اطلعت رابطة الكتاب السوريين على مجريات المؤتمر الصحافي الذي عقده حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الأحد 9 تشرين الأول/أكتوبر الجاري في أبو ظبي وفقاً لما تناقلته وسائل إعلام إماراتية وعربية عديدة.
والرابطة إذ تثمن ما بلغها حول عزم الأمين العام تقديم مقترح بتجميد عضوية اتحاد الكتاب العرب في سوريا، وذلك خلال اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام في الجزائر المتوقع عقدها في النصف الثاني من شهر شباط العام المقبل، فإنها تود الإضاءة على مجموعة من النقاط التي أثارها السيد الأمين العام في مؤتمره:
1- من الضروري بداية الإشارة إلى أن الرابطة لم تشكك أبداً في الموقف الشجاع لشخص الأمين العام تجاه قضية الكاتب السوري، منذ وقت يسبق تسلمه مسؤوليات الأمانة العامة. ولا بد من الإقرار هنا – من باب الأمانة والإنصاف – بأن بداية طرح هذا الموضوع “عدم مشروعية تمثيل اتحاد الكتاب العرب في سوريا للكاتب السوري” كانت استجابة لمشاورات تمت بين عضوي رابطة الكتاب السوريين الزميلين الشاعر إبراهيم اليوسف والقاص إسلام أبو شكير مع عدد من رؤساء الوفود المشاركة في اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام في أبوظبي في الفترة 3 – 5 حزيران/يونيو 2013، ولمس الزميلان ترحيباً بالفكرة واستعداداً لدعمها، لا سيما من قبل حبيب الصايغ بصفته رئيساً لمجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وممثلاً للدولة المضيفة، إضافة إلى رؤساء وفود آخرين ستذكرهم الرابطة بالاسم عندما يكون الوقت مناسباً شكراً وتقديراً.
وعلى هذا الأساس كلفت الرابطة وقتها الزميلين اليوسف وأبو شكير بمتابعة الأمر، ووجهت رسالة إلى الأمين العام آنذاك محمد سلماوي تطلب فيها تجميد عضوية الاتحاد السوري وذلك لحيثيات وأسباب تناولتها الرسالة بالتفصيل، لكن الرسالة مرّت من دون أن يتم التوقف عندها نهائياً، ما أشعرنا حينها بأن الظروف لم تكن مؤاتية بوجود قوى نافذة داخل الاتحاد العام ترى مصلحة لها في وجود اتحادات هشة وهزيلة كالاتحاد السوري.
2- ومما عزز من انطباعنا حول نفوذ هذه القوى أن تقرير حال الحريات في الوطن العربي الذي صدر عن اجتماعات أبوظبي نفسها تضمن فقرة تدين جريمة تصفية ثلاثة من الكتاب السوريين من قبل النظام السوري نتيجة مواقفهم السياسية المعلنة، وهذه الفقرة جاءت بضغط من بعض الشخصيات المتواجدة في الاجتماعات، ومنها حبيب الصايغ نفسه. وقد تلي التقرير بصيغته هذه علناً في حفل اختتام الاجتماعات، لكن هذه الفقرة بالذات حذفت لاحقاً من الصيغة الرسمية التي تم اعتمادها بعد انتهاء الاجتماعات بأيام، ووزعت على الاتحادات والجمعيات والروابط والأسر المنضوية تحت مظلة الاتحاد العام باعتبارها الوثيقة الرسمية المعتمدة، الأمر الذي أكد لنا أن ثمة أصابع خفية تتلاعب لمصلحة النظام السوري، متجاهلة الإرادات الأخرى النزيهة والمقدرة لعدالة مطلبنا.
3- بعد انتخاب الزميل الصايغ أميناً عاماً للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب أعيد طرح موضوع تمثيل الكتاب السوريين في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وبمبادرة شخصية منه هذه المرة، وقد رحبنا بمبادرته، وقدرنا أن وجود شخصية داعمة لقضية شعبنا على رأس الأمانة العامة من شأنه أن يغير في موازين القوى، فوجهنا رسالة أخرى نجدد فيها مطالبتنا بتجميد عضوية اتحاد النظام السوري، أتبعناها برسائل مماثلة إلى جميع اتحادات وجمعيات وروابط وأسر الكتاب العرب شرحنا فيها مطلبنا، وأكدنا امتلاكنا لوثائق ومعطيات تثبت عدم أهلية اتحاد دمشق لتمثيل الكاتب السوري، كما أكدنا استعدادنا في رسائل أخرى لتفويض من يمثلنا في اجتماعات المكتب الدائم في دبي في الفترة من 4 – 8 أيلول/سبتمبر 2016 لعرض مطلبنا.
غير أنه لا بد هنا من الإشارة إلى أننا لم نتلق أي رد على تلك الرسائل من أي جهة بما في ذلك الأمانة العامة، وكل ما عرفناه أن الأمانة العامة أحاطت اتحاد دمشق بمطلبنا، وأنها تلقت منه رداً على ذلك، وكان هذا عن طريق وسائل الإعلام، دون أن نعرف شيئاً إلى هذه اللحظة عن مضمون الرد الذي تلقته الأمانة العامة، وكان من المفترض أن تتم المعاملة بالمثل، فكما أن اتحاد دمشق أحيط علماً برسالتنا، فقد كان من المفترض أن نكون نحن أيضاً على علم بفحوى رده.
4- ورغم عدم تلقينا لأي مراسلة رسمية فقد بدت الأمور من وجهة نظرنا تسير في الاتجاه الصحيح، فالسيد الأمين العام نفسه أكد في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم 30 أيار الماضي في أبوظبي أن القضية ستكون على جدول أعمال المكتب الدائم، وكان هذا ما نطلبه في المرحلة الأولى، أن تتاح للكاتب السوري فرصة التعبير عن رأيه في تبعية اتحاد دمشق للنظام، وتحريضه السافر على الكتاب الذين انحازوا إلى إرادة شعبهم في التغيير، وهم الكثرة من جهة، كما أنهم يشكلون جوهر الإبداع السوري من جهة أخرى بتجاربهم الكبيرة وحضورهم القوي على الساحة الثقافية السورية والعربية.
وكنا خلال هذه الفترة نعمل على استكمال الملف بانتظار أن توجه الدعوة إلينا لعرضه على الاجتماعات، لكن الاجتماعات بدأت، والدعوة لم تصل، الأمر الذي جعلنا نشكك بالفعل في جدية موقف الاتحاد العام، لكننا تريثنا في إعلان هذا الموقف في انتظار نهاية الاجتماعات.
5- ثم جاء ختام الاجتماعات، دون صدور أي إشارة أو توضيح بخصوص مطلبنا، وبدا الأمر كما لو أن مطلبنا غير موجود من الأساس. وما عمق من إحساسنا بأن قضيتنا تعرضت إلى إقصاء عنيف صعود نضال الصالح ممثل اتحاد النظام السوري على المنصة ملقياً – بصفته تلك – أهم بيانات الاجتماعات وهو البيان الختامي، الأمر الذي فهمه الجميع على أنه قبول معلن باستمرار هذا الاتحاد في تمثيل الكاتب السوري من قبل المجتمعين، ورفض صريح لكل مطالبنا، وهو ما روج له الصالح فيما بعد، معتبراً إياه انتصاراً كبيراً، وفرضاً بالقوة لوجوده وتصدره المشهد، رغم أنف الجميع، بمن في ذلك، بل على رأسه، الأمانة العامة.
6- ومع ذلك لم يتحدث أي من أعضاء الرابطة عن الموضوع بوصفه ممثلاً لها، أو ناطقاً باسمها. ونود التأكيد هنا بأن جميع ما كُتب كان بالتوقيع الشخصي للكتّاب معبرين عن آرائهم لا عن رأي الرابطة، بل إن أعضاء الرابطة هم أقل من كتبوا في هذا المجال، وإن المتحدثين كانوا في غالبيتهم من الأشقاء العرب غير المنتمين إلى الرابطة، مع التشديد على أننا نحتفظ بكل مشاعر الامتنان والشكر تجاه الجميع لوقوفهم معنا في المبدأ، وقناعتهم بضرورة رفع العار عن الكاتب السوري الذي يراد له أن يكون ممثلاً باتحاد تخلى عن مسؤولياته الأخلاقية والوطنية، وانحاز لنظام كان وراء دمار بلدنا بسبب سياساته الممعنة في إجرامها.
ومع أننا لا نميل إلى اللغة الانفعالية في تناول القضايا الحساسة، فإننا نقدر أن جميع من كتبوا كانوا مدفوعين بإحساس عميق بالخيبة تجاه قضية عادلة تتعرض عن حسن نية أحياناً وعن سوء نية أحياناً أكثر إلى الإقصاء، تحت مسميات مختلفة، وبذرائع لا تقدم ولا تؤخر.
إضافة إلى ذلك فإننا نعتقد أن على الأمانة العامة أن تتقبل حالة التداول الإعلامي للموضوع – بكل ما يترتب على هذه الحالة من تعدد في الآراء، أو قسوة في عرضها – باعتبار أنها فضلت هذا الأمر منذ البداية، ولم تقم بأي تواصل رسمي أو أي مراسلات مع الرابطة، وبالتالي لم تعط الرابطة فرصة لتوضيح أي ملابسات يمكن أن تنشأ نتيجة هذه الحالة.
كما أننا عند موقفنا من أن الاتحاد العام أخطأ بتغييب قضيتنا على هذا النحو. ومع تقديرنا لمساعي السيد الأمين العام في مشاوراته الجانبية، وشكرنا الكبير له على ما بذله من جهد، فقد كنا نتمنى لو استشرنا في الموضوع، لتكون لنا كلمة في هذا الأمر، ولنتحمل نحن مسؤولية أي نتائج تترتب عليه، ولنعفي الأطراف الأخرى من أي اتهامات بالتقصير.
7- إننا ننظر إلى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب باحترام كبير، ومجرد تواصلنا معه يؤكد أننا نعلق عليه آمالاً في أن يكون المنبر الذي يحتضن الأصوات الحرة في زمن عربي منهار تسيدته الأصوات المقيدة والمشتراة والمرتهنة والمحكومة بمشاريع ظلامية عدمية، أو استبدادية مهووسة بالسلطة.
ونؤكد كذلك أننا في رابطة الكتاب السوريين نرفض بشدة أن يكون اتحاد دمشق في الموقع الذي يحتلّه، ونطالب الاتحاد العام مرة أخرى بأن يتخذ موقفاً يترجم عبره – وبشكل عملي – المبادئ التي قام عليها أساساً، وهي القضية التي سنواصل الدفاع عنها سواء من داخل الاتحاد العام أو من خارجه.
8- وبعيداً عن كل هذه التفصيلات فإننا نثمن مرة أخرى خطوة الأمين العام، ونتطلع إلى أن يتم التواصل مستقبلاً بشكل مؤسسي، وعبر مراسلات ومكاتبات مباشرة، لا عبر وسائل الإعلام أو عبر أطراف ثالثة، وذلك حرصاً على ألا يحدث أي لبس أو سوء في الفهم، وهو ما نرى أنه حدث فعلاً سواء فيما يتصل بموقفنا الذي يرى الأمين العام أنه متعجل، أو بموقف الأمين العام الذي رآه بعض أصدقائنا إقصائياً وظالماً.