محمد زعل السلوم: تحقيق لم يكتمل عن اسكوبار الجزار

0

تغيرت ألقاب السيد اسكوبار الجزار طوال حوالي الثلاثة عقود، فهو لم يصل لمثل هذا اللقب إلا بعد جهد جهيد، فعندما توفي أخيه الرائد الركن المهندس المظلي الفارس الذي لا يشق له غبار الباسط ذراعيه في وصيد كهف مزرعة أبيه، كان اسكوبار الجزار مجرد راقصة تحرك كتفيها كموجات البحر للأعلى وللأسفل بحاجبيها الغليظين وعينيها الرمّاشتين حين ودع شقيقه، إلى جانب والده حافظ الدرس ومو فاهمو الملقب حافر نعجة القاع الخارف، ويؤمهما الإمام جباه لا تعرف السجود فيلسوف النفاق والتصفيق المتوضئ.

ثم تحول اسكوبار الجزار فجأة بعد أن أرسله والده إلى لندن وبعد عمليات تجميل لخلقته القبيحة وهو الأقرب لوجه حمدونة المعري في رسائل تحت الماء، وقد وجدها في جهنم جميلة، بينما هو عاد طبيب عيون ويحمل سرتفيكا الطب (هلقد قدها)، كيف لا وفي دولة القيامة الآن فقد كان أصغر عضو قيامي لمجرد ذهابه لبرغاليا الصديقة ولشهرين يعود بشهادة جامعية في مفاهيم الاشتراكية وهو لم يصل للخامس ابتدائي، أو صفيف صواني عند سليم كعبول ومساعد بالمخابرات تحول فجأة إلى حاصل على دكتوراة من أرميليا وتحول لرتبة لواء فمحافظ، هذا عن الأقزام في حزب القيامة الآن فكيف بابن الجحش الأكبر للحزب.

تحول اسكوبار الجزار بعدها للوريث المرتقب لمزرعة حافر نعجة القاع الخارف، وتنزه كعصفور الدوري من غصن رتبة أقل لغصن رتبة أعلى، ليتغير لقبه إلى علي بابا القاع المنتظر، ليدير بعد شقيقه شؤون المغارة وقد تم تسليمه مفتاح سمسم، وبعد رحيل الحضن الأول لطموحاته السياسية الخارقة، تسلم مزرعة القيامة الآن وتحول لقبه من علي بابا إلى مصاصة متة للتطوير والتحديث وقد تبنى شعار الشفافية في أنه مصاصة متة، ثم إلى أرنب فزرافة ثم بطة، لكنه بعد شتمه وشتم سلالته والتبول على أصنام أبيه ليتحول لمختار المهاجرين ثم مؤجر شقق لينتقم مع مشغليه من سكان مزرعة أبيه المسمى في العصور السالفة شعب ومواطنين؟! وهي مصطلحات لا يفهمها اسكوبار الجزار وبعد تدمير كامل المزرعة وتهجير نصف سكانها وقتل مليون منها قرر تغيير مهنته ولقبه ليضيف إلى جزار اسكوبار ملك الحشيش الحلال والكبتاغون الزاهي الناهي ليحتل به ثلثي الكرة الأرضية، ليكرمه أقرباءه من ذات الحظيرة والمزارع العربية المجاورة، وهنا تبدأ قصتنا إذ قطع تلفزيون القيامة الآن بثه وأعلن عودة اسكوبار الجزار للحظيرة العربية ويرافقه السادة والسيدات شلة حسب الله السيدة علكة ريا والسيدة ملعقة سكينة ووزيره شيل الميتين اللي تحت ونفذنا 2254، ليستحضروا معاطه الكبير مدير صحيفة الكدش العربية في لندن وليقوم بالتسحيج والتهليل لعقلانية الحظيرة العربية، وعودة موجة النهيق لمكانها الطبيعي، وليخرج المعاطين للشارع ويقيموا حلقات الرقص الشعبي على إيقاع الطبول العربية وإعادة التعيين السامي لحضرة جناب اسكوبار الجزار لمعلفه مجدداً.

وقرر رئيس تحرير موقعي أن أقوم باستطلاع رأي عاجل لهذه العودة المظفرة لملك الكبتاغون اسكوبار الجزار، وهنا توجهت للمعاطين والسحيجة لأقيس مستوى انتفاخهم البالوني لأختار شاب غاضب في البداية وقلت لعله يعبر عن روح الشعب العربي الحقيقية ودخلت محطة كراجات وأجابني :

-رأيي في عودة السيد اسكوبار جزار، أنا صاحب كراج لذلك تأتي لغتي من واقعي الذي أعيشه، اسمع يا صديقي، هل يمكن لشوفير عاقل أن يسير بعربته دون خرقة يمسح بها يديه خصوصاً إذا غير عجل أو لطخ يديه.

أجبته لم أفهمك صديقي؟

قال : السيد اسكوبار جزار هو الخرقة التي استخدمها العديد من زعماء الحظيرة العربية والحظائر المجاورة وحتى البعيدة لينظفوا أيديهم ويتخلصوا بها من الربيع العربي، بل وليتلقوا بها البيض الفاسد والبندورة المحمضة حين يتهموهم بالتواطؤ واللا إنسانية وليظهروا أن أيديهم نظيفة غير ملطخة، تحبهم شعوبهم مقارنة بخرقتهم.

تركته متحفظاً على تشبيهه وتابعت جولتي الاستطلاعية لأصل لمحل لبيع العصافير، وبعد تعريفه عن نفسي ومقدمة مألوفة، طرحت عليه السؤال ذاته : ما رأيك بعودة اسكوبار الجزار للحظيرة العربية؟

ليقول : الصياد الشاطر من يصيد قبرة حية … ويطعمها ويسقيها، آملاً منها أن تقوم بمهمة واحدة فقط وهي أن تغرد… حتى يقترب أبناء جنسها ليعانقوا رصاصة الصياد. اسكوبار الجزار من هذا الجنس لكنه لا يغرد بل ينعق وله 23 عام وهو ينعق ليجذب الجميع لمزرعته، واليوم نقلوه لمنبر نعيق جديد وهكذا حتى يمصوه تماماً ويرموه بعدها للمزبلة العربية رخيص هزيل والأنكى مرحب به بعد أكثر من عقد من العزلة فلم يصدق أن يعيدوا له منبر ينعق فيه بعد أن أتعبته الأحضان من فصائل أخرى.

ربما لم أستوعب كثيراً حكاية ردود الأفعال على عودة اسكوبار الجزار للحظيرة العربية، ورأيت أن تلك الاستطلاعات سلبية ولا تناسب موقع قناتي الممولة من المزرعة المستضيفة، واتصلت برئيس التحرير وأخبرته بأن هذا الاستطلاع لن يناسب الجهة الممولة لذلك لن أكتبه. فشكرني على مسؤوليتي وإخلاصي، وهنا استطعت النوم بكل راحة بعد جولة كبيرة في المدينة الخرافية.