“ليست كل الحروب متساوية”، بهذه العبارة تفتتح الباحثة الفرنسية من أصول جزائرية جانيت بوغراب عملها الصادر منذ أيام بعنوان “صمت الأموات: الحرب المنسية في اليمن” (منشورت سار)، فمن خلال دراسة تغطية وسائل الإعلام الغربية لما يحدث في اليمن منذ سنوات، تضيء المؤلفة إشكاليات كبرى تتعلق بالأخلاق في السياسة الدولية وفي عالم الإعلام.
تتساءل بوغراب: لماذا تضاء بعض الحروب بقوة، مثل فيتنام وحروب البلقان وحروب الخليج، فيما تُدفن حروب أخرى وكأنها لا تقع في نفس الكوكب. ترسم المؤلفة صورة شاملة للأزمة الإنسانية التي تشهدها اليمن في حرب ترى أنها جمعت بين كونها حرباً أهلية وعدواناً خارجياً، وهنا تضيء المصالح التي تجعل المؤسّسات الإعلامية في الغرب تقدّم خبراً عن آخر، وبنفس الطريقة تقدّم وتؤخّر حرباً عن أخرى.
من جانب آخر، تشير بوغراب إلى أن أزمة اليمن تُختصر عادة في ذكر بعض عمليات القصف وتعداد الضحايا المدنيين، لكن الواقع يكشف ما هو أخطر، فالبلد يتعرّض للأمراض بشكل متواتر آخرها كورونا، كما يعاني من عودة قوية للاستعباد، ناهيك عن العنف الذي يجري توريط كل المجتمع فيه بما في ذلك الأطفال. بعد كل ذلك، تقول بوغراب: كيف لا يصنّف هذا الواقع ضمن أوليات نشرات الأخبار في فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية؟
يمتدّ تحليل بوغراب من وسائل الإعلام إلى رهانات التوجّهات السياسية مثل توضيح تعامل الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض مع قضايا اليمن، ومن هنا تكشف أن هناك لعبة من المناصرة العمياء تقدّمها القوى الغربية الكبرى للسعودية والإمارات بناء على منظومة مصالح اقتصادية لا تعبّر عن توجهات الشعوب التي تمثلها هذه السياسات
في هذا العمل الجديد، تستفيد بوغراب من تخصّصها الأصلي في القانون الدولي، ولكنها تذهب نحو حقول معرفية أخرى مثل علوم الاتصال والعلاقات الدولية وتحليل الخطاب. من أعمال بوغراب الأخرى: “في جذور دستور الجمهورية الرابعة”، و”وفاة الجمهورية التي أؤمن بها”، و”رسالة من المنفى”.
*العربي الجديد