خطيب بدلة : مرض أم صلوح يحير الأطباء

0

المرض الذي تعاني منه جارتنا أم صلوح جعل أطباء محافظة إدلب يحتارون أمامه، قولاً وفعلاً، مع أن الأطباء الذين كشفوا عليها وعاينوها، كلهم، أكدوا أنها تعاني من مرض بسيط، و(شايع)، ويمكن أن يُشفى خلال أيام.. ولكن الأطباء، في الحقيقة، لا يعلمون ما حصل، أو ما كان يجري في الكواليس، فـ (البيوت أسرار) كما يقول الناس في القول الدارج.

كان لأم صلوح مجموعة من المستشارات من جاراتها اللواتي لا يعرفن أية معلومة طبية صحيحة، وهنَّ يحببنها ويردن لها الخير، بدليل أنها، بعدما راجعت الطبيب (عدنان سين) اجتمعت عندها الجارات في البيت، ورحنَ يتفحصن علب الدواء التي أحضرتها معها من إدلب.

أمسكت الجارة السيدة أم مبارك زجاجةَ دواء مختومة، وتأملتها بروية، وقربتها من مصدر الضوء، ثم قالت لها: إياكِ ثم إياكِ تشربي من هذا الشراب يا أم صلوح. الحمد لله أني شفتك قبل أن تتورطي وتشربي منه.
فَنْجَرَتْ أم صلوح عينيها وقالت لها: يوه يا أم مبارك. ليش؟ أشو قصته؟

فحكت أم مبارك لأم صلوح والجارات عن سلفتها “أم قدور” التي ذهبت إلى الصيدلي الذي يلقبونه (أبو الوجه الناشف) وحكت له عما يجري معها، وهو أنها تنام، بعد صلاة العشاء، وقبل أن يصيح الديك بقليل تشوف في منامها أنها راكضة وراء ابنها “قدور” الذي يركض ويرفع رجليه أثناء الركض إلى الخلف مثل السعدان، وفجأة، في المنام، يداهمها السعال، وتصحو لتجد نفسها تسعل في الواقع، وتظل تسعل حتى جهجهة الضوء.. فقال لها الصيدلي (أبو الوجه الناشف): – شغلتك بسيطة يا خالتي أم قدور.
وأعطاها قنينة شراب مثل هذه القنينة تماماً، والخلاصة أنها شربت منها، فتوقفت السعلة، ولكنها أصيبت بالدوخة، وصارت تقف فتفتل بها الدنيا وتدور، وتمشي خطوتين إلى الأمام فيختل توازنها وتمشي بشكل موارب مثل العقرب، ثم تسقط على الأرض!
قالت الجارة أم إبراهيم: كلام أم مبارك صحيح، وأنا سألت ابن أختي، وهو طبيب فهيم عن سبب حالة كهذه، فقال لي إن كل دواء له أعراض جانبية؛ يشفيك من السعلة ويصيبك بالدوخة..

ومدت يدها إلى كيس الدواء الخاص بأم صلوح، وحملت علبة كرتونية فيها حبوب مستطيلة، وقالت: يعني، مثلاً، هذا الدواء كويس، وممتاز، ويشفي من التيفوئيد، ولكن من يشربه يصير معه نفخة في الكولون، وغازات..

وقالت الجارة أم سليم، وهي تنعم النظر في علبة حبوب أخرى:
– أنا هذا الدواء لو أن أحداً قدمه لي مجاناً (ببلاش) لا أشربه، لأنه ابن عمتي “محمد علي” شرب منه حبة وعلى أثرها صار يهلوس، يقف أمام أهله ويحكي لهم قصصاً لا يمكن تصديقها، وأحياناً يروي وقائع تؤدي إلى خلافات عائلية فتتشاجر أختُه مع أبويها، مثلاً، أو يتشاجر أخوه الكبير مع أخيه الأصغر ويضرب أحدهما الآخر، وتنتهي القصة في المشفى أو المخفر.
وهكذا.. تستبعد أم مبارك الأدوية التي تسبب مشاكل جانبية وتحتفظ ببعض الأدوية، وتقترح عليها إحدى الجارات أدوية أخرى سبق لهن أن استخدمنها واستفدنَ منها.. وهكذا.

المصدر : العربي الجديد

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here