غادة السمان: متى الكتاب عن الجامع العربي؟

0

في غارتي الأسبوعية على المكتبات الباريسية في باريس لفتني كتاب بالفرنسية بعنوان «باريس وكنائسها»، ولاحظت أن الكنائس كثيرة ولم أكن أدري بذلك ولا أعرف منها غير كاتدرائية نوتردام التي احترقت منذ أعوام ويتم تصليحها، ولعلي أعرف عنها عبر عمل أدبي ثم صار مسرحية غنائية. كما أعرف كبقية السياح بكاتدرائية مونمارتر التي على المرء أن يصعد الكثير من الأدراج ليصل إليها، وهي المدخل إلى موقع مونمارتر السياحي الشهير حيث نجد الكثير من رسامي الأرصفة: تقف أمامهم ويقومون برسمك ويبقى هذا الرسم ذكرى لك كسائح في باريس.

ستيفان برن عاشق التراث

الكاتب وعاشق التراث الفرنسي هو مؤلف الكتاب عن باريس وكنائسها، وهو كاتب جاد ويقدم برامج تلفزيونية حول ذلك، وتساءلت: أين ستيفان برن العربي الذي يكتب عن أماكن العبادة العربية؛ أي عن الجامع في المدن العربية، ونطالع ذلك في كتاب بالطباعة الفخمة نفسها والصور بعدسات محترفين بحيث يشعر القارئ العربي بأنه يزور الجوامع في المدن العربية كلها.

مؤسسة ترعى المشروع

هذا الكتاب الفرنسي لستيفان برن، أثار في نفسي الشهية إلى وجود كتاب عن الجوامع العربية كخطوة أولى، وربما الكنائس فيما بعد. أذكر أنني كنت في الثامنة من عمري حيث رافقت أبي إلى الجامع الأموي في دمشق، وترك ذلك أثراً في نفسي لم تمحه الرحلات والحياة في مدن غربية كثيرة.. ومنذ أعوام حين كنت أتناول مع زوجي غداء العيد اكتشفت أن المطعم يقع قرب جامع باريس، وذهبنا إليه فقط لزيارته. في مدخله رجل كاد يمنعنا من الدخول لو لم نقل له إننا من المسلمين السائحين، وهكذا أشار لي بالدخول إلى الجانب الأيسر حيث مكان الصلاة للنساء، ومضى زوجي إلى الاتجاه الثاني. وقال لي إن الجامع يستحق الكتابة عنه وتصويره.

من سيقوم بتمويل المشروع؟

كتاب عن الجوامع في المدن العربية، جامع يختاره المؤلف من كل مدينة عربية سيكلف الكثير من المال إذا أردنا أن يكون راقياً فنياً.
فلا بد أولاً من مصور من الدرجة الأولى يقوم بتصويره من الداخل، ويقوم بالتركيز على تراثه الفني الديني. ولا أدري إذا كان المسموح التصوير في السعودية في موسم الحج والعيد والدوران حول الكعبة وكسوتها، ولكن ذلك سيكون رائعاً مع الاحترام المطلق للدين الإسلامي وتقاليده، فأنا مسلمة.

الجوامع في الأندلس

كخطوة أولى، أحلم بكتاب فني مثل الكتاب الفرنسي لستيفان برن.
لكنني أحلم أيضاً بأن يغتني الكتاب بصور لجوامع راقية الفن المعماري في (الأندلس) قبل اندحار المسلمين وعودتها إلى إسبانيا، وشاهدت في إحدى رحلاتي إلى هناك كنائس تم تحويلها كذلك بعدما كانت جوامع، ولم أر ما هو أكثر رقياً فنياً من تشييدها، وسبق لي أن كتبت عن ذلك في أحد كتبي في «أدب الرحلات» ولن أكرر ذلك لكيلا أضجر القارئ الذي سبقت له قراءتها.

كتاب عن جامع كل مدينة

من الممكن أن تُصدر كل مدينة عربية كتاباً خاصاً بالجوامع فيها.
فالفكرة ليست التنافس بين مما هو أكثر جمالاً فنياً، بل تدوين الجماليات الدينية الإبداعية في جامع واحد في كل مدينة عربية.
وأعترف بشعوري بالغيرة حين أقرأ كتاباً بالفرنسية يمكن أن يصدر بالعربية وما يشبهه، ولكنه يتحدث عن بلادنا وجوامعها. ومن الممكن أيضاً إصدار كتاب في كل مدينة عربية عن الجوامع فيها، والتي نجهل كل شيء عنها ولو لم أرافق والدي طفلة إلى الجامع الأموي لغادرت سوريا دون أن أعرف روعة ذلك المكان.

المسجد الأقصى والهمجية الإسرائيلية

كتاب كهذا لا يمكن أن يخلو من الحديث عن فلسطين، والمسجد الأقصى، والهمجية الإسرائيلية في التعامل مع المصلين، ومحاولة سرقة جزء من المسجد لتحويله إلى مكان عبادة إسرائيلية يهودية.
المسجد الأقصى موقع إسلامي ديني، وليس بوسع الإسرائيلي المحتل (صار يدعو نفسه، يدعونه، المستوطن) بتبديل الحقائق التاريخية!

قالت لي القطة!

كلما زرت المكتبات الباريسية لشراء كتب تلفتني، أبحث أيضاً عن تلك التي تستطيع قراءتها قبل النوم وتدفع بك إلى النعاس. ولهذا لفتني عنوان كتاب اسمه: «القطط: ما تحاول قوله لنا!»، وهو من تأليف لوتيسيا بارلرين وطباعة دار نشر فرنسية راقية هي ألبان ميشيل. يقع الكتاب في 300 صفحة بطباعة فاخرة. من العناوين فيه: عشرة أخطاء يجب عدم اقترافها مع قطتك. قطتي توقظني في الليل. قطتي كثيرة المواء. وغير ذلك كثير.. والكتاب طريف وصالح للقراءة قبل النوم، ولكن المؤلفة نسيت أن تذكر أن القط يشعر بالغيرة، ولي تجربة خاصة في هذا المجال.

جيفاكو يكره ابني

في بداية زواجي (تبنيت) قطاً، فالفرنسيون لا يقولون اشتريت قطاً بل (تبنيت) قطاً أو كلباً.. ويبدو أن ذلك شعور القطط على الأقل.
ولاحظت أن جيفاكو القط ينظر إلى طفلي (وكان عمره عدة أشهر) وينتظر أن أغادر الغرفة لينقض عليه ـ شعرت بذلك، وهكذا تخلصت من القط جيفاكو وأهديته إحدى صديقاتي التي كبر أولادها ولن يهاجمهم القط. وغيرة جيفاكو من ابني جعلتني ألحظ أن الحيوانات تشعر أيضاً بالغيرة. وكان عليّ التخلص من ابني أو القط وتخلصت من القط طبعاً.
ووعيت أن الغيرة شعور لدى الكائنات الحية كلها، بما في ذلك القطط!

*القدس العربي