أغيث حزني بالصلاة..

0

ناريمان حسن، شاعرة كردية سورية مقيمة في تركيا، من مواليد 1997.  لديها مجموعة شعرية قيد الطباعة بعنوان: “أشياء يدَّخرها المرء لنفسه”.

أوراق 19- 20

شعر

الأمر ليس غريباً

الأمر ليس غريباً

لا تتجاوز الحياة سوى لمحة قصيرة

التقطتُها بالأبيض والأسود

لطفل صغير..

يقول الأطباء:

أن عمره لن يتجاوز عمر زهرة الزنبق. 

يناظرني الغرباء بحيرة واسعة

يهرول أطفال هذا العالم إلى ذراعي مبتهجين

تمسح القطط حزنها بثيابي وتستكين..

الآباء الحزانى الذين أصادفهم يومياً يمسدون أعمارهم كلها على رأسي…

الفقراء يفركون حسرتهم بدمائي

كل امرأة تبكي تريد اطمئناناً

يا إلهي؛

منذ متى أصبحت أماً لكل هذه الحسرات.

أمر هام سقط من يدي وأرتحل،

خساراتي دوماً

تكمن في الجوهر

الجوهر الهام الذي يمثل كينونتي

لم أبك يوماً

لفقداني أشخاصاً أو فرصاً، أو أيًّا من البرقيات الهامة التي وصلتني وأنا منشغلة أو ضائعة في مكان ما…

ولكني،

بكيتُني بشدة..

بكيتُ الشرخ الذي يتوسط خطواتي وكينونتي.

الكلمات كلها زائلة

الصوت الشجي الذي ينقر في صدر كينونتي سيستيقظ يوماً

ليقول لي وداعاً.

الشبح الغارق في أسطوانة غرامافون طويلة

يقول للحزن تحرر!

الأصابع الهزيلة التي تنقر بخفة على وتر القلب يقول للحب استيقظ.

البكاء المتواصل لقلب أنهكه الجفاف يقول للمطر أرجوك؛

توقف.

أغيث حزني بالصلاة..

يُتهم قلبي البليد بغير البلادة

يتهم ببئر ترفعه

وهو هشّ، ومفترس

يتهم بأنه أحد أبطال هذا العالم الجديد

وهو مجرد حشرة!

حشرة باكية تزّن داخل صدري.

أقول في بداية كل أعوامي

بأنني الآن أكثر اتزاناً

ولا حاجة لي للغرباء ليثبتوا أمنية جديدة لأجلي

تضاف إلى قائمة خيباتي لاحقاً

أقول لنفسي أيضاً

بأنني كل الغرباء، والمنافذ، والأصدقاء

ولا أفضل مني

بتشييع سيرتي لمثواها الأخير.

أُغيث حزني البليد بالصلاة

أمد يدي المبتورة نحو المنافي البعيدة

فما أشد حاجتنا

لقوة مجهولة تغيثنا

حين نوشك على الانطفاء.

يقتلنا الحزن

عامٌ تلوَ الآخر تزداد حصيلته بالتضخم

الهياكل التي تتآكل فينا

الحراس الذين يسقطون في حروبهم الطفيفة من أعماقنا

الروائح التي نفتقدها، والوجوه التي تدفن برّقة في دهاليزنا

والصغار

الذين نستأصل أطرافهم كسفاحي الحروب بالإجهاض

نحن أيضاً

 صغار الحزن الذين تم إجهاضهم.

تخشبت عظامي من الوحدة

ما من أحدٍ انتظرته وأتى

ما من أحدٍ

تفقد شبح سترتي الصوفية، وما إذا كانت مظلتي مبللة

أم أن الحنين قد امتصها!