» أليس العبث في نهاية الأمر هو إنكار جدية الحياة والوجود برمته بوصفه حياةً تسير نحو نهايتها بوعي ؟ »
هذه الاقتباس من مقدمة رواية مولوي للكاتب صامويل بيكيث و التي شخصيا اعتبرها احدى الروايات التي سببت لي صدمة وجودية و كان لها التأثير الكبير في توجهاتي الأدبية و الفلسفية
كنت اشتريت رواية )اختفاء السيد لا احد( بعد ان قرأت للكاتب « احمد طيباوي » المجموعة القصصية “وجه على الحافة” و التي وجدتها مختلفة و فريدة من حيث الأسلوب و الشخصيات التي تعيش على هامش الحياة و المجتمع و حتى داخل النصوص و الروايات .
و يمكنني ان أعتبر رواية و شخصية ” السيد لا أحد ” ما هي إلا شخصية من شخصيات قصص “وجه على الحافة” اجتهد الكاتب بسرده الرائع في رصد صراعاتها النفسية و تناقضاتها في لحظاتها الأخيرة من رحلتها نحو النهاية الرمزية و الاختفاء النهائي من الوجود .
شخصيا كقارئ عندي معيار ثابث لتقييمي للعمل الأدبي : و هو قدرته على جعلي أتفاعل مع النص و شخصياته و أقارنها مع فلسفات و قضايا عالمية مختلفة تناولها كُتَّاب أو فلاسفة آخرون ، و أجد أن رواية اختفاء السيد لا أحد تشبه كثيراً رواية مولوي لصامويل بيكيث :
فشخصية السيد لا احد تشبه شخصية مولوي إلى حد كبير ، و الجزء الاول من رواية اختفاء السيد لا أحد كان على لسان “السيد لا احد” بينما الجزء الثاني كان على لسان المحقق “رفيق” ، وهو نفس الشيء في رواية مولوي حيث الجزء الاول مَرْوِي على لسان مولوي بينما الجزء الثاني كان على لسان المحقق ” موران “
كذلك يمكنني القول أن العامل المشترك بينهما انه يمكن تصنيفها داخل خانة الأدب العبثي ، و معروف ان كتّاب الأدب العبثي هم الاكثر جدية و اتقانا لأدواتهم الكتابية من سرد و وصف و رسم الشخصيات بطريقة متقنة و فنية ، و صراحة ناقش احمد طيباوي هاته التساؤلات بطريقة جميلة و دون الدخول في متاهات فلسفية أو استعمال مصطلحات اكاديمية صعبة ، و هذا يدل على موهبته و جديته في الكتابة .
كذلك تطرح الرواية اشكالات فلسفية عميقة :
ما هو الوجود ؟ و هل يكفي أن يكون الأنسان حيّا حتى يكون له وجود بين الناس ؟ و هل تقاس قيمته بالاشياء التي يملكها .. ؟
فكما طرحت رواية التحول لكافكا، قضية ارتباط قيمة الانسان بالنفعية و كما فقد غريغور سامسا قدرته على نفع اسرته و بالتالي فقد معها انسانيته و قيمته و وجوده ، تطرح رواية السيد لا احد قيمة الانسان و ارتباط وجوده بهويته ، فلما فقد بطل الرواية هويته و اسمه و عائلته تحول الى السيد لا احد و أصبح وجوده في المجتمع يساوي عدمه .
*خاص بالموقع