بطل…

0

محمد محمود العيسى، شاعر سوري، والقصيدة من ديوان قيد الطبع.

مجلة أوراق- العدد 15

أوراق الشعر

ضمة ريحان ودمعة ودعاء طويل

هكذا قالت لي أمي حين أعطيتها أول راتب لي أجر ” زق البحص”

من الشارع الضيق في آخر الطفولة إلى الطابق الثالث في أول الضوء.

*

لم يخطر ببالي أن يأتي يوم وألقي نصاً نثرياً أو قصيدة

أمام أكثر من شخص واحد

قلق في الحنجرة

وركاكة في الإلقاء والنحو ومخارج الحروف

أصاب بالإرباك فأتعثر بالهمزة والفتحة أو بضمة غير متوقعة

فينكسر خاطر فنجان الشعر

ويندلق فوق خدي طحال إرباك أحمر.

أهرول في كل صباح قبل أن تبزغ الشمس من حي “العويجة”

إلى آخر حي “بستان الباشا” حيث موقف دار المعلمين بسواره الافحج

لأمتطي من هناك حلماً محدودب الخاطر من حديد يسمونه

هوب هوب

*

هوب هوب..

زمان من صدأ ونكبات في مواسم القطن

دولاب منفوخ بأحلام من هواء سكري أحمر

ليأخذني إلى معمل السكر شرق المدينة بتسعين كيلو من الإحباط المعبد بالشعارات الملقاة على الوجوه والأحاديث التي تتم بين المرء ونفسه تحت طائلة تقسيم جائر لتضاريس اللسان

سنوات إنفلونزا الشعارات

وحصباء الفكر

أحزاب لها خوار تخبىء قرنيها تحت جبهة شيطان أشقر

سنوات من المكر السكري الأبيض..

وأنين في عظام المخابز الألية للدولة

التهاب بأسنان محالج الأقطان

والأمنيات المعبأة في معاهد الصم والبكم والعمى المدروس.

لا أذكر بأنني حملت محفظة نقود في جيبي

تعودتُ أن أحمل في جيب القميص هويتي

بعض النقود الوسيمة الوزن

وعلبة سجائر “حمراء طويلة “

كانت ضحكتي تتدلى من وجهي مثل حبات الكرز

وفي الوجد صوت ساقية بعيد

 قناة “من ورد وماء وأغنيات من ريف وجوع وقطع أصابع العشق إن زاد حد القبلتين

ضفيرة شقراء بخيوط عطر أخبئها تحت ساعة القلب.

بطل رغم الورق الذي تتكون منه أضلعي

أحلم في كل يوم خمس مرات

وأتوضأ بأغنيات الشجر مع النسيم والعصافير والضوء

أسابق خيوط الفجر إلى سطح الطابق السابع أحمل ستين كيساً من “البحص”

وزرادة الحجر

قبل أن تجف الزهرة في حنجرة عصفور بفارق زهرة

وأبكي قبل أن يبكي طفل مازحه الجوع وعض ضحكته من الأصابع والقلب

*

في العطلة المدرسية يتربع الصيف أمام القلب بعوز خشن وناب بليد

فأقتحم بكتفي النحيل سوار الجوع

أهرول من باب “الفرج”

ماراً بالساعة “التاريخية” محاذاة دار الكتب الوطنية

باتجاه باب “الجنائن” حيث ورشة باب أنطاكية ساحة العمال اليوميين

مدججين بالأحلام والمجارف وأدوات العمارة “والزنابيل” المفتوحة بالرجاء لأمل ينقض ظهر الجوع.

*

مصاب بأنفلونزا الربيع

أسأل عنك غبار حبات الطلع

وهتافات السنابل والمعامل والساحات وعناق الماء للماء

أطوّق اسمك بالمجاز البشوش الأزرق

زفرة البراكين والقصائد التي تأتي من تحت إبط النمل

عرق ينز من لحاء الشجر

خوف يخور أمام زهرة خوخ

وعتمة تفر من العتمة بموال

عاشقة لا تبكي في آخر الموال.

*

ماتزال فينا ضحكات البساتين والساحات

وزغاريد السواقي حين تفيض في أول كل ربيع

فتبتسم ذاكرتنا لرائحة أزهار المشمش واسمرار حبات التوت

في شجر يبتسم فوق خد الرصيف والكون.