حسين جرود: خلايا نائمة

0

1

عدد الذين يتكلمون مع أنفسهم في الشارع قليلٌ جدًا، وهو بالتأكيد أقل ممن لا يفعلون، ولهذا يلفتون الأنظار.

لكن يجب ألا تكون نسبتهم شبه معدومة، أو تنحصر بأشخاص محددين؛ يجب أن تكون لهم نسبة ثابتة، تتحرك -ولو ببطء- على الرسومات البيانية، ولو كانت 1 بالألف أو بالعشرة آلاف.

قد تتساءل عندها: ما الفرق؟

فور أن يحتلوا نسبة واضحة (ولو كانت 1 بالألف)، فهذا يعني أنه يمكن أن يكونوا 3 بالألف أو 4، وبعدها، بقفزة صغيرة، تُحتسب ال 5 بالألف 1 بالمئة، ويبدأ انهيار النظام.

2

كانت الشوارع شبه خالية، عندما خرج مساء يوم الجمعة منذ شهرين، وعَبَر السوق المغلقة. معظم محلاته كانت مغلقة أيضًا. وقبل أن يكتمل مشواره البسيط، ويخرج من الطرف الآخر، وجد نفسه أمام ثالث شخص يتحدث مع نفسه في ذلك اليوم، ما جعله يبدأ الاستعداد للخطوة التالية. طبعًا لم يخطر في باله -وقتها- أنه يوم بارد وممل، لا يمكن أن يخرج فيه إلا من يتكلمون مع أنفسهم، أو يستمعون لهم.

3

مر في طريقه على عصام الذي كان بالتأكيد داخل المنزل، ولم يفتح رغم كل طرقاته الهوجاء. يقضي عصام معظم وقته نائمًا، ورغم كل التحذيرات التي أتته بأنه مكشوف، ولا يأخذ حذره… فما زال يتصرف بتلقائية، مع أن البلد كلها صارت تعرف أنه من الخلايا النائمة.

4

– هذا اسمه تهريج… كل نهار نوم

– أأنت واثق أنه ثقب أسود؟

– ثقب أسود مثل العادة، وكأني غريب عن الثقوب السوداء.

– ثقب أسود عادي؟ في طرفه الآخر كوكب مدور يعيش فيه ناس يسيرون على قدمين؟

– وكأنها أول مرة نذهب فيها إلى عالم ثاني، لنا عمر في هذه البلاد، نعرفها ثقب ثقب.

5

إنه عالم مصطنع وصورة منفوخة، جثة انتهت منذ زمن طويل… لماذا نستمر في يوم جديد؟ لماذا نتجاهل حقيقة أننا أصبحنا حيوانات مدجنة؟ مر هذا السؤال في ذهنه، يومًا، ولم يستوقفه، ولكن عندما يفكر فيه الآن، وهو شخصية في حكاية تواجه تحديات، يجد بعض المغزى. من المؤكد أنه في الواقع ليس حتى صديق البطل. لسنوات كان لا يقيم وزنًا لتلك الحيوانات… بينما عليه أن يفعل ذلك الآن.

6

– بابا لماذا لا يوجد لدينا جبن؟

– أتعرف لماذا سمي جبنًا… لأن لا أحد يأكله إلا الجبناء.

لم يعرف الابن معنى كلمة الجبناء، فهو يشاهد برامج أطفال تختلف عما يشاهده والده، ويعيش في شخصيات أخرى.

7

صوت انفجار.