قبل يومين كنت في زيارة لحديقة حيوانات اسطنبول وكان الممتع فيها أن تعانق حيوان الدب والراكون …الغريب ان الراكون كان أليف ونسميه في بلادنا بالجولان الغريري فهو نوعين والذي عانقته يسمونه في اليابان التانوكي وكتبت ملاحظة أنه يجلب السعادة والحظ الجيد لمن يراه وقد اعترضت علي الصديقة اليابانية العراقية عبير السامرائي على هذه الجملة كونه مبعث التفاؤل والبهجة وتناقشنا بهذه المسألة وفعلا هو بالتراث الشعبي الياباني وادب الاطفال يمثل الخداع والشر لكنه بزمننا الحديث أصبح رمز التنافسية والانتصار على المنافسين ورمز الساكي المشروب الياباني الأشهر الذي يجلب البهجة والفرح وتوصلنا لنتيجة جميلة بأنه فعلا أصبح فأل حسن في التغلب على الأعداء ورغم ان الراكون يتم قتله بسبب تخريبه للمزروعات وأظافره الحادة التي يستخدمها لتسلق الشجر وقتله كذلك للحصول على جلده ذكرت لي الأخت الكريمة عبير وجود مثل ياباني حول ذلك يقول :
取らぬ狸の皮算用
بمعنى حساب ربح جلد تانوكي لم يصده بعد بمعنى انه غير مضمون كما كان اهلنا في الجولان حين كانوا يستدينون من تجار القنيطرة فيقولون لهم السداد على الموسم وكنت قد تابعت سابقا أحد وزراء خارجية امريكا أواخر حرب فيتنام حين زار سايغون وذكر أن بلاده تتبع سياسة جلد الراكون والمعروف ان جلد الراكون غالي وليس من السهل الحصول عليه وهي بما معناه كما فهمتها سياسة بيع الوهم للتخلص من عبء حرب كابدت فيها الولايات المتحدة الأمرين وكانت بذات الوقت قد سحبت البساط من السوفييت بتحالفها مع الصين الداعمة لفيتنام الشمالية وبدات سياسة سحب البساط تحت أقدام حلفائها في فيتنام الجنوبية والمفارقة ان وزير الخارجية الامريكي ذكر تلك العبارة باللغة الفيتنامية فكانت الكلمة على لكنته بذيئة فضحك عليه الفيتناميون غير عارفين أنه هو من ضحك عليهم وان سيرميهم عظما دون لحم لفيتنام الشمالية … ايضا ذكرتلي الصديقة عبير أن اليابانيين او بعضهم كانوا ياكلون لحم التانوكي رغم تحريم اكل الحيوانات البرية في الديانة البوذية وللمفارقة حين نشرت الصورة أرسل لي احد أقاربي قتله للغريري في وادي اليرموك بريف درعا الغربي لانتشاره هذه الفترة وتخريبه وأذكر من حكايات أهلي أن الغريري في الجولان يتحول لخطر داهم إذا أصابه داء الكلب ويتحول لقاتل اطفال ونساء شرس … ربما لنا قرن في وطننا العربي ونحن نعيش سياسة جلد الراكون وكما نقول بالعامية لدينا تعال الحق…
الملفت هو سياسة جلد الراكون السورية وبيع الوهم على الناس طوال حكم الأسدين الأب والابن، فالأول لعب سياسة جلد الراكون بقضية فلسطين وتحرير الجولان ومفاوضات السلام والحرب اللبنانية، والثاني بادخال قوى احتلال متعددة على البلاد وبالأخص إيران وروسيا وتارة بيع الوهم بالعودة للحضن العربي وتارة ببيع الوهم بالسلام مع اسرائيل وتارة بإشاعة خلاف إيراني روسي.
ومع كل هذا الوهم في سياسة جلد الراكون يبقى “مختار حي المهاجرين بدمشق” على رأس السلطة؟!..
*خاص بالموقع