ذياب المفلح
كاتب سوري من الجولان مقيم في كندا
مجلة أوراق- العدد 17-18
أوراق الملف
استمرت المناوشات وعمليات الكر والفر بين إسرائيل وجيرانها العرب حتى شهر حزيران (يونيو) 1967 عندما شنت القوات العسكرية الإسرائيلية عدوانها على دول الجوار سوريا الأردن ومصر والتي كانت لها نتائج خطيرة على النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
شكلت مرتفعات الجولان مشكلة لإسرائيل بسبب التهديد السوري للمستوطنات الإسرائيلية في وادي الحولة والجليل الأسفل ويضاف إلى ذلك خوف الإسرائيليين من قيام سوريا بتحويل مجرى نهر بانياس عن نهر الأردن لهذا عمدت إسرائيل فور سيطرتها على الجولان إلى بناء المستوطنات لاستغلال الجولان ولما لمرتفعاته من فوائد استراتيجية وعسكرية.
الجولان هضبة جبلية معدل ارتفاعها يصل لحد 1000 متر، بمساحة تقريبية بحدود 1850 كم مربع، تقع جنوب سوريا بطول 65 كلم وعرض يتراوح بين 12 – 25 كم، وخلال حرب عام 1967 استولت إسرائيل على 1250 كم مربع منها. هذا وتقع منطقة الحمة في الجزء الجنوبي الغربي من الجولان عند نقطة التقاء الحدود السورية – الأردنية – الفلسطينية، وتتألف من مدينة سياحية وأراضي زراعية وبعض القرى التابعة لها مثل التوافيق والحاوي والروض الأحمر وروض القطف والبرج، وكانت تحت السيطرة السورية الكاملة مع الممر المؤدي إلى وادي اليرموك حتى حرب عام 1967.
ويلاحظ مما تقدم أن المناطق المنزوعة السلاح الثلاث بين القوات السورية والإسرائيلية كانت حتى بداية العمليات العسكرية على النحو التالي:
– المنطقة الشمالية تقدر مساحتها بحولي 7.5 كلم مربع بطول 5 كلم وعرض يصل لحدود 1.5 كلم كان ثلثها يتبع لسوريا خاصة في القسم الشمالي منها، أما في جنوبها فسيطرة القوات السورية كانت تمر بتل العزيزيات حتى جنوب قرية الدرباشية.
– المنطقة الوسطى غربي نهر الأردن سيطرت سوريا على هامش بسيط مما جعل نهر الأردن الحدود بين الطرفين، إلا أن السوريين اجتازوا بعض الأحيان خطوط الهدنة كما سيطروا على شاطئ بحيرة طبريا الشرقي الخاص بفلسطين والبالغ عرضه 10 م وحددوا مياهه مجالاً إقليمياً سورياً يصل لحد 250 م داخل البحيرة، هذا وقد سيطر السوريون على مساحة 34 كم مربع في هذه المنطقة.
– المنطقة الجنوبية سيطر السوريون على منطقة صغيرة شمالي قرية النقيب، ومنطقة صغيرة جانب منطقة كفر حارب، ومساحة ثالثة صغيرة غربي قرية التوافيق العليا كذلك على قرية الحمة وكل ضفة نهر اليرموك ومساحتها 30 كم مربع.
قامت القوات الإسرائيلية صبيحة الخامس من حزيران (يونيو) 1967 بهجوم عسكري على مصر وسوريا والأردن وما تبقى من فلسطين تحت السيادة العربية، واستمر العدوان لمدة ستة أيام تمكنت خلاله إسرائيل من تغيير الوضع الجغرافي والعسكري وإيجاد واقع جديد في المنطقة.
عندما اختارت إسرائيل فرض السيطرة على سيناء والقدس لم تترك على الحدود السورية قوة عسكرية كبيرة ووضعت خطة قبلت فيها إسرائيل غزواً سورياً لسهل الحولة وخسارة للناصرة، ومنذ ذلك الوقت لم يتوغل السوريون إلا قليلاً داخل فلسطين المحتلة. لكن بعد سيطرة إسرائيل على سيناء والقدس ركزت هجومها على سوريا، بعد إصدار الأسد وزير الدفاع آنذاك وعبر إذاعة دمشق البيان 66 وكانت بمثابة فتح الطريق والضوء الأخضر لتسليم الجولان لإسرائيل، ففي 9 حزيران (يونيو) تقدمت القوات الإسرائيلية شمال بحيرة طبريا وفي يوم 10 حزيران (يونيو) سيطر المشاة الإسرائيليون على القنيطرة ومسعدة، أما في جنوب بحيرة طبريا فتقدمت القوات الإسرائيلية حتى بتونيا.
مساء يوم العاشر من حزيران (يونيو) أصبحت الطريق إلى دمشق مفتوحة فعمد السوريون إلى تسليم الشعب في دمشق السلاح تمهيدا لحرب شوارع ضد القوات الإسرائيلية، عندها أعلنت إسرائيل قبولها وقف إطلاق النار، وقد حصلت على ما تريده بالمقابل من مياه وأراضي خصبة وتوسع استيطاني ومرتفعات استراتيجية تحمي عمقها.
أصدر مجلس الأمن الدولي خلال جلسات متتالية قراراً بوقف إطلاق النار اعتباراً من 6 و 7 و 9 حزيران (يونيو)، ففي 6 حزيران (يونيو) أعلن الأردن قبوله رسمياً وقف إطلاق النار، فيما قبلته مصر يوم 8 حزيران (يونيو) وتبعتها سوريا يوم 9 حزيران (يونيو) وعلى الرغم من قبول إسرائيل وقف إطلاق النار مساء 9 حزيران (يونيو) إلا أنها واصلت عملياتها العسكرية ضد سوريا للاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الجولان ذات القيمة الاستراتيجية من الناحية العسكرية والجغرافية.