العصافيرُ التي تستيقظُ تباعاً
تزفُّ إلى المشّاءةِ النَّهارَ
لا أقصدُ الضَّوءَ والحركةَ والعمَلَ
أقصدُ أنَّهُ بعدَ ساعاتٍ
سيتقاطَعُ دربي
مع ذلكَ التَّسريب الذي بعثرَهُ الخَيالُ
كقُبَّعات الكشّافة في السَّهل.
…
ستتغيَّرُ مرامي الهوى
وستبزغُ في المدنِ المنسيّة
طلائعُ العطرِ الجديد
لنْ تُشمِّرَ الأغاني عن أذرُعها
إلاّ بعدَ أنْ تضمنَ لها الأشجارُ
وعودَ الشَّمس
الشَّمسُ ذاتُها التي تقضمُها طفلةٌ كالكعكة
وهيَ تسألُ والدَها الذي قالَ لها:
أنتِ ضوءُ عُيونِ الغد..
ـ هل في العُيونِ مصباحٌ يا بابا؟!
…
تحتَ قوسِ الفراشاتِ
سيتسلَّلُ الرَّقصُ كالغُبارِ
سيصحو ذئبُ الرَّغبةِ
ويتخلّى السّاحرُ عن قناعِهِ الزَّنِخ
مُردِّداً:
لا.. لا..
هذهِ ليستْ غيمة
إنَّها فُقاعة صابون
نفخَها إلهٌ وثنيٌّ قصيٌّ
كي يُعلِّمَنا اللَّعِبَ والحُبَّ والجنون.
…
على جبلٍ ما
ستحدثُ المُعجزةُ المُغايِرة
سأدفنُ البراهينَ الباليةَ تحتَ عباءةِ المُستحيل
مُتغنّياً بفائضِ الاحتمالات
وبما يجعلُ البدايات شهيّة
ويُنضِجُ جميعَ ارتكاباتي
كي أنفخَ داخلَ خيمتي نفخةً صغيرة
فتخرُجَ مِنَ الجانبِ الآخَر
الأنهارُ والأقاحي والعُشّاق.
…
الانثناءاتُ ستُدرِّبُ الرّيحَ
على الغزَلِ
والابتكاراتُ ستنشغلُ
بابتسامةِ شُرفة
ستُدغدغُ المسافاتُ حناجرَ الحذرينَ
وستمشي المُغامرةُ على سطحِ الماءِ عشرات المرّات.
…
وهكذا..
سيكونُ لدينا وقتٌ كافٍ
لفصلِ الكتابات عن سُطورِها
ثُمَّ وضع أيادينا
في أيادي كلماتٍ مُرتبكة
وأخذِها معنا إلى الشّاطئِ
ثُمَّ إطلاقِها كنوارسَ
لنْ يقرأها سوى الغُموض السِّحريّ القادم
والبحّارة الذينَ لا يعرفونَ الاستسلام.
*المصدر: القدس العربي