“احتفظت بإيماني مؤقتًا
مثلما تحظى اليرقات بليلٍ ثقيل
قبل أن تفطن إلى أن لها أجنحة”.
لأن النهر يرتدي قناعه الودود
حين تميل إليه وتشرب
لأن المظلات ليست الإجابة الوحيدة هنا
لوجود المطر
ولأننا في مدينة فقيرة
الفضلات التي صُنعنا منها
في طريقها إلى المجارير
والعربات المصفحة للسجون.
المومس تصعد بحذائها الرياضي
على سلّم المجد
تعلّق مريولها الممزق في قصبة صيد
وفي كل مرة تلتقط رجلًا ساذجًا
تربطه على عمود إضاءة
مدينة من أولياء الأمور المشنوقين نحن.
الرجل الذي أثّث بيت أحلامها مسمار
لا شجرة بلوط.
ما لم تره تحت قميصها الشفاف
يمكن أن تدركه لاحقًا
حين تخف خطواتها عن العشب
ويجنبها النيل سؤال طلبة التشريح
عن كل هذا الليل المهدور لتستحم امرأة.
حين صارت عربة خربة
وضعوا في حقيبتها قنينة بنزين
وخريطة موسمية إلى دار عجزة
ببضع خدوش في الوجه ومصابيح مكسورة
ورمٌ بطول “البنكرياس” وتليّف الكبد
وشم قطة تتمطى على كتفها الأيسر
وذاكرة صدئة لا ينبت فيها إلا الشوارع المظلمة
ورائحة البول والعفن.
تركوها تحت كوبري في ساعة الذروة
وكتبوا على ظهرها:
“للبيع أو الاستبدال
بحالة مستقرة
واستعمال طاقم طبي”
مع تنويه بضرورة حفظها في درجة حرارة الغرفة.
“تُرى ما طعم التفاح حقًا
باللغة البرتغالية؟”.
أعرف كيف بدأ البحر
وأفكر في الحب
ذلك الهيكل المالح الذي يتخلل أطيافنا الرخوة
ليجعلنا قادرين على السير فوق الماء
خطوة واحدة
ويفرّ منا بكل جبن الحياة.
أسير دون وصاية ظل
ودون مطاردة جسد ينتظرني
ريشة تتراقص بين محفات الهواء
لتنقل إلى الناس سيرة طيرها الذبيح.
عذابي الوحيد
أنني تسكعت مع الفئران في صغري
رأيتها تكيل التهم والصفعات لبعضها
وحين كان عليّ الاختيار
توددت إلى القط.
الحب الذي قسموه بيننا
لم يكن أقل ظلمًا من نظرتك
وأنت تلومني على عيني المفتوحة حين تقبلني
ولا أكثر عدالة من وردة
يتقاسمها عرسٌ ومآتم.
كنت مرآة تغربل ملامحي من الوقت والحزن
وأنا حجر أدون عليه سيرتنا القصيرة،
أنت غارة تتمشى بسمومها في جسدي
وأنا زنزانة، أكتب عليها اسمك وتصير ملكي إلى الأبد
كنت التفاتة صياد
وأنا رصاصة ترافق وحدتك إلى الموت.
احزم الشمس بين كتفيك
اصمد
تَحرى صدأ الأغلال
اترك جذورك تتداعى
واصعد
أكون لكَ
الأكثر ألمًا
ألاّ تتزاور زهرة وعطرها على الحدود
بسبب سياج.
أهديتك قلبي
نجمة مشحونة منذ الأزل بنظرات التائهين،
أغنية ترددها حورية على مسبح
بجوار رجل يلفظ آخر إيمانه
ويغرق عاريًا في عينيها،
أهديتك قلبي
وكم أتمنى أن يصير أثقل حجر
قفز في صدرك واستقر هناك إلى الأبد.
شكرًا لأنك هربت
أنا أيضًا لدي إرثي الطويل من الخيانة
وموسيقى خفيفة تصحبني وقت الندم
لا شك في أننا ابتلعنا التفاحة باكرًا
حتى قبل أن تلمس اسمك على لساني
وأذوب في ليل عينيك.
الناجي الوحيد الغائب عن سهمي
تركَته الريح يواري قلبه في قرص “أسبرين”
ويدفن ظله في التراب
ينزع اسمي من طلاسم المعابد
يلتهم رقائق السراب بمعدة فارغة
ويفتش في أسفلت يتواطأ مع خوفي
عن أنثى حقيقية تغادر دارها دون حذاء.
*الترا صوت