين وليصبح الباستيل رمز لتحكم الطبقة الأرستقراطية سطوتها، وحسب المصادر قام فولتير بإهانة النبيل الفرنسي الشاب – كافلييه دي روهان – في وقت متأخر من عام 1725، واستطاعت أسرة روهان الأرستقراطية بالمقابل أن تحصل على lettre de cachet – وهو مرسوم موقع من ملك فرنسا (وكان الملك هو لويس الخامس عشر في عصر فولتير) يتضمن عقاب استبدادي لأي شخص يعارضهم أو يختلف معهم، ولا يمكن استئناف الحكم الذي جاء فيه. وهو نوع من الوثائق التي كان يشتريها أفراد طبقة النبلاء الأثرياء للتخلص من أعدائهم غير المرغوب فيهم. واستخدمت أسرة روهان هذه الضمانة في بداية الأمر للزج بفولتير في سجن الباستيل، ثم التخلص منه عن طريق النفي خارج البلاد دون أن يتعرض لمحاكمة أو يسمح له بالدفاع عن نفسه. وتعتبر هذه الواقعة علامة بارزة في تاريخ بدء محاولات فولتير لتطوير نظام القضاء الفرنسي.
1-قصيدة الباستيل لفولتير
(وفيها يسخر من طريقة اعتقاله ونقله للباستيل)
هكذا حصل، وذلك في صباح لا قمر له،
في الربيع الجميل، في يوم عيد العنصرة،
أيقظني هذا الضجيج المفاجئ الغريب.
خادم لي، كان في حالة سكر في المساء :
قائلاً : “يا سيدي، روح القدس هنا.
إنها هي بلا شك، وقد قرأت في كتابي
أنه يقتحم بيوت الناس بضوضاء.”
ثم قلت صارّاً بين أسناني :
” أيها الابن الأصغر من الروح الأسمى،
أيها الوسيم باراكليه، مرحباً بك،
ألست أنت من تجعلنا نحب؟
وبعد إنهائي لهذا الخطاب السخيف،
ليبدو لي في نهاية مساري،
أنه لا حمامة، ولا يمامة،
من روح القدس الطائر الرقيق والمخلص،
بل عشرين غراباً من غربان البين ينهبهم الجوع،
الوحوش المعقوفة المنقار التي شكلها أشبه بالجحيم.
أحدهم من معارفي يقترب متملقاً :
يضفي سلوك لطيف، وبمشية بطيئة،
تحفها نغمة مغرورة كالصرصار، ومجاملة وإطراء،
محاولاً إخفاء المرارة التي تنخر قلبه.
ليقول : “يا بني، المحكمة تعرف امتيازاتك.
الكلمات الطيبة التي تقولها تحظى بتقدير كبير،
وخطاباتك الدقيقة، وكتاباتك الشجاعة؛
وبما أن كل عمل هنا له ثمنه،
فإن الملك، يا بني، المليء بالامتنان،
يريد رعايتك وأن يمنحك مكافأة،
وأن توافقه على الرغم من المنافسين،
واستضافتك بالإقامة في إحدى قلاعه.
الناس الطيبون الذين على بابك
سيرافقونك بكامل الاحترام والتهذيب،
وأنا، يا بني، مبعوث من قبل الملك
للقيام بعملي الصغير هذا.
ثلاثة أرباع فصيل (لاعتقاله بتهذيب؟!)، قلت له،
هذه البداية الجميلة ليست موجهة إلي؛ إنها خدعة :
أنا لست شاعر بلاط وفقاً للمحكمة؛
لا أعرف ملكاً أو أميراً أو أميرة.
وإذا قمت بتشكيل رغبات بصوت خفيض،
فلن تكون معروفة أبداً.
أنا أحترمهم، فهم آلهة على الأرض.
لكن لا تنظر إليهم عن كثب : يجب على الإنسان
الحكيم أن يحذر دائماً
من أولئك الذين يجلبون الرعد.
غادر أيها الشرير ارجع إلى الملك؛
قل له بصوت عالٍ أنني أشكره
على منزله واستضافته؛ إنه شرف كبير بالنسبة لي.
لست بحاجة إلى الكثير من المراسم :
أنا سعيد بالغرق؛ والآلهة
جعلت من كوخي تعويذة هادئة : بضاعتي
نقية، ونومي سهل،
ومرتاح؛ ليس لدى الملوك شيء أفضل من هذا لي.
لقد تكلمت عبثاً، وعبثاً دافعت عن نفسي من ذلك،
كل هؤلاء السادة، بحضورهم اللطيف والنقي،
أمسكوا بيدي بشدة :
“هيا يا بني، هيا نمشي”. فأنت مضطر إلى الاستسلام،
ومجبر على مغادرة كوخك الوديع. و سرعان ما تم اقتيادي
في عربة مغلقة إلى المنتجع الملكي؟!
الذي يقع قرب سان بول والذي رأينا آباءنا يبنوه
في عصر شارل الخامس. أيها الناس الطيبون يا إخوتي؟!
حفظكم الله من هذا المسكن!
وصلت أخيراً إلى شقتي.
بعض الصرير بأسلوب عذب
من العرين المجيد المحفوف بالجمال،
حيث الكمال والراحة والأناقة.
“لم يفعل فيبوس (إله الشمس عند اليونانيين) ذلك أبداً، كما يقول، في حياته المهنية،
من خلال أشعته يجلب الضوء هناك :
انظر إلى هذه الجدران التي يبلغ سمكها عشرة أقدام،
وستكون هناك بمزيد من النضارة.
ثم جعلني أعجب بالسياج،
وثلاثية الباب وثلاثية الأقفال،
والشبكات، والمسامير، والقضبان من جميع الجوانب :
“قال لي، من أجل سلامتك”.
الساعة تدق الظهيرة، أحضر لي غلاية الحليب؛
الطبق لا رقيق ولا صلب كفاية :
لم أجرب هذه الجودة الرائعة والتي منها الطبق،
لكن قيل لي : “إنه من أجل صحتك؛
تناول الطعام بسلام، فلا داعي للاستعجال هنا.
لذلك أنا هنا في المكان الضيق هذا،
الحبس، النُزُل الشديد الضيق،
لا تنام، تشرب الساخن، وتأكل البارد،
خذلني الجميع، حتى عشيقتي.
أوه يا مارك رينيه، الذي كان كاتو الرقيب (قائد روماني هاجم الارستقراطية فحاربوه)
سابقاً في روما سيتخذك خلفاً له،
يا مارك رينيه، المقرب العظيم
الكثير من الناس هنا يتعذبون.
2-قصيدة الباستيل لفيكتور هوغو
البرج قاسٍ أسود اللون، ومن أعلى إلى أسفل.
إنه أداة عذاب. داخل أقبية
يسبب ألماً أقل أو أكثر؛
لتغيير الزنزانة تغيير لنوع العذاب؛
السجين، في القبو، تنتهي صلاحيته ببطء؛
تحت السقف، في حفرة تسمى القبة،
يختنق في يوليو، وفي ديسمبر يرتجف؛
تحت تأثير رعب أكثر أو أقل، يشعر الرجل بأنه منحني أثناء صعوده أو نزوله على الدرج؛
لا مكان للراحة، لا هواء نقي، لا صفاء نقي؛
كل غرفة لها الشكل المفيد للتعذيب؛
هنا يتجمد المرء. هنا يحترق المرء. هنا يموت أحدهم.
في هذا المكان الكئيب،
الدقيقة هي الجلاد، والساعة هي الفزاعة.
تظهر ساعة فوق البوابة.
حول ميناء االساعة لحزين، سلسلة منحوتة،
دائرة مخيفة، سلسلة ضخمة لتقييد
بروميثيوس، (إله المعرفة عند اليونانيين بمعنى السجن مخصص للمثقفين والمعارضين للسلطات والمتمردين على سلطات الأمر الواقع ويسعون للتغيير للأفضل)
تحيط بالوقت، ومن الشنيع أن تراقبها.
استولى عليه من أطرافه، أسفل المنحدر الأسود،
تمثال غريب وكئيب، وهو أيضاً سجين
الذي يصرخ ويكافح من أجل الخروج من الصخرة؛
للتمثال جبهتان أحدهما شاب والآخر عجوز.
على ميناء الساعة الذي أصابه الصدأ من الشتاء الممطر.
عقرب الساعة، يلخص الحياة في ساعة،
يتبعه عقربي الدقائق والثواني دوماً في كل خطوة،
يبدأ من الشاب وينتهي في الرجل العجوز.
الحزن المروع، يبدو أنه يسير في الضباب؛
يعتقد المرء أنه يرى الإصبع البشع للباستيل المظلم
يظهر ما يفعله بالسجين في الظل.
ويقول –
من هنا الخطوات ترتجف،
وهذا الشّعر الأسود يتحول إلى شعر أبيض.
سجن رهيب لا ذاكرة له!
السجن، أسود في الخارج، أعمى من الداخل؛
يبتلع، دون أن تراهم، رجالاً بأسنانه
ودون أن تشعر بهم، يمضغهم ويلتهمهم.
دخول هذه الجدران الرهيبة، حيث، بالنسبة لهم،
ستكون الساعات الآن، للأسف، بطيئة للغاية،
الأسرى هنا عبارة عن أسماء منقوشة على أوراق منسية؛
لا يوجد سجل للسجناء.
كلٌّ على هواه
دون ترك أي أثر له في هذا السجن القاسي،
ويضيع الاسم هناك معه كإنسان.
من هو هذا السجين وما اسمه
بعد عشر أو عشرين سنة ما من أحد يعلم.
ولا حتى السجين نفسه.
اللوحة ذاتها لا تعرف من هو،
القيد يمسكه من رقبته دون أن يعرفه
وربما حتى الدودة التي أكلت من لحمه لا تستطيع التعرف إليه،
أو حتى تخبر باسمه للخُلد الهارب منه.
فليس هناك من أمس، ولا اليوم، ولا غداً فجميعهم واحد.
لا مزيد من الضوضاء.
الرجل، الذي سيموت الآن قطرة قطرة،
بمجرد أن تطأ قدمه أسفل هذا القبو،
يشعر بمحوه فوقه.
حياته مرتبطة إلى الأبد بهذا الاسمنت.
الخيط الذي يربطنا بالعالم الذي نحن فيه،
ويربط من خلال الظل الرجل برجال آخرين،
ينكسر هنا.
بدون هواء، بدون ضوء، بدون دعم ومساندة،
ليشعر الإنسان أنها تطفو خلفه.
لم يعد الكائن الحي موجوداً ولكنه حلم في الهاوية.
للدخول هناك للدخول في النسيان.
نعاني
ونزحف وننزف ونئن ونبكي. لا نعرف.
يروح الموقوف ويغدو، يرتجف. يقوم بخطوات غامضة،
يشعر بسلسلته عند قدمه ويتوقف بشدة،
يشرب من إبريقه، يعض خبزه الأسود، يذهب إلى الفراش،
ينهض، يعود إلى النوم، يرتجف، ويستيقظ،
يقول :
أين أنا؟ من اكون؟ ويشعر بجدار مبلل. لم يعد يعرف أنه يعاني، لم يعد يشعر أنه يبكي؛
يبدو لهذا الرجل الملعون أنه يغرق كل ساعة
في قاع السجن، وأنه، على قيد الحياة،
يخترق السجن أعمق كل يوم؛ الباستيل يصهره
هناك
الباستيل، يدمج نفسه في هذا الرعب المخيف والبشع؛
الظلام الكئيب تلاحظه مع برودة الحديد المتزايدة باستمرار،
لتتحول مستعمرته العقابية إلى جحيم؛
ليعتقد أن الساعة قد ماتت فوق رأسه،
وأن الأبدية في زنزانته قد توقفت.
هل يرى عينيه؟ هل قلبه ينبض؟
يتكئ على سريره لأشهر كاملة، مستمعاً في الزاوية إلى بعض العنكبوت الذي يدور.
تنفصل روحه وتبدو بعيدة عنه.
يعتقد أنه يعاقر جعته ليسمع صوت قدحه عندما يلمس سريره؛
ليسكره الصوت حد الإمتلاء؛
لم يعد بإمكانه تحديد زمن، ولا حساب الأرقام،
يصبح الحَجَرُ ليلاً، ويصبح هو نفسه ظل،
ويشعر بأنه يتطاول وينمو، عبر سبات الملل،
حوله القبر والشبح بداخله.
3-إلى المدام كيو … ، الصديقة السابقة لزوجتي
الشاعر جانغينيه (واسمه الكامل Pierre louis Ginguiné ولد في رين 1748 وتوفي في باريس 1816)
عبثاً لمن أحبه،
رسمنا الصداقة هنا.
“ما أسمعه يجعلني أشعر بالشفقة :
لا، إنها ليست الصداقة نفسها؛
إنه وحشٌ جميل إلى حد كافي
يخدعك بالفن المتطرف
ويخونك بنبرة مهذبة للغاية”
هكذا تكلم من أحب.
ومن إلهك الأعلى
رسمت لي المشهد،
استذكرت كل خاصية جيداً :
هي هكذا، إنها الصداقة نفسها.
إنها هذه البهجة بلا مبالغة،
إنها هذه الروح الجميلة دون استعداد،
هذه الحيوية الساحرة، هذه الروح الرقيقة والواثقة،
وهذه الجبهة النقية، وهذه العيون الجميلة،
لكنها ألوهية محببة!
بالكاد رأيتك حتى الآن،
بالكاد، أراك، هل تذوقتِ
هذا الشهواني البريء،
في باريس الطيبة التي نجهلها :
بسببك هذه الباريس مهملة!
أنتِ تغادري، عائدة لأغنياء نوستريا (اسم مملكة فرنسا القديم)
إلى شواطئها السعيدة.
أذهبُ إلى هناك لإخبارهم أفعالنا
من أجل الشرف ومن أجل الوطن،
من أجل هذه الحرية النبيلة،
من أجل الفرنسيين الذين سُلِبوا لزمن طويل،
رؤوا هناك الغدر،
والمؤامرات الفاسدة، وعبثية
الطبقة الأرستقراطية العمياء،
ومشروعها الذي طال أمده،
في لحظة مضطربة؛
أنقل هذه اللحظة التي لا تُنسى
حيث أكثر النُزُلِ رُعباً (سجن الباستيل)،
على الرغم من أبراجه المبهرجة،
فقد فقد اسمه المنيع …
ولكن مع كل هذه الحكايات الدموية،
أمزج صورةً أحلى :
إفترض إنك على هذا الشاطئ الجميل
سرعان ما ترى زوجين عاشقين
على الرغم من العادة القديمة.
كل شيء يتغير هنا في عصرنا.
وربما في الرحلة القادمة،
هل سترى هذه الباريس المتقلبة وقد أُعيدَ سكانها بالكامل
بقلوب ثابتة.
تمت كتابتها في 16 يوليو تموز عام 1789 بعد يومين من تحرير الباستيل.
4- ذكرى ميلاد 14 يوليو تموز
للشاعر ليغاي (واسمه بالفرنسية LEGAY وهو شاعر مجهول)
الحرية الخرساء على سفح عرش معتّق،
اختزلت نفسها لتحجب نفسها، ابتلعت إهاناتها؛
وبحلول الوقت تعززت القوة الاستبدادية
نقشت اللوم على جبيننا.
شعب يقيده ملك، هل تصدقه أكثر من بشر؟
هل أنت إذاً قطيع ورثه؟
زنودكم النشطة دائماً، في الحقول، تحت القش،
هل هي لهذا المستبد المتغطرس؟
كنوزه لك. قوتك هي قوته.
هل تريد ألا تطيعه أكثر؟ أوقف الظلم.
انظر إلى تلك الأبراج المخيفة التي يندفع منها انتقامه!
على ما يبدو، سوف يتضررون.
شارع الطغاة، قبر البراءة،
الباستيل، حيث كل حجر مبلل بالدموع!
يتقيأ البرونز الموت عبثاً للدفاع عنك،
وسوف تكشف عن أهوالك.
الباستيل، أخيراً سوف يضيء اليوم على ضحاياك؛
لقد انتصر الناس بالفعل على أسوارك،
ومن الطغيان يطالبون بالجرائم،
من أكثر هاوية غموضاً.
نشرت عام 1836 ضمن مجموعة القصائد الوطنية للثورة الفرنسية.
5-قصيدة إلى المواطنين العمال في ساحة مارس (وتسمى Champs De Mars بالفرنسية وهي ساحة بين برج ايفل حاليا والمدرسة العسكرية وتبدو كحديقة غناء ومساحتها كبيرة وجرت بها مذبحة خلال الثورة الفرنسية في 17 يوليو تموز 1791 ومارس هو إله القوة والمعنى الحرفي لاسم هذا المكان حقلة أو حقول مارس وهنا قصيدة مغناة للثورة الفرنسية)
للشاعر ديدوي (واسمه بالفرنسية Déduit وهو شاعر مجهول)
الجو : بجانب المدفأة
لنأخذ المجرفة
والمعول
ومنحدرساحة مارس.
أيها المواطنون، حظاً سعيداً،
لننهض للعمل
إلى ساحة مارس
نقطة الرقة،
الاهتمامات الموضوعية،
في ساحة مارس
إنه أروع احتفال
تحضره حماستنا
في ساحة مارس
يا أيتها الفرقة الساحرة!
نفس الحماسة تجمعنا معاً
في ساحة مارس
لم يعد من سجن الباستيل.
هناك
عائلة واحدة فقط من ساحة مارس
أحسنت صنعاً، الجنس الرائع،
كم أنت جميل
في ساحة مارس
أفضل بكثير مما في كيثيريا(جزيرة يونانية)،
أنت تثير الأرض
في ساحة مارس
دع الغريب يعبر عن إعجابه
بكل ما يلهمنا
في ساحة مارس
الحرية لفرنسا،
ها هو أملنا
في ساحة مارس
دع الأرستقراطية
تموت غيظاً
في ساحة مارس
لكن دعونا نغني بسهولة
الملك الطيب لويس ستة عشر
في ساحة مارس
لقد صنعت رسالتي
تتحرك عربتي اليدوية
في ساحة مارس
أعرضها على لافاييت،
حتى نتمكن من تكراره
في ساحة مارس
كتبت كأغنية في عام 1821
6-نشيد 14 يوليو تموز 1790، ترنيمة عيد الثورة
للشاعر شينييه ( واسمه بالفرنسية Marie-Joseph Chénier مواليد اسطنبول 1764 وتوفي في باريس 1811)
موسيقى غوسيك (مؤلف موسيقى أوبرالية فرنسية واسمه الكامل فرانسوا جوزيف غوسيك)
لقد حان اليوم الذي
أقدار فرنسا أنهت انتكاساتها :
إجروا أيها المواطنون؛ لقد كسر هذا اليوم الجليل مظالمنا القديمة.
بالفرنسية قدموا لله النشيد الوطني.
دعونا نمزج مع أغاني القسم المليئة بالفخر:
دعونا نجري إلى نفس المكان، الذي كان يوماً ما مستبداً،
حيث ولدت حريتنا.
دعونا ننقش على حطام هذه الأبراج الهائلة
حكاية القتال، ومآثر المنتصرين،
وقوانين إمبراطوريتنا، والأسماء المبجلة،
من المشرعين الأوائل.
ليشارك ملك فرنسا في إجلالنا؛
دعونا لا نحاصره بالعبيد المقيدين،
ولا نركع لصورته
شعوب بأسرها تسجد.
قد رأينا ملوكاً محفوفين بالمجد :
عدالة الزمان كسرت مذابحهم.
لكن الزمن، دائماً عادل، سيرفع مجده
على الأسس الخالدة.
إله الشعوب والملوك، المدن، الريف،
لوثر، كالفن، بنو إسرائيل،
الله الذي يكرمه الغرب عند سفوح جباله، بمناجاة
نجم السماء!
هنا يجتمعون تحت نظراتكم الهائلة
أبناء وأنصار الإمبراطورية الفرنسية،
يحتفلون أمامكم بسعادتهم التي بدأت،
متساوية في أعينهم كما في سعادتكم.
بشري منعزل، يعرف الضعف،
من مواطن ميت يتحسس الكرامة في ذاته،
قوي في اتحاده، بلا سيد، بلا نبل،
متضخم بالمساواة.
نقسم أن نطيع، وأن نبذل حياتنا
للشعب صاحب السيادة الذي ينبثق عنه القانون؛
ونقسم أن نطيع هذا القانون الحبيب
ونقسم أن نطيع الملك.
لا مزيد من الأنظمة المختلفة، ولا حتى المقاطعات :
فرنسا من الآن فصاعداً، في ضخامتها وعظمتها،
لا ترى سوى إمبراطورية واحدة، وشعب واحد، وأمير واحد متحد
من نفس المدينة.
لنتذكر تلك الأوقات التي كان فيها طغاة أشرار
من الشعب المقهور يدوس على الإنسان؛
تلك الأوقات القريبة جداً منا، عندما
خدع الخدام السيئووا السمعة الشعوب والملوك.
من قطاع الطرق الإقطاعيين الفروع القوطية
ثم عارضوا أسلافهم لفضائلنا؛
والسيف بيد الكهنة المتعصبين
سفكوا الدم باسم السماء.
سبح الأمراء والنبلاء والأساقفة في ثراء؛
تأوه الشعب على ازدهارهم.
من دماء المضطهدين ومن دموع المحتاجين
رصنت قصورهم.
في الأبراج المحصنة التقية، الكسل الغبي،
من أجل إرضاء الله أنزل البشر :
شهداء يموتون بانتحار طويل،
تجدف عند سفح المذابح.
ظلم الملوك، الذين خدموا جيداً على الدوام،
خلقوا برجهم العاجي البغيض مع التعساء :
في أسفل هذا القبر، محكوم عليهم بالحياة،
لقد انتهى مفعولهم دون رؤية السماوات.
هذه الانتهاكات التي لا تعد ولا تحصى لم تعد موجودة!
طمست الحرية المقدسة الجميع.
هذه الفجوات المعيبة لن تكون موجودة بعد الآن!
أسقطهم ذراع الحرية جميعاً.
عشر سنوات مرت، سفننا، ملوك الموجة،
لتثبت قوتها، عبرت البحار؛
إنها الآن تأتي من أطراف العالم الجديد،
لتسيطر على الكون القديم.
من حقولنا الشهيرة تقترب من الشاطئ.
خطواته محاطة بالمواطنين المحاربين.
تمسك في يديها السيف والزيتون.
جبهتها مغطاة بالغار.
في خضم المخاطر، لا فاييت هو مرشد لها :
منذ أن أصبح دعمها في أمريكا،
اتبعت في كل مكان حكمته الجريئة؛
هي دائما معه.
أم الفضائل، المواهب، العبقرية،
الحرية تسكن داخل أسوارنا؛
سنرى الحكمة متحدة مع البلاغة
والأخلاق والشجاعة والفنون.
سنرى الآن، كما في أثينا
بين الناس المرهفي الإحساس والمجد المحب،
سقراط وبريكليس، سوفوكليس وديموستينس،
يزينون باريس الرائعة.
الشمس التي تسافر على طريقتها المعتادة، تمنحك ، تدمر
اليوم، وتنظم الفصول :
التي تصب فيضانات من الضوء الناري،
تنضج حصادنا الخصب.
نار نقية، عين أبدية، روح وربيع العالم،
أرجو أن تعجب بروعة الفرنسيين!
قد لا ترى شيئاً في مسيرتك المثمرة؛
من يساوي عظمتهم!
ويل للاستبداد! ولعل أوروبا كلها،
بدماء الظالمين التي تسمن أخاديدها،
تكون لإلهتنا ملاذاً واسعاً
يدوم حتى يمتد شعاعك!
تلك القرون التي خدعت الجريمة طويلاً فكانت تكفرها!
أن تكون الجنة حرة من صنع الإنسانية؛
العبد، مثل الطاغية،
متمرد كافر على اللاهوت.
عن مختارات قصائد الثورة والثورة المضادة عام 1830
7-ميلاد 14 يوليو تموز
للشاعر كاريه (واسمه بالفرنسية Carré وهو شاعر مجهول)
يا يوم المثال الخالد!
من يوم الظالم اللعين،
حيث من الحرية في أغسطس
رفعت أذرعنا الهيكل،
يا لها من مشاعر غامرة ويالها من أفعال مجيدة
ستحفرها الذاكرة!
يا من قيدتنا إلى الأبد
في عربة النصر الساطع.
جوقة :
أيتها الشعوب، قبل هذا اليوم كنا نتقاسم مظالمكم؛
تجرأوا على تقليدنا وانتقموا للكون.
أسقطوا الطغاة المستبدين،
الأبراج المظلمة، التي يزهو بها الملوك
لزمن طويل يكتموا بها الأصوات
من البراءة والعبقرية :
من أشلائكم التي لا تزال منتهكة
تشهد عليها كل ضفة،
وقوة قسمنا ورعبنا
من “العبودية ”.
جوقة :
أيتها الشعوب، قبل هذا اليوم كنا نتقاسم مظالمكم؛
تجرأوا على تقليدنا وانتقموا للكون.
من أطفال هيبرنيا السامية،
شجاع جلاد متوج؛
شجاعة هذا الوحش المحموم،
المنفلت من عقاله في جميع جرائمه.
فظاعة جرائمهم
لا يمكن أن توقف فتوحاتك.
ما فائدة التضرع للسلام؟
آمل أن يحملوا رؤوسهم إلى الإعدام.
جوقة :
أيتها الشعوب، قبل هذا اليوم كنا نتقاسم مظالمكم؛
تجرأوا على تقليدنا وانتقموا للكون.
وأنتم الذين يجمعهم هذا المذبح،
المتحالفون المنتصرون،
الفرنسيون، أبطال الآلهة المحبوبون،
الذين ترددها قلوبكم معاً :
نريد حكم القوانين؛
الحكم الوحيد الذي يحافظ على الاستقلال.
لكننا لا نتنازل عن حقوقنا
عندما نحظر الترخيص.
جوقة :
أيتها الشعوب، قبل هذا اليوم كنا نتقاسم مظالمكم؛
تجرأوا على تقليدنا وانتقموا للكون.
عن مجموعة قصائد الثورة الفرنسية عام 1836
8-وأمام تمثال نصفي له، 14 يوليو تموز 1791، أغاني تكريم لجان جاك روسو
للشاعر لوفيفر (وهو شاعر مجهول)
الجو : كان خطأ القدر
بينما
تحتفل باريس بانتزاع الحرية، أتمنى أن تكون هذه الأيام أيضاً احتفال
بصديق للإنسانية كشف لنا روسو عن حقوقنا؛ إنه لبلاغته العميقة أننا مدينون بكنز القوانين التي تم إثراء فرنسا بها للتو.
من نار الإنسانية النقية، كان روسو
ينعش لغته دائماً،
فبالنسبة للأشخاص المضطهدين،
أظهر روسو شجاعته.
هو الذي أعلن عن نفسه.
وتحرر من العبودية،
إلى الإنسان العظيم الذي أنقذه.
هذا الشعب كله مدين به.
دع الآخرين يتملقون المحاربين.
نحن أيضاً نبجل مجدهم.
لكن الدم الذي يلطخ أمجادهم
كثيراً ما يلوث ذاكرتهم.
روسو، من خلال مآثره الدموية،
لم يصب الطبيعة،
كان رسول شرائعها
ومجدها الطاهر مثلها.
العيوب في الأحكام المسبقة القديمة،
قد أغرق فرنسا كلها؛
حررنا روسو
من ذلك بإلقاء الضوء علينا :
لكن الخائف من دروسه،
كان وحش الاستبداد،
في الزنزانات المحصنة، أردنا
ابتلاع عبقريته.
سقطت هذه الأبراج المحصنة تحت ضرباتنا،
وتناثر حطامها على الأرض.
أوه !
لماذا لا يستطيع أن يراهم معنا في التراب!
هذا المكان المدمر، أيها الإنسان الخالد، يكرّمك
هذا البليغ،
وآثاره هي المذبح
الذي نقدس فيه صورتك.
*عن المجلد الأول لقصائد الثورة والثورة المضادة 1830