“بانتظار غودو السُّوري” كتاب صدر أخيراً للإعلامية والأديبة السوريّة- الفلسطينية لَما الخضراء، عن دار “Soncag” في تركيا.
يوثّق الكتاب بعض فصول الكارثة السُّورية من خلال مقالات سياسيَّة وثقافيَّة نشرتها الكاتبة في موقعي صحيفة “المدن” و”أورينت نت” الإلكترونيين في العام 2013، وذلك عقب إعلانها مع فريق من زملائها أول انشقاق جماعيّ عن مؤسسات إعلام نظام الأسد، وبعد أن سحق الأخير جميع برامجها الإذاعيَّة ونتاجاتها الأدبيَّة التي أنجزتها خلال حياتها في سوريا، وفق الناشر.
تتناول لَما عبر ثمانية عشر نصّاً توزّعت على 136 صفحة، سلسلة من الآلام و18 قلباً محترقاً على نهر دم مسفوك لشعب توّاق لعرس الحريَّة.
وعلى نولها تنسج الخضراء مناديلها للشهداء والمعتقلين والمفقودين، وشاشها للجرحى والنازحين والمهجّرين، وتروي حكايتنا –نحن السوريين- بصدق المشاعر وأمانة التوثيق.
وتعاين على صفحات كتابها السمراء تربة الأحداث وتقرؤها بعين بصيرتها، مستقرئةً المخبوء بعد أن تفضح “الملك العاري” –رأس الشر الأسدي- وجرائمه، و”مغارة علي بابا وسرايا المتوحشين الأكثر من أربعين” –طغمته الضيقة وحاشيته المتوحشة.
وبكثير من الشفافية والوضوح، ومن دون تزويق للأوهام أو تثبيط للعزائم، تضع الكاتبة يدها على الواقع، مسمّية الأشياء بأوجاعها.
ولأن الزمن الثوري طال قهراً فإنَّ مناديل وضمادات الخضراء تشرَّبت حبّاً سُقيا أناس سوريين بائسين.
حملت بعض الأوجاع الـ18 عناوين أشبه ما تكون بحقول ألغام، وأخرى كأنها حقول من الحنطة، لتأتي على هذه الصورة:
“الثكنة السُّورية للإذاعة والتلفزيون، الإعلام السوري كفرقة رابعة، خلصت أطول فعل ماض لا يمضي، هيتشكوك.. في سوريا!، بائع الموت المتجول، قبل عشاء سوريا الأخير، ليس لدى الشعب السوري من يخاطبه، الأسد وجائزة نوبل للكيمياء!، عزيزتي سلمى، وهذه هويتي”.
اقتباس من المأساة
في خاتمة نصها المعنون: “بين ثقافتي الشَّعرة والمشط” تقول لما:
“في اللحظات الفاصلة بين عامين -أحدهما مضى متخما باللعنات، والثاني مثله على الطريق سيمضي ربما بمثل حظه- ـكنا نجهّز أنفسنا لممارسة صنعتنا التاريخية لدخول عتبة عالم الأمنيات بكامل مهاراتنا التي اختبرناها على مدار نصف قرن، حين سدَّ الأبواب في وجهنا حجر سؤال بسيط الى درجة الألم، رماه علينا في الغربة أصدقاء سويديون (عن الوعد الذي قطعناه على أنفسنا للعام الجديد) فتعثَّرنا.. (في المناسبات نحن لا نعد.. عادة نحن نتمنَّى!) أجبنا… لكن ما سمعوه منا عن خيوط الأماني الحريرية نغزلها لغدنا بدا غير مفهوم -رغم الترجمة اللغوية الدقيقة- قالوا (في مطلع العام الجديد، نحن دائما نقطع على أنفسنا وعدا، نفعل هذا على الملأ ليحاسبنا الأهل والأصدقاء.. نعمل لتحقيق وعدنا.. وفي مطلع العام الذي بعده نستعدُّ لوعد جديد”.
سيرة الخضراء
لما وفيق الخضراء إعلامية وأديبة سورية- فلسطينية من مواليد دمشق عام 1966. درست الأدب الإنكليزي في جامعتها، وعملت نحو عشرين عاماً في إذاعة دمشق، ولها العديد من البرامج النوعية خصوصاً في الدائرة الثقافية.
حاز برنامجها “من دمشق الى القدس.. رحلة الشوق” بتقديم والدتها الإعلامية بدور عبد الكريم ومشاركة الراحل محمد السعيد وإخراج حمدي شويكي، الجائزة الذهبية في مهرجان تونس 2010 (وقد أعلنت لما انشقاق الجائزة أيضاً).
تقيم حالياً في السويد وتعمل في الصليب الأحمر.
*تلفزيون سوريا