أحمد رافع: متى تستيقظ جدائلكِ

0

سيما التراب خائف
والماء يلوذ بالفرار نحو الكهوف
وأنا أحبس البحر بكفي
هل قلتِ أنا شدة الورد الزائرة لإحدى ضفائركِ؟
فما بينهما مياه مثقلة بالزوارق
وشلال يتمايل بحضن الهواء المكتوم
مثلِ خصركِ في رقصته الأخيرة
أواه يا لتلك الرياح السريعة
توقظ جدائلكِ في ظلها أغصان الكروم
لترفرف دونما وقت
ومن يفجر أُذن الفجر
غير الديك العارف بصيحته الأولى
وأنا لا صباح لي
حتى لو يأخذني الديك ليطفئ جمرات الويل
لن اتزحزح، لن أتخلى عن سجني
وقوفي عند الليل طويل
حتى لو كانت ضفائرها تتمشى
لن أسبقها، لا أعبرها حتى
بل كيف اجتاز الغابات المتخمة بالأغصان
أهذه خيوط الشمس
من يتسلقها النار؟
لا لن أتسلى بعد الآن
بل كيف أدحرج في كفي البركان
اسرع أيها الإعصار ولفني
مثلما تطوي جدائلها
في لحظة الغروب في لحظة الشرود
تغني، فتهرب من مائدتنا الكؤوس
وتعنى لي بذخيرة الأمس يا ماضيا كالرصاص
وتهيم بموجٍ قادم يا مستقبلا كالماء
فاسرع أيها الإعصار الذليل..
لا تغفو على كتفيها
ولا تدلني أين تستريح مدامعها
وكيف أقبض على الجمر
لو لم يلفني الإعصار في دورانِ الشفاه
أهذا التقبيل!
وذلك العناق الزجاجي
فلنتهشم، فلنكن أجزاء صغيرة
لا تقوى على الجمع!
فمتى اليقظة تقف
ولمن قلبي يبقى يصيـح
دون جدوى أجمع الصدى وأنسى
بيدي صوت الرياح
لمن أطلقه؟
من يعرف تمايلا حتى أذرف من جفني العاصفة!
وعلى صخرة الملتقى تلتاع الأفئدة
فتبقى دون وقتٍ تستريح فيه العصافير
فلماذا تهز الأشجار
لا زقزقة تتصاعد على الشرفة
لا ثمرة تمشي على ظهر الفلاح
ولا أوراق خضراء يستأنس فيها قلب البستان
فاسرع يا مطر
فساعة الهطول تومئ من بعيد
وتنتهي بالتراب رائحة كاللقاء الأخير
وحيثما كان الموج يعرج
فتنبيه الرياح تلعبُ بمزاج الشراع
وحيثما تقول خصالها في الشتاء:
لا تذرني قصيدة في الرياح،
لا تستأخر فستاني عند النافذة،
لا تمزجني بالغيمةِ السكرانة قطرة دونما عنوان،
لا تشدني على محمل الورد،
لا تطويني كالورق.
فتنتهي لأبعد الطريق إشارة تختفي في الضباب

*القدس العربي