عمل الإسبان طوال عقود على دفن الشخصية الأكثر رعباً في التاريخ الإسباني المعاصر وهو الجنرال فرانكو والذي تسبب بجروح طويلة الأمد في الشعب الإسباني إثر الحرب الأهلية في ثلاثينيات القرن الماضي، واستمراره بالحكم حتى دفنه منتصف السبعينيات. فقاموا بتحويله من بطل إلى شخصية كوميدية ومع ذلك كان من الصعب عليهم دفن هذا الزومبي.
قبل أيام تابعت سلسلة وثائقية للبطل السينمائي في أفلام مارفل الخيالية الممثل الأسترالي كريس هيمسوورث والشهير بدور ثور، وكان الهدف من السلسلة القيام بتجارب لإطالة العمر، وفي حلقة تتحدث عن أهمية الصيام للقضاء على خلايا بالجسد تسمى خلايا الزومبي التي تتسبب في تقصير العمر وشيخوخة الجسد، فقام كريس بالصيام لأربعة أيام على الماء لتنشيط الكيتونات التي تقضي على خلايا الزومبي تلك والقاتلة للجسد.
ذات الأمر بالنسبة للشعب السوري والإسباني الذي عانى ولا يزال من ديكتاتور زومبي ضار بجسد البلاد والشعب. ولكن معاناة الشعب السوري أطول لوجود الزومبي الأب في تاريخه أي حافظ الأسد والزومبي الابن بشار الأسد والذي يصعب لليوم دفنهما أو التخلص منهما.
ورغم نجاح الثورة السورية في كشف عورات النظام القاتل، ومقاومتها للقتلة وتحويلها لرموز الشر الأسد الآب والابن لمواد ساخرة إذ تصدى شباب الثورة السورية لتسخيفهما منذ بدايتها عبر تمزيق صورهما وتحطيم أصنام الأسد الأب، والغناء الثوري والكاريكاتير وحتى المجموعات القصصية والروائية والأعمال الإبداعية للثورة السورية.
إلا أن هذا الزومبي لا يموت رغم صيام الشعب السوري لمدة 52 عام، ففي 16 تشرين الثاني 2022 دخلت سوريا الذكرى 52 لانقلاب الزومبي الأسد الأب الأبيض أو كما أطلق عليها الحركة التصحيحية، وهذه الفترة أي نصف قرن من قرن للتاريخ الوطني السوري، فإنها تمثل احتكار عائلة فئوية طائفية لنصف تاريخ سوريا الوطني، وعلى الرغم من أن هذه الفترة تخللها 26 عام من الاحتلال الفرنسي السيء الصيت والذي عمل على تقسيم الشعب السوري مرات ومرات، وخندقته خلف طوائف وأقليات وأكثريات وتعميق جروحه، إلا أن الفرنسيين على سوء ما صنعوه لم يتجاوزوا ولو بنسبة عشرة بالمائة مما صنعته عائلة الزومبي الأسدية.
أصبحت فكرة العيش بشكل أفضل مع وجود زومبي الأسد، والذي يحاول شبيحته تصويره منقذ للوطن، باحثين عن مزايا في وطن على الأرض، ومحطم بالكامل أشبه بهلوسات مثيرة للشفقة، في الوقت الذي يحاولون فيه الفرار من نير استعباده بعد أكثر من عقد على الثورة السورية ونزوح ولجوء أكثر من نصف الشعب السوري، ولو أن الشعب السوري تمتع بكيتونات أقوى من غيره من الشعوب التي تعرضت لديكتاتوريات مريضة مثل الديكتاتور الأسد، ففي روسيا على سبيل المثال بمجرد اعلان التعبئة العسكرية لبوتين فر 9.7 مليون روسي رفضاً لقرار طاغية الكرملين، وفور الغزو الأوكراني لروسيا فر مالا يقل عن أربع ملايين أوكراني وخلال أشهر بسيطة فقط وصل الرقم إلى 8 ملايين لاجئ، فيما احتاج السوريون أربع سنوات ليبدأ النزوح الجماعي رغم حجم المجازر واعتيادهم على قمع الزومبي الأب والزومبي الابن.
وكما سحب الإسبان كافة امتيازات فرانكو بشكل بطيء وبفضل الانترنيت ووسائل الإعلام والتواصل حولوه لتاريخ مضحك مبكي والتبول عليه والدفن البطيء لإرثه فسيتمكن السوريون من فعل ذلك وقد أثبتوا ذلك عدة مرات وعلى مدى قرن من الزمن.
*خاص بالموقع