قراءة في رواية “كوكب الطين” للكاتبة والروائية السورية سمر يزبك

0

ترجمة: ربى خدام الجامع

تنتقل الكاتبة السورية سمر يزبك للكتابة عن الخيال بعد روايتها (المعبر)، لتنقل عبثية الحرب ووحشيتها. ففي روايتها (كوكب الطين) التي ترويها “ريما” الفتاة الدمشقية البكماء والحالمة بالسير والانتقال إلى حيث يمكن لقدميها أن تأخذاها، نجد تلك الشخصية وهي مقيدة بمعصم والدتها، لكنها تغرق نفسها في عالم الكتب والرسم، فضلاً عن العوالم السرية التي تتفتق عنها مخيلتها.

وخلال المراحل الأولى للثورة في سوريا، تصاب الأم برصاصة ترديها قتيلة عند أحد حواجز النظام. أما ريما فتتعرض للإصابة وتنقل إلى مشفى عسكري، وهناك تصف لنا الكاتبة على لسان الراوية، وبأسلوب نثري جذاب، وضع المرضى الذين تحولوا إلى ضحايا للتوحش والإرهاب والتعذيب الذي تمارسه الدولة. بيد أن شقيق ريما يتمكن من إنقاذها، ولكن مع تمدد رقعة النزاع في البلاد، يتقلص الأفق أمامهما، فيلجأان إلى الغوطة، وهناك يعهد شقيق ريما بأخته إلى مقاتل آخر. وعندما تبدأ القنابل بالتساقط، واحدة تلو الأخرى، تجد ريما في رحلاتها الخيالية ملاذاً للنجاة. وفي مقطع مؤثر ضمن تلك الرواية، نجدها وقد استيقظت عقب هجوم بالسلاح الكيماوي لتجد نفسها محاطة بجثث القتلى من الأطفال والنساء المحجبات وقد تم سكب الماء فوق الجميع، إلا أن النسوة فارقن الحياة بسبب تسرب الغازات السامة عبر ثيابهن، ورفض الرجال نزع ثيابهن عنهن بحجة أن ذلك حرام!

كانت الفظائع ومشاهد الدمار التي أوردتها سمر يزبك في روايتها (المعبر) مؤثرة للغاية لدرجة أنها وصفتها بأنها كانت “أقرب للخيال من كونها حقيقة”. وقد التقت الكاتبة بالعديد من النساء والأطفال الذين نجوا من تلك المجزرة المريعة، تماماً كما حدث لريما. غير أن الكاتبة تدرك مدى قوة الخيال وقدرته على تغيير الأمور والأحوال، وتعرف تماماً بأن القصة التي ترويها شخصية ما لا بد أن تبقى في ذهن القارئ لفترة أطول مما قد يخلفه أثر أي تقرير صحفي، وتعرف بأن الرعب اليومي الذي تتم تصفيته عبر عدسات الخيال، لا بد أن يستسيغه القارئ بشكل أكبر وأن يتحول إلى عنصر أكثر إمتاعاً لجمهور القراء.

أما أسلوب الكاتبة السردي الذي يعتمد على تكرار تيار الوعي فقد ينقسم القراء أمامه. إذ نجد الصوت الذي يعبر عن شخصية ريما غاية في السذاجة، وهذا الأمر مقصود، فهذه الشخصية تدور حول المواضيع، إذ تبدأ بسرد قصة قبل أن تنهي القصة التي قبلها. إلا أن هذه الرواية المفعمة بالعواطف تنقل لنا وبكل جرأة كيف يعيش المحاصرون في دوامة، حيث يفضي كل يوم دام إلى اليوم الذي يليه، وهكذا تصبح ريما رمزاً صارخاً للمرأة السورية المكبلة بقيود الحرب، فلا هي قادرة على أن على أن تتحرك وتنتقل من مكانها ولا هي قادرة على أن تتحدث بحرية عما يجري حولها من أمور.

تلفزيون سوريا نقلا عن الغارديان