تمرُّ الآن الذكرى العاشرة لثورة الشعب السوري الحر بكل ما انطوت عليه من بطولات وتضحيات لملايين السوريين الذين أرادوها انتفاضة سلمية ضد الاستبداد وسياسات الإخضاع والقهر والإذلال والقمع المنظَّم، فواجهها النظام بالقصف والقنص والبراميل المتفجرة ودكّ المدن والبلدات على رؤوس ساكنيها، بل إنه لم يوفر حتى استخدام ترسانته الكيميائية. ورغم كل ما تميز به النظام من وحشية، فإنه لم يكن قادراً على حماية نفسه من السقوط، لولا تدخُّل حزب الله وإيران وميليشياتها الشيعية المتعددة وروسيا ومرتزقتها تحت بصر العالم وموافقته أو صمته أو مشاركته وبمباركة أميركية وإسرائيلية بالطبع. وفي سياق هذا القمع السافر والمعمم، دأب النظام الأسدي ووجوهه الأخرى من فصائل إرهابية ومتطرفة على استهداف المثقفين، وبخاصة الكتّاب والصحفيين.
لقد مارس نظام الأسد الأمني الاستبدادي، في السنوات العشر الأخيرة، فظاعات وانتهاكات غير مسبوقة في عصرنا الراهن، ضد حقوق الشعب السوري، في الاختيار، وفي مشاركته الواسعة والفاعلة في صناعة القرار الوطني، وفي ممارسة المكونات الوطنية لحقوقها الثقافية والاجتماعية والسياسية المشروعة.
إننا، إذ نقف إجلالاً أمام التضحيات الجسام التي بذلها الشعب السوري، من أجل الحرية والكرامة، فإننا نستذكر النضال الذي خاضه ولا يزال يخوضه الكتّاب والصحفيون السوريون، دفاعاً عن حقوقهم الأساسية في حرية التعبير، ومن أجل إرساء دعائم الديمقراطية، وبناء المجتمع المدني، القائم على العدل والمساواة، واحترام الحقوق والحريات وحمايتها.
لقد شكلت قضية حرية التعبير، مرتكزاً محورياً لنضال السوريين، وشكلت في الوقت نفسه مصدر تهديد خطير للصحفيين والكتَّاب على أيدي النظام الأمني الاستبدادي الأسدي، كما على أيدي بعض الجماعات المسلحة كداعش والنصرة، فتسابقت هي والنظام على منع ومصادرة حرية القول والكتابة والنشر، ولاحقت الصحفييين والكتَّاب، وتعرّض العشرات منهم للاعتقال والاختطاف والتعذيب والقتل، داخل سوريا وخارجها.
إننا، في الذكرى العاشرة لانطلاقة ثورتنا، ثورة مجيدة ويتيمة ومغدورة، إذ نؤكد وقوفنا مع أهداف من نادى من أجل الحرية والكرامة والعدالة، وإكبارنا لما عاناه السوريون في سبيلها من انكسارات وخيبات وتضحيات جِسام، فإننا ندعو شرفاء العالم بكتّابه وصحفييه ومثقفيه وقواه الحيّة، للنهوض بدور مشرِّف في مساندة السوريين من أجل انتزاع الحرية، وإسقاط الديكتاتورية الدموية، وفي وقف القتل والتدمير، وتفعيل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وإنهاء التواجد الأجنبي المسلح في سوريا بكافة أطرافه من إيران إلى روسيا وأميركا وتركيا وغيرها من صنوف المرتزقة والميليشيات.
كما نتوجه إلى مؤسسات المجتمع الدولي المعنية بحقوق الإنسان، من أجل العمل بجدية ومسؤولية لإطلاق سراح عشرات آلاف المعتقلين المدنيين السوريين، الذين اعتقِلوا بسبب نضالهم السلمي من أجل الحرية، والديمقراطية. وأن تعمل على حماية الكتاب والصحفيين، في مناطق العمليات العسكرية، وعدم تعريض حرياتهم أو حياتهم للخطر، والبحث في ضمانات جدية ملزمة لكافة الأطراف، من أجل ضمان حرية التعبير وعدم انتهاكها أو المساس بها.
المجد للثورة السورية، والأمل متجددٌ بانتصار الحرية على الاستبداد.
المجد والعرفان لشهداء الحرية في سوريا، وجميع بلدان الربيع العربي، في ذكراه العاشرة.
الحرية لجميع معتقلي الرأي، وحرية التعبير، في سوريا والعالم.
رابطة الصحفيين السوريين رابطة الكتاب السوريين