ربيع
طيورُ الشِّتاءِ مَضَتْ
وَطُيورُ الرَّبيعِ الّتي لمْ تجيءْ بعْدُ،
سوفَ تجيءُ، لتملَأَ كلَّ السَّماءِ.
أبالِغُ: بَعضَ السَّماءِ،
أبالِغُ: بعضَ نقاطٍ هنالِكَ في بقعةٍ
خلَّفَتْهَا السَّماءُ الّتي أدْبَرَتْ.
لنْ أبالِغَ: ليتَ ربيعًا يَجيءُ بطَيْرٍ وَحيدْ.
عصافير
حينَ تأتي العَصَافيرُ في البرْدِ مَلْهُوفَةٌ،
لتغطِّي الغُصونَ الّتي تَتَرنَّحُ عاريةً
تستَحيلُ ثِمارًا لها
والغُصونُ ترى عندها غدَها الأخْضَرَا
ثمَّ تَغفو،
لكيْ تتذكَّرَهُ مُزْهِرًا مُزْهِرًا.
هول
تدورُ بي الأرضُ كيْ لا أكونَ ابنَها
والسماءُ تُداوِرُني كلَّما جئتُها طائرًا،
حامِلًا فرحَ الأرضِ أوْ حُزنَها
لا تقولْ.
بلْ فضاءٌ منَ الصَّمتِ
هوْلٌ
وَيَمْتَدُّ يَمْتَدُّ نحوَ الأفُولْ.
ضجر
ضَجَري ليسَ لي كُلُّهُ
هوَ في بعضِهِ ضجرُ الآخَرينَ الّذينَ أفكِّرُ فيهمْ.
أفكِّرُ فيهِمْ فيأتونَنِي مُسرِعينَ
ليتَّخِذوا وَحْدَتي مَرْتَعًا.
ربَّما -قبلَ أنْ يَرجِعُوا – يخْلَعُونَ رُؤىً أضْجَرَتْهُمْ
فأزدَادُ في وَحدَتي ضَجَرًا.
غصون
تلْعَبُ الرِّيحُ بينَ الغُصُونِ
وأمَّا الفَضاءُ الكَبيرُ فَلَيْسَ لَهَا مَلْعَبًا،
بلْ مَتَاهْ
وَالغُصُونُ الّتي ارتَعَدَتْ في الشّتاءِ
تُرى الصَّيفَ يلفُظُ أنفاسَهُ
فتميلُ
لتبْعَثَ فيهِ نَسِيمَ الحَياةْ.
رهائن
سَلَكْنَا دُروبًا
تَلَوَّتْ بِنا في شِعَابِ الجِبَالِ،
تلوَّتْ بنا صُعُدًا مِنْ طُفولاتِنا في السُّفوحْ
كبرْنا فإذْ بالجبالِ تصيرُ هِضابًا
وإذْ بِخُطانا الّتي أخَذَتْ تتباطَأ أوْ تَتَوَانَى
تعودُ بِنَا كالرَّهائِنِ نَحْوَ السُّفوحْ.
أنا وأنتِ
هَلْ تَوَدِّينَ لَوْ كنتُ أجملَ؟
لوْ كنتُ أطْوَلَ؟
لَوْ كنتُ أكْمَلَ؟
ماذا تَوَدِّينَ أيْضًا؟
أنَا لا أودُّ سِواكِ، كمَا أنتِ
لستُ سِوَاكِ.
ألا تَجِدينَ إذًا أنّني
صِرتُ أجملَ، أطولَ، أكملَ،
أكثرَ ممَّا تودِّينْ!
رقص
الجبالُ الّتي أحْدَقَتْ بالبُحَيْرَةِ
لا تَتَراجَعُ
تبقَى عَلى أهْبَةٍ للتَّقدُّمِ منذُ الصّباحِ… وَمَا قَبْلَهُ
والمِياهُ الّتي استسلَمَتْ طيلةَ اللَّيلِ
قدْ بدَأتْ تتثاءَبُ
حتَّى إذا مَسَّها الضَّوءُ
مَاجَتْ قليلًا كَمَنْ يتهيّأ للرَّقصِ، وانتَظَرَتْ
(ليسَ إلّا ليستفحِلَ الضّوءُ)
حَتّى إذا انهَمَرَتْ فاتناتُ الأشعّةِ
قامتْ قيامَةُ ماءِ البُحَيْرَةِ
وانبجَسَ الرّقصُ بينَ الجِبالِ
التي أخذتْ تتراجعُ شيئًا فشيئًا.
حظ
تَوَقَّفْ
فَلَيْسَ سِوى الحَظُّ
يَختَطِفُ الأفْقُ حينَ يشاءُ
وَيُطلِقُ آفاقَهُ في السَّماءِ الخَفِيَّةِ حينَ يَشَاءُ
تَوقَّفْ إذًا أيُّها المُسْتَجِيرُ بأمالِهِ
أيُّها المُستَقيمُ
أو المُتَمَوِّجُ مثلَ خطوطِ الأفقْ.
وَتَأمَّلْ هنالِكَ في قعْرِ أوهامِكَ المشْتَهَاةِ
لعلَّكَ تحْظَى بظنِّكَ مُؤتَلِقًا بينَ شَتَّى الطُّرُقْ.
مياه وجسور
جسورٌ على عَرْضِ ذاكَ المَضيقِ
تئنُّ لكثرةِ مَنْ يَعْبُرونَ
وَتَحتَ الجُسورِ مِياهٌ تَنَامُ وَتَصْحُو
وَتَضْحَكُ للعَابِرينَ
وقدْ تتراقصُ في طَرَبٍ
أوْ تموجُ، فتعلُو وَتَهبِطُ صَاخبةً.
هيَ كانتْ كذلكَ قبلَ الجُسورْ
هيَ وتبقَى كذلكَ بعدَ الجُسورْ
ومِن قبلِ أنْ يتكوَّنَ شيءٌ
ومِنْ بعدِ أنْ تَتَلاشى الدُّهورْ.
*الترا صوت