أعلن مات هانكوك وزيرالصحة البريطاني خروج سلالة كوفيد 19 الجديدة عن نطاق السيطرة، وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن الفيروس التاجي الذي “ظهر لأول مرة في الصين في ديسمبر الماضي يطل بسلالة جديدة متحورة أشد عدوى وانتقالاً من الأصلية بنسبة 70 في المئة”.
الإجراءات الاحترازية بدأت بالفعل حيث تم إغلاق عدة مطارات، وتوقفت حركة الطيران في الجزء الأوروبي من العالم، كما تراجعت بعض الدول عن قراراتها بالانفتاح الجزئي، فإذا ما عادت إصابات كورونا إلى التزايد والانتشار السريع هل نتوقع عاماً جديداً تتكرر فيه قوانين الحظر وفرض قيود الحجر الصحي..؟ وفي تلك الحالة هل يتحتم علينا التفكير جدياً بالتأقلم مع عزلة لا نهائية، فنحرق حقائب السفر وننسى العالم الخارجي وكل ما يتعلق بالخروج من الدائرة المغلقة حيث نقيم، مكتفين بالتلويح للعالم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات الاتصال عبر الإنترنت..؟
يبدو أن ما يحدث حولنا يبقى أقل من توقعاتنا، بدءاً من مطبات حياتنا الشخصية، مروراً بما آلت إليه ثورات الربيع العربي، وانتهاءاً بتطورات وباء لم يمنحنا فرصة الشك بنتائج اللقاح المفترض له حتى فاجأنا بمستجداته.!
رصدت الآثار المدمرة للفيروس بعدد الضحايا، والخدمات الصحية غير المتوفرة وغير الكافية، والأضرار الاقتصادية التي ضربت قطاعات السياحة والصناعة وأضرت بحركة البيع والشراء، والاستيراد والتصدير، وأفقدت كثيرون وظائفهم فما تكبد آخرون خسائر أدت إلى إغلاق مشاريعهم الخاصة.
ولكن ماذا عن تأثير كيوفيد 19 على الأطفال ..؟
القلق والتوتر عند الأطفال
كلما تأهبنا للخروج يركض حفيدي ذو العامين فقط ليلتقط من العلبة كمامات يوزعها علينا… صار يعرف أنها جزء لا يتجزأ من عملية الاستعداد لمغادرة البيت كحذائه مثلاً، ولم يعد يستغرب الوجوه المقنعة التي لا يرى ابتساماتها أو تعابيرها أو حتى يفرق بين ملامحها.. الخروج من المنزل صار بالنسبة له سبباً للبهجة، فقوانين الحجر تُطبق عليه أيضاً، واللعب في الهواء الطلق ليس متاحاً على الأغلب.
هناك جيل جديد ينال حصته من الإغلاق العالمي، وعلى الرغم من أنهم أقل عرضة للمرض حتى اللحظة، إلا أن الأحداث المتلاحقة تتحفنا بوجهة نظر خبراء حذروا من أن سلالة فيروس كورونا التي ظهرت في بريطانيا ربما تصيب الأطفال. الشكوك مازالت قيد الدراسة، سوى أن المخاوف تنصب على بعض الإصابات لأطفال أقل من 15 عاماً.
إن إغلاق المدارس ودور الحضانة والقيود المفروضة على الحركة تغيرات طرأت على روتين الحياة المعتادة، وأثرت سلبياً على سوية تحصيل التلاميذ العلمية، وبحسب اليونسيف هناك طفل من بين كل ثلاثة أطفال يفوتهم التعليم، إضافة إلى أن الإغلاق نال من صحتهم النفسية والبدنية لأن بقاءهم في البيوت أضر بجهازهم المناعي، وكلما طال أمد الجائحة، زاد تأثيرها عليهم، كما يعاني الصغار من أعراض الوحدة، فاحتكاكهم لا يتعدى أفراد عائلتهم، يقضون يومهم محجوزين بين جدران البيت، وتقتصر تسليتهم على قضاء ساعات طويلة أمام شاشات التلفزيون والأجهزة الإلكترونية، ويتعرض بعضهم للعنف والإهمال بسبب الضغوط التي لحقت بالأبوين أيضاً.
أبحاث قليلة أجريت لقياس آثار الحجر عليهم منها دراسة لعالم الأعصاب أرجين ستولك الذي وجد أن الصغار في رياض الأطفال أكثر قدرة على التواصل من نظرائهم في البيت، فحاجة الطفل لآخرين من نفس العمر يساعد على بناء عواطفه وتنظيمها ويكسبه مرونة التصرف.
إن عزل الأطفال عن أقرانهم ومنعهم من ممارسة النشاطات الترفيهية يجعلهم ملولين وبكائيين ونافدي الصبر، وتزداد حساسسيتهم كصغار مع صعوبة تقبل حجزهم، فتبدو عليهم مظاهر القلق والتوتر والأرق التي تنعكس على تصرفاتهم لذلك من المفيد أن نشرح لهم سبب العزلة، ولو بشكل مبسط ليستعيدوا شعورهم بالأمان، إضافة إلى تنظيم يومهم ليتضمن فترة للعب وفترة للاتصال بأصدقائهم والتحدث معهم.. قد يبدو هذا صعباً على أبوين يعملان من المنزل، ولكنه ليس مستحيلاً على أقل تقدير.
*تلفزيون سوريا