حسين بهيّش: مثل طفلٍ بدأ الحديث للتوّ

0

الرضيع 

تنبعُ من قلبي 
وتجري في أوردتي مثل نهرٍ   
تغادر نافذتي مثلَ حمامة 
بلا تلويحة، بلا وداعٍ حتّى 
تهجرني كأنَّني ثوب عتيق
وتعود إليَّ من بعيد
كأنَّها ضياءٌ
أقولُ انصرفي من حياتي 
فالبريد متأخّر 
والدنيا سحابةٌ 
تعالي أو لا تجيئي
ابقي حيثُ أنتِ
تُمطرين على أرضي 
فتتبدّدُ الصحراء في روحي 
وتزرعين واحةً في عمق قلبي 
هكذا أعرفُ طريقاً مختصراً 
إلى أحضانكِ  
كما يعرفُ الرضيع طريق الحليب.


■ ■ ■


صوتكِ

صوتُكِ يساوي دفْق الماء
وحرارة المدفأة
كغزارة المِلح.

صوتكِ متشعّبٌ في الدماغ 
مثلَ أوعية وشرايين.  

صوتُكِ نداءات الطيور 
الخجلى صباحاً.

صوتكِ رَشْقة ماء
في وجه الطين الذي يحملُ الزهور.

صوتكِ بريء
مثل طفلٍ بدأ الحديث للتوّ.

صوتكِ كنزٌ مخبّأ
في عروش الموسيقى
والأغاني والمواويل الحزينة.

 
ابتهال القمر في الليل
عندما يستحمّ في النهر
صوتكِ نظّارة الكون

■ ■ ■


كنتُ أَولى بالغرق

انفجرتُ
لأصنع سُلّماً من القُبل 
قُبلة على ظهرِ قُبلة وصلتُ لعينيكِ  
ثُمَّ
عبرتُ إلى جزيرتِكِ على هيئةِ ظلّ 
زرتُكِ خفيفاً مثلَ حُلم  
سافرنا فيه على بساطِ المودة
مثلَ نجمةٍ ترقصُ في حُضنِ الهلال  

هكذا أفوزُ بلحظتي 
بعدما كنتُ أولى بالغرق من الناجين.


■ ■ ■


مثلَ شجرة تكبُر أمامي

أكملتُ كتابة مئة قصيدة عن الحُبّ 
قلتُ أجمعُ أجزاءكِ في كتاب 
لكنني أخطأت 
لأنني أحتاجُ مئة كتاب لأجمعكِ 
لأنكِ ما زلتِ صبية وعندما تكبرين أخافُ 
أن تفوتني أشياء كثيرة وكبيرة 
لذلك سوف أنتظركِ مثلَ شجرة تكبُر أمامي
ظُلّكِ لي 
وثمرُكِ لي 
وعندما يأتي فصل الملل 
أكنس أوراقكِ الساقطة عليّ
وأعزفُ موسيقى الموت المؤقّت 
إلى أن تلمع أوراقكِ من جديد
وأصنعُ منها ماء الزهر.

*العربي الجديد