إرسون تِشبلاك: وحيداً تماماً لأنحتَ حدودي

0

دفتر السَّير

إلى يَغْمور

لو انتحرتُ
كانت ستحزن أُمي كثيراً
وسَتُوزَّع الحلوى والأطعمة في العزاء، ويُقرَأ القرآن
ويوماً بعد يوم
ستقلُّ زيارات أمي للمقابر
لأنها لا تستطيع قيادة السيارة

سينتكس مرضُ أخي
وسيحرق السجائر مع النبيذ والبيرة
ويحضن طفلَه ليعزّي نفسه
ويغنّي قصيدة تنتهي بـ”زهرة السَّهل”

لم يكن أبي ليتحمَّل هذا
لقد رأيتُه بعد وفاة أختي
وهو يغلق الغرفة على نفسه
ويَجْأر مثل الدبّ الذي وقع جروه في الفخِّ

كان من المستحيل أن تشاهد أختي انتحاري
لقد كانت مثل أيام العُطلة، ورمل الشاطئ ومِلحِ البحر 
وعندما هبّت العاصفة بدلاً من النسيم
سقطتُ كشجرةٍ نُخِرَ جذعُها

لستُ متأكّداً ممّا كان سيفعله الآخرون
ربّما يفتح أحدُهم دفتري بعد فترة
ويتنهّد الشطر القائل:
“لا تُعطوني الدواء ففيه هلاكي”.


■ ■ ■


مكتب عقاري

أماكن الخزانات المُفكَّكة معروفة
والبُقع خلف اللوحات، وأماكن المسامير أيضاً
لقد تمزَّق الخشب المُقوّى، وتدلَّت الكابلات
تقشَّر ورق الحائط المُزيَّن بالورود البيضاء والسوداء

رائحة اللحم العفن في الثلّاجة، والجُبن، والزيتون الذي تجمَّد زيتُه
المناديل المُكوَّرة، والفوط المُجعدة
دائرة منتظمة محل أنبوبة الغاز
صنبور صدئ، وقطرات مياه

الصورة الممزّقة على الأرض…
21 – 06 – 2016
وشريط لاصق مُتكوِّر
سكينٌ تكسَّر أَحَدُ أسنانه 
وشظايا الإطارات الخشبية

إذا أردتم بيتاً بهذا الحال
فهو مثل كلبٍ مَرْكول، 
انزوى، ودلَّى ذيلَه 
وبعينينِ خائفتينِ
يلعق جراحَه بلا توقف. 


■ ■ ■


ظلام

جئتِ متعبةً وعبرتِ حدوداً بعيدة
رأيتِ مواسم مختلفة وأنهاراً وجبالاً
لم تتألّمي أبداً، وقد أطعمكِ الحلم،
وجعلكِ تركضين وراءه
وحتى لو أدرتُ وجهي فلن أستطيع رؤيتكِ
يدٌ مقطوعة تمتدُّ وتغلق عيني

فهمتُ أنّ الظلام اعتيادي
لقد أحببت شعبي، مثلك على الأقلّ يا غارسيا

يقولون الشمس، ويقدِّمون وعاءً من الماء
شربتُ، ورأيت نفسي مّرة أُخرى، لو تعرفون كم هو مخيف!
يقولون اشرب ليبردَ عَرَقُكَ، وينفثون في جلدي
أقول ليكن مثل أي شيء آخر، شكراً لكم
وأنسحب إلى مغارتي، وحيداً تماماً لأنحتَ حدودي

يبدو أنّ المنفى يروي الحكاياتِ يداً بيدٍ مع صبيّ غير حليق
يسأل صاحب العيون الخضراء وهو ينظر إلى السماء:
هل هذه هي الشمس، ماذا تفعل هنا كلَّ صباح؟
يفكِّر عاملُ غسل الصحون في عَقْدِ ابن آدم مع الله
لا أعرف من هي، لكنّها تصبغ شعرها باللون الأسود
حتى لا يعود المساء مرّة أُخرى
أُمسك بأحدهم، ولا يتوقّف الآخرون، أقول توقّف… توقّف

إذا كان الزرع الغضُّ لا يُحصَد يا غارسيا
فلماذا يركض هذا الحشد وفي يده المنجل؟


Ersun Çıplak شاعر تركي من مواليد أضنة عام 1976. تخرج من قسم الإرشاد النفسي في “جامعة تشكوروفا”، ويعمل أستاذاً فيها. إلى جانب إصداره لمجلة أدبية فكرية باسم “الكتابة السوداء”، بدأ بنشر أشعاره منذ عام 2003 في مجلة “فارليك”. صدرت له مجموعتان شعريتان: “أمانة ناقصة” (2009)، و”لا تفهم أنت” (2017)، بالإضافة إلى بعض الكتب النقدية منها: “من الفوضى إلى البحث عن نظام” (2020)، و”قول آخر في الشعر التركي المعاصر” (2021).

*العربي الجديد