يبدو أن بعض المطبِّعين بدأوا يمارسون وقاحة وصلافة من أجل إرضاء إسرائيل والراعي الأميركي، ويريدون فرض طباعهم وتطبعهم على الآخرين، فقد أصدر ملك البحرين مرسومًا في 21 يوليو 2022 بتعيين الشيخ خليفة بن أحمد بن عبد الله آل خليفة، رئيسًا لهيئة البحرين للثقافة والآثار، بعد إقالة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وذلك على خلفية رفضها للتطبيع، حيث عملت الشيخة مي في الإعلام والثقافة لأكثر من 20 عامًا.
وبحسب مصادر صحافية وتعليقات فايسبوكية، فإنّه في 16 يونيو 2022، عقد السفير الأميركي ستيفن بوندي، مجلس عزاء خاص في منزله بمناسبة وفاة والده، ودعا إليه بعض السفراء والمسؤولين، من بينهم السفير الإسرائيلي في البحرين إيتان نائيه، والشيخة مي بنت محمد، وأثناء التصوير، قام أحدهم بتعريف المتصافحين، وعندما وصلت الشيخة مي للسفير الإسرائيلي وعلمت جنسيته، سحبت يدها ورفضت مصافحته، وخرجت من منزل السفير الأميركي، وطلبت من السفارة عدم نشر أي صورة لها في مجلس العزاء.
وكان الكاتب السوري سلام الكواكبي علّق في فايسبوكه: “منذ أسبوع ونيف تلقيت دعوتها لإلقاء محاضرة افتتاحية في الموسم الثقافي في المنامة. اليوم أُقيلت من رئاسة هيئة الثقافة البحرينية لرفضها مصافحة السفير الاسرائيلي في عزاء والد السفير الأميركي. الشيخة مي آل خليفة، وزيرة الثقافة السابقة، افتخر بأنك من اختارني لمحاضرة الافتتاح التي لن ألقيها”.
وكتب الشاعر الفلسطيني إيهاب بسيسو: “رفضت مي آل خليفة مصافحة سفير دولة الاحتلال في المنامة خلال مناسبة عامة فتمت إقالتها اليوم من منصبها كرئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، ولم تعد وزيرة للثقافة… أقرأ الخبر بحزن وألم وأنا أفكر في تلك اليد، يد الشيخة مي التي صافحتنا مراراً، نحن الذين جئنا من فلسطين إلى البحرين مشبعين بصدى الصوت القادم من عمق الانتماء لنضالات الشعوب ضد الاضطهاد وسلب الحقوق الوطنية… أستعيد الصوت، صوتها الذي لم يكف عن الترديد دوماً: الثقافة فعل مقاومة… خصوصاً في ذلك اليوم الذي حملنا فيه صورة السيدة محفوظة عودة من قرية سالم في الضفة الغربية وهي تحتضن جذغ زيتونتها أمام جنود الاحتلال الموغلين في اقتلاع شجر الزيتون وتجريف ومصادرة الأرض الفلسطينية… اليوم الشيخة مي تضعنا أمام صورة جديدة من صور الحقيقة الناصعة وهي أن الانحياز للانسان – الضحية أمام ماكينات الفولاذ القاتل لا يمكن أن يتجزأ بل يزداد ثباتاً وتماسكاً وقوة تؤكد على أن الانسان في المقام الأول حق وحرية… لا تكمن القيمة الحقيقية للانسان في أي موقع رسمي أو في أي وظيفة عمومية أو خاصة، بل تكمن القيمة الحقيقية للانسان في الموقف وجوهر الانتماء للكلمة التي لا تعرف الصمت أو الحياد أمام ضجيج اللا عدالة الانسانية وصراخ الضحايا في متاهات الموت الاستعماري كل يوم… سمو الشيخة مي آل خليفة، أختنا القديرة والغالية، من فلسطين المهد والمسرى والجبال العالية والبحر الذي لا يكف عن صقل أرواحنا كل يوم بضرورة الأمل، رسالة مشبعة بكل المحبة والتقدير لك ولِيَدك التي لا تشبه سوى نخلة العرب الشامخة في الحياة والذاكرة ومنارة من منارات الحرية المضاءة بروح الشموخ الانساني والوطني المُلهِم… اليد التي لم تصافح صارت عنواناً جديداً مُلهماً لتحقيق العدالة الانسانية والوطنية، يد الشيخة مي آل خليفة النبيلة… شكراً لك، ولِيَدك”.
وكتب الصحافي معن البياري: “خبر طيب في نهاية هذا النهار، خبر حسن، يسعد المزاج. إقالة وزيرة الثقافة البحرينية السابقة الشيخة مي آل خليفة من رئاسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، لأنها رفضت مصافحة السفير الإسرائيلي في المنامة… نعرفها الشيخة مي، التقيناها في البحرين قبل الخراب التطبيعي الحادث حالياً. سيدة مثقفة ومنتمية لبلدها وأمتها.. إقالتها وسام لها. عفارم”.
ونبّه الكاتب العراقي ضياء النقيب إلى أمر لافت في فايسبوكه بعنوان “تناقض وعمالة”، فكتب: “(١) الشيخة مي آل خليفة وزيرة الثقافة البحرينية السابقة جرت اقالتها من وظيفتها كرئيسة لهيئة البحرين للثقافة والآثار لأنها رفضت مصافحة السفير الإسرائيلي في المنامة. تحية من القلب للشيخة مي على موقفها الوطني المشرف الرافض للتطبيع.(٢) السفير الأميركي في الكيان الصهيوني يخاطب المُغنّية #يوفال_ديان التي لم تصافح الرئيس #بايدن في زيارته تل ابيب ويبلّغها تقدير الرئيس الاميركي بايدن لها لتمسّكها بمعتقدها الديني”.
وقالت الاعلامية الفلسطينية ولاء البطاط: “الشيخة مي آل خليفة الحرة سيكتبك التاريخ بطلة أيقونة ملهمة لشرفاء بلدك وكلهم شرفاء… قال لي أحد الأصدقاء البحرينيين كلنا ضد التطبيع حكومة وشعباً وما يحدث لا علاقة لنا به حتى اننا لا نعلم ولا نسمع عن اي وجود اسرائيلي هنا، قال لي مصيرنا بيد دولتين ساقطتين ونحن لا حول ولا قوة لنا، كلنا ضد التطبيع. لا أعي المعنى الحقيقي لهذه العبارة الى ان اطاحت إسرائيل اليوم بوزيرة حرة بطلة من العائلة الحاكمة لانها علمت بالصدفة بوجود السفير الإسرائيلي في مناسبة رسمية للسفير الأميركي ورفضت مصافحته وانسحبت من المجلس، هذه الحرة كل البحرين، الوزيرة البطلة مي آل خليفة ابنة العائلة الحاكمة، أكدت ان البحرين كلها ضد التطبيع والايدي الخفية الساقطة تلعب في مصير الحكومات وليس فقط الشعوب، الوزيرة مي آل خليفة التي حرصت وبالتعاون مع سفير دولة فلسطين في البحرين خالد عارف على التواجد الفلسطيني على توعية الطفل البحريني وتثقيفه بكل ما هو فلسطيني على مدار سنوات اليوم أقيلت من منصبها لانها رفضت مصافحة السفير الإسرائيلي. الشيخة مي آل خليفة لك من كل الحب انت بطلة سيذكرك التاريخ أيقونة دعمت وساندت القضية الفلسطينية طوال الوقت واليوم تغادر منصبها بسبب موقفها المشرف الحر، لك من كل احرار العالم كل التقدير، اما سفارة دولة فلسطين في البحرين فكان الله في عونهم وهم اليوم يعملون بألم ورغم ما حدث فإنهم يعملون بجهد عشر سفارات حتى على مستوى عائلاتهم من اجل ان تبقى فلسطين حاضرة باقية شعبياً ورسمياً في البحرين وستبقى بمشيئة الله وبجهودكم ومواقف الأحرار”.
وكتب إميل الغوري: “كل التحية والتقدير والاحترام للشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة البحرينية السابقة التي رفضت مصافحة السفير الصهيوني، فتم إقالتها من رئاسة مؤسسة البحرين للثقافة والآثار. هذا هو الموقف الحقيقي النظيف للأمة العربية والإسلامية .. رفض كامل للكيان المحتل و لوجوده و رفض التطبيع معه. إما نحن أو هم… بالتأكيد نحن”.
وفي وقتٍ سابق، رفضت الشيخة مي، السماح لمستثمرين يهود من أميركا بتشييد حي يهودي مع كتابات ارشادية ونجمة داوود تستقبل السياح من باب البحرين حتى الكنيس اليهودي.
وكان البيت الأبيض أعلن في أيلول/سبتمبر 2020، أنه تم التوصّل لاتفاق تطبيع بين إسرائيل والبحرين، خلال مكالمة هاتفية بين الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب، وملك البحرين الحالي حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.
أمام هذا المشهد، التحية والتقدير هو أقل ما يُستطاع اتجاه مي آل خليفة، الرافضة للتطبيع وسلام الإذعان.
*المدن