انتقل الشاعر والكاتب السوري عادل الغضبان (1905 – 1972) من مدينة مرسين التركية التي وُلد فيها، إلى مدينة القاهرة عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، حيث التحق بوالده الذي عمل ضابطاً في الجيش العثماني، وهناك درس في “معهد الآباء اليسوعيين” (الجزويت) وعمل مدرّساً ثم موظفاً في المحاكم، فمديراً للقسم الأدبي في “دار المعارف”؛ أكبر دور النشر العربية آنذاك.
أسّس صاحب ديوان “من وحي الإسكندرية” مجلّة “الكتاب” التي أصدرت “المعارف” عددها الأول في تشرين الثاني سنة 1945، وانتظم نشرها حتى تموز/ يوليو عام 1953؛ أي قرابة ثمانية سنوات اشتملت على تسعة وسبعين عدداً صدرت حديثاً عن الدار مجموعة في اثني عشر مجلّداً.
طُبع العدد الأول تحت شعار “مجلة شهرية للآداب والعلوم والفنون”، وأصبحت واحدة من أبرز المطبوعات الثقافية العربية إلى جوار “الرسالة” التي ترأسها أحمد حسن الزيات، و”الثقافة” برئاسة أحمد أمين، و”الكاتب المصري” التي كان أشرف عليها طه حسين.
وضمّ العدد نفسه مجموعات مقالات لكلّ من عباس محمود العقاد، وأحمد زكي، وشفيق جبري، وزكي حسن، وأحمد خاكي، وهدى شعراوي، وعائشة عبد الرحمن، وأحمد شاكر، وتوفيق الحكيم، وإسماعيل مظهر، وإبراهيم المازني، وعبد الوهاب عزام، وعلي الجارم، وغيرهم.
ووجّهت “المعارف” رسالة تمنّت فيها “أن يكون لها يد في تمكين أعلام مصر وجاراتها من توجيه الشعوب العربية إلى توطيد دعائم سيادتها عن طريق الرفيع العالي من العلوم والآداب والفنون”، وقامت رؤيتها على الجمع بين التراث الأدبي العربي وفنون الحداثة، والانفتاح على ثقافات العالم شرقاً وغرباً.
يشير العديد من الدارسين إلى الدور المهم الذي لعبه الغضبان بما عرف عنه من اتساع معارفه وغزارة ثقافته، وقدراته في الإدارة والتنظيم، حيث وصفه العقاد بقوله “إني لأعجب لهذا الشاعر خريج الجزويت، الذي يملك ديباجة عربية قلّ أن يملكها خريج الأزهر”.
وقد ترأس صاحب “قيثارة العمر” بعد إغلاق “الكتاب” مجلة “إقرأ”، وواصل نشر أعماله الشعرية، كما ألّف مسرحيات عدّة منها: “أحمس الأول” و”ليلى العفيفة”، وأصدر دراسة حول سيرة وتجربة الشاعر اللبناني نجيب الحداد (1867 – 1899).
في الأعداد اللاحقة من “الكتاب”، كتب أيضاً بطرس البستاني، وعائشة بنت الشاطئ، وخليل مطران، وزكي طليمات، وسلامة موسى، وصلاح المنجد، وفؤاد صروف، وقدري حافظ طوقان، وميخائيل نعيمة، ومحمود تيمور، ووداد السكاكيني، وعزيز أباطة، وعبد الرزاق السنهوري.