رابطة الكتاب السوريين تنعي الكاتب والفيلسوف مطاع صفدي

0

في غمرة المأساة التي يعيشها بلدنا الحبيب، ينعي المكتب التنفيذي لرابطة الكتاب السوريين المثقف والكاتب والفيلسوف السوري مطاع صفدي، أحد مؤسسيها وعضو أمانتها العامة، الذي رحل عن عالمنا صباح يوم 6 حزيران/يونيو بمدينة بيروت.

لقد عاش الراحل الكبير مطاع صفدي حياة حافلة بالنضال والإبداع. كتب الرواية والقصة القصيرة والمسرح، كما ألف في الفلسفة وفي الفكر السياسي، وأنشأ وأدار مراكز للأبحاث الفكرية، وأشرف على مشروعات في ترجمة كبرى مبدعات الفكر الفلسفي المعاصر مثلما أنشأ ورأس تحرير مجلات فكرية كمجلة الفكر العربي، ثم الفكر العربي المعاصر ومجلة العرب والفكر العالمي.

كان مطاع صفدي، وهو الذي انتسب إلى حزب البعث في مقتبل عمره، أول من وجه نقداً صارماً لتجربة هذا الحزب على الصعيد النظري والعملي حين نشر عام 1966 كتابه: حزب البعث، مأساة البداية، مأساة النهاية. واستطاع منذئذ تجاوز تجربته الحزبية هذه منطلقاً إلى رحاب الفكر الواسعة محاولاً تحقيق عبر مشروعات ثقافية طموحة تحقيق ما كان يحلم به على صعيد النهضة الثقافية والحداثية التي كان يدعو إليها بكل قواه.

وما كان له بكل مواقفه الفكرية والسياسية التي عرف بها إلا أن يكون روحاً وعقلاً مع الثورة السورية وقد تجاوز الثمانين من عمره. فلم يتوقف عن العمل من أجلها أو عن الكتابه حولها ولها، حاملاً الأمل في أن تبرأ سورية من الأمراض التي أصيبت بها خلال خمسين عاماً من الاستبداد.

ولد الراحل في دمشق عام 1929، وحصل على ليسانس الفلسفة من جامعة دمشق، وعمل مدرساً للفلسفة في ثانويات دمشق ثم في جامعة دمشق وذلك حتى عام 1963 حين غادر دمشق إلى بيروت كي يستقر فيها نهائياً.

بالتعاون مع الشاعر خليل حاوي والناقد الياس حاوي قام مطاع صفدي خلال ستينيات القرن الماضي  بالإشراف على أول موسوعة الشعر العربي (من العصر الجاهلي حتى العصر الحديث)  صدرت منها أربعة مجلدات خاصة بالعصر الجاهلي عام 1985 عن دار خياط ببيروت.

وقد انصرف في السنوات التالية إلى الكتابة والعمل الثقافي فأسس وأدار معهد الإنماء العربي الذي عمل من خلاله على نشر العديد من الكتب والأبحاث في مختلف فروع العلوم الاجتماعية فضلاً عن مجلة الفكر العربي الشهرية.

وبعد مغادرته لهذا المعهد، قام بتأسيس مركز الإنماء القومي الذي وضع له خطة طموحة من أجل التعريف بثمرات الفكر الفلسفي الحديث سواء من خلال مشروع الينابيع لتعريب الأعمال الفلسفية التأسيسية الذي أشرف عليه وصدر منه حوالي أربعين مجلداً نشرت بين عامي 1985 و2001، أو اعتباراً من 1981 وحتى بدايات الألفية الثالثة من خلال مجلتين أسسهما ورأس تحريرهما خصصت إحداهما لترجمة النصوص الفلسفية والفكرية وهي مجلة العرب والفكر العالمي، والثاني، الفكر العربي المعاصر، للأبحاث الفلسفية والفكرية العربية.

أمّا أهم العناوين التي أضافها للمكتبة العربية فهي:

في الأدب: جيل القدر، رواية (1961)، أشباح أبطال، قصص قصيرة (1962*، ثائر محترف، رواية (1962)، الآكلون لحومهم، مسرحية (1964)؛

في الفكر والفلسفة: الثوري والعربي الثوري (1963)،  الحرية والوجود (1962)، فلسفة القلق (1963)، استراتيجية التسمية ونظام الأنظمة المعرفية (1986)، نقد العقل الغربي (1992)،  نقد الشر المحض، (1) نظرية الاستبداد في عتبة الألفية الثالثة (2001)، نقد الشر المحض (2) بحثاً عن الشخصية المفهومية للعالم (2001)، ماذا يعني أن نفكر اليوم، فلسفة الحداثة السياسية والاستراتيجية الحضارية (2002).

في الدراسات السياسية: مصير الأيديولوجيات الثورية (1963)، ناصر الناصرية والثورة العربية (1966)، حزب البعث: مأساة البداية مأساة النهاية (1966)، الناصرية والنظرية الثالثة (1973)، مذكرات سنوات العرب العجاف (2002) ــ تحت الطبع ــ

سيبقى مطاع صفدي بإسهاماته الفكرية وإنجازاته الثقافية مثال المثقف والمفكر الملتزم بقضايا وطنه وشعبه ونموذجاً لعلاقة عضوية بين الفكر والعمل. ولعل أفضل ثناء عليه في يوم رحيله أن يتابع الجيل الجديد عمله في الإبداع وفي العمل الثقافي الجاد وفي النقد الصارم.

وفي هذه المناسبة الأليمة يتقدم المكتب التنفيذي بالعزاء الحار لأسرة الفقيد ولجميع الزملاء أعضاء رابطة الكتّاب السوريين، ولأبناء شعبنا السوري.

السلام لروح الفقيد مطاع صفدي، ولذكراه الخلود.

 

2130 (1)

رابطة الكتّاب السوريين

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here