حنا حيمو
شاعر سوري
مجلة أوراق العدد 12
الملف
الثورة السورية تكمل سنواتها العشر هذه الأيام. لم أكن أعتقد أنها ستطول. كنت أراهن على شهر أو شهرين، وأراهن على التدخل الدولي، أراهن على السلمية ثم أراهن على السلاح، أراهن على روح الشعب وأراهن على قوته، خسرتُ كل الرهانات.
سوريا اليوم تكون قد فقدت ما يقارب المليون إنسان بكل أنواع الأسلحة البيضاء والسوداء، العادية والكيميائية، تم تهجير ما يقارب العشرة ملايين بني آدم وحواء سوريين، الى داخل البلد وخارجه. التهمت البحار والمحيطات الآلاف في طريقهم إلى الأمان، والتهمَ القجقجية ثمن بيوتهم. البنية التحتية للبلد ستحتاج إلى مشروع مارشال لبنائها، وليس هناك من يدفع لغير اثنين، النظام والقوى السلفية.
سمعنا الكثير من الأصوات من مختلف الاتجاهات: تريدون حرية؟ دولة علمانية؟ طيب تعالوا وحاربوا باسم العلمانية أو ماركس أو الشيطان، وكان ردي واحداً لا يختلف، لسنا نحن العلمانيون من فرض الحرب أو اختارها، كان العلمانيون هم من افتتح الثورة سلميّاً، النظام فرضَ انشقاق الجيش، وفرض الحرب بقتله المتظاهرين، والعلمانيون كانوا أول من أسس نواة الجيش الحر، وآخر من تحوّل إلى شحاذ على أبواب التسليح الخليجي والتركي.
هذا الموت السوري سيطول، وإن انتهت الحرب بسقوط النظام، وهذا ما سيحدث طبعاً، فسندخل متاهة الحروب الداخلية والتفجيرات والقتل على سنة الله ورسوله والمؤمنين. ليس هناك في المدى المنظور أي بصيص ضوء في هذا النفق الذي لا أرى نهايته، لكني أستطيع اليوم وغداً وفي كل ساعة أن أقول ما يلي وألاّ أتراجع عنه: نظام آل الأسد هو المسؤول الأول والأخير عن كل ما يحدث في سوريا، النظام هو من جرّنا إلى ما نحن عليه، النظام سحق الحياة السياسية والقضائية في سوريا وحوّلنا عنوةً إلى مرتشين من أجل لقمة العيش.
نظام آل الأسد هو من خلق السلفيين الإسلاميين، وهو من جهّزهم بالسلاح والعتاد وحاربهم أمام أعيننا وتركهم يأكلون أكبادنا ويحزّون رؤوسنا ويتناحرون أمام الجميع في كل القنوات الفضائية والأرضية.
ثورة الشعب السوري المظلوم ولدت يتيمةً، اغتال عبد الرحمن بن ملجم أباها، ثم ساقها العالم بأسره إلى كربلائها، وقطع أيديي أقمارها حين طلبوا الحياة، وبقر أكباد أطفالها بسهام الحقد، ثم حزّ رأسها ووضعه على رأس الرمح وطاف به في اليوتيوب، وها هم سباياها يُباعون في كل العواصم ويعضون التراب وعيونهم لا تحيد عن اتجاه دمشق. دمشق يا أحبتي عاصمة السماء. وسوريا ستكون، كما نحن نردد اليوم عن كربلاء، انتصار الدم على السيف.